-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مسؤولية تاريخية

مسؤولية تاريخية

تقع على اللّجنة الجزائرية المكلفة بملف الذاكرة مسؤولية تاريخية على اعتبار أنها المرة الأولى منذ الاستقلال التي يُفتح فيه ملف الماضي الاستعماري الفرنسي بالجزائر على الصّعيد الرسمي، ومن الواضح أن معايير صارمة تم اعتمادها لاختيار الشّخصيات العلمية في عضوية هذه اللّجنة، على رأسها الجانب العلمي وهو ما يتوفر في جميع أعضاء اللجنة، فجميعهم أساتذة جامعيون يزاولون التّدريس والبحث العلمي منذ عقود، وساهموا في تكوين المئات من أساتذة التاريخ في الجامعات الجزائرية، بالإضافة إلى معيار آخر لا يقل أهمية عن معيار الكفاءة العلمية، هو الحضور في الشأن العام، موظفين كفاءاتهم العلمية في خدمة الذاكرة الوطنية وربط الأجيال الجديدة بالماضي التليد.

وقد تعاظمت مسؤولية هذه اللجنة إثر الكشف عن الأسماء المكونة للجنة الفرنسية بعد تأخر الطّرف الفرنسي في ذلك لأشهر، ما ترك العديد من التّساؤلات عن السّبب الذي دفع الطرف الفرنسي إلى التّريث في إعلان أسماء الشّخصيات العلمية. وما يلاحظ على هذه اللّجنة الخماسية أنّ أغلبهم ممّن يطلق عليهم مصطلح “الأقدام السوداء” ويتعلق الأمر ببنجامين ستورا “Benjamin Stora” المولود في قسنطينة عام 1950، وجاك فريمو “Jasques Frémeaux” المولود بالجزائر العاصمة عام 1949، وهو أستاذ التاريخ الاستعماري بجامعة السوربون وعضو أكاديمية ما وراء البحار، وجون جاك جوردي ” Jean Jacques Jordi” المولود بالجزائر العاصمة عام 1955، وله العديد من المؤلفات حول تاريخ الحركى والأقدام السوداء.

انطلاقا من هذه التركيبة يمكن أن نستشف التّوجه العام للطرح الفرنسي في موضوع الماضي الاستعماري في الجزائر، والذي قد يأخذ مسارا تكون الدّولة الجزائرية هي المطالبة ببعض التنازلات المتعلقة بالحركى وأبنائهم والأقدام السوداء، أو حصر معالجة الماضي الاستعماري في قضية الأرشيف والتجارب النووية فقط على أهمية هذين الملفين، وهنا تكمن المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق اللجنة الجزائرية.

لقد تابعنا كيف حاول بنجامين ستورا في تقريره تقزيم ملف الماضي الاستعماري واختصاره في قضايا هامشية تأخذ طابع الفلكلور أحيانا، من خلال الحديث عن نصب تذكاري والاعتراف بالضلوع في قتل محام جزائري، والحديث عن بعض الجوانب المتعلقة بالأرشيف كتمكين الباحثين من الاطلاع عليه، وهو التقرير الذي كان محل انتقادات كبيرة في الجزائر، على أساس أن ملف الماضي الاستعماري لفرنسا في الجزائر يجب أن يعالج بطريقة أكثر شمولية.

لذلك؛ فإن هذا الملف إذا فتح مع الطرف الفرنسي يجب أن لا يُغلق قبل معالجة كل التّفاصيل المتعلقة بالماضي الاستعماري، بما فيها الممتلكات والثّروات المنهوبة منذ دخول أول جندي إلى الجزائر سنة 1832 إلى غاية خروج آخر جندي منها سنة 1962، وكذلك الشأن بالنسبة للأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بأجيال عديدة من الجزائريين من كل النواحي، ثم المرور إلى الخسائر في الأرواح خلال المجازر وأعمال التصفية التي طالت الجزائريين منذ مجزرة العوفية مرورا على مجازر الأغواط والفراشيش وماي 1945 إلى ما حدث خلال الثورة التحريرية، إضافة إلى ملفات الأرشيف والتجارب النووية والقضايا الأخرى المرتبطة بسياسات الطمس الثقافي والتجهيل والتهجير.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!