جواهر
في ظل غياب الرّقابة

مرشدات غير مؤهلات يتطفّلن على الفتوى والدعوة

أماني أريس
  • 1783
  • 21
ح.م

حفظ عدد قليل من قصار السور القرآنية، وبعض الأدعية والأذكار مع حجاب شرعي وهيئة توحي بالالتزام كفيلة بان تكسبهن سمعة جيدة وتمنحهن رتبة مفتيات بتزكية من الأميات ومن من يمتلكن رصيدا هزيلا من الاطلاع والتفقه في أحوال الدين والدنيا، وهي الترقية التي لا ترفضها بعض المرشدات المتطوعات في المساجد والجمعيات الدينية حتى لو كن لا يملكن من العلم الشرعي نقيرا، فينتقلن بسلاسة من الإرشاد والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، إلى تقديم الفتوى في مختلف المواضيع، والتطفل على الدعوة بنقل عدوى الجهل والأكاذيب المؤلّفة، والخرافات المنتشرة في عالم الانترنيت إلى جمهور الواثقات بهن وبعلمهنّ!

ورغم حرص وزارة الشؤون الدينية على اِنتقاء مرشدات تتوفر فيهن شروط محددة، لمكافحة الجهل والتطرّف والطائفية والأفكار الدخيلة على مجتمعنا، إلاّ أن سوق الفتوى العشوائية مازال لها رواجها مادامت تجد الكثير من طالبيها، في ظل فراغ الساحة من النخب المؤثّرة، وغياب الرقابة وانتشار عدد من المتطوعات للإرشاد والتوجيه عبر المساجد والجمعيات المدنية.

ويكفي سرد بعض القصص التي وصلت إلينا للوقوف على الدور الخطير لهذا الصنف من المرشدات، وقبل ذلك الوقوف على حالة التيه التي تعاني منها أعداد معتبرة من النساء المترددات على المساجد بنية محو الأمية الدينية، وحفظ كتاب الله ومعرفة سنّة نبيه عليه الصلاة والسلام.

ومن النماذج التي كنا عليها شهودا بالسمع والبصر، ما أفتت به إحداهنّ لعروس تتأهب لزفافها، حيث تقول بثقة كبيرة يجوز للعروس ترك الصلاة لفترة لا تتجاوز الثلاثة أيام ابتداء من يوم زفافها، وعندما سألناها عن مصدر الفتوى أجابت أن المرشدة الدينية هي من أفتت لهنّ بذلك!

وفي ذات السياق تخبرنا حنان أن والدتها عادت قبل حوالي شهرين من المسجد تحمل في يدها ورقة، خطّت فيها دعاء طيبا تتخلّله الأذكار مختوما بدعوة إلى إرساله لعشرة أشخاص، ليتحقّق وعد سماع الخبر السّار لناشره، حسب ما قالته لهنّ المرشدة.

ومن مهازل الفتوى إلى مهازل الدعوة وحيل المرشدات لهداية غيرهنّ، حيث تتخذ بعضهن الأكاذيب وسيناريوهات الرعب أسلوبا لتخويف من يعتبرهنّ ضالات أو عاصيات، وفي هذا الصدد تقول إحدى الفتيات أنها تتجه إلى المسجد لأداء صلاة التراويح في حجاب تركي أخضر وخمار متناسق معه في اللون، فاقتربت منها المرشدة الدينية بالمسجد ونصحتها بتغييره لأنه لا يعتبر حجابا شرعيا، ولا يجوز لها الصلاة به، لكن الفتاة تجاهلت كلامها، واستمرت في ارتدائه والتردد على المسجد به، لتتفاجأ بالمرشدة تسحبها منفردة بعد انتهائهم من الصلاة وتروي لها أنها رأتها في المنام تحترق وهي ترتدي نفس اللباس، إلى أن أصبح جسدها أسودا متفحما، مؤكدة أنها رسالة إلهية لها لترعوي عن الاستهتار بالحجاب والصلاة، وتضيف الفتاة أنها بعد فترة قصيرة، جمعتها الصدفة وفي نفس المسجد بفتاة أخرى تبين أنّها سمعت نفس القصة المرعبة من تلك المرشدة بسبب شكل حجابها.

وتكمن خطورة هذه الممارسات في كونها أداة لتكريس الجهل، وتمديد سبات العقول التي تنطلي عليها الخرافات والقصص الساذجة، حيث كثيرا ما تثق الضحية في كلام مرشدتها وتعتبره وحيا لا يأتيه الباطل، وهو ما لحظناه من خلال نقاشنا مع ناقلة فتوى إجازة ترك الصلاة للعروس لمدة ثلاثة أيام.

مقالات ذات صلة