اقتصاد
جائحة كورونا والضرائب الباهظة تعصفان بالنشاط

مستوردو الأثاث يقتربون من الإفلاس

سمير مخربش
  • 2768
  • 9
أرشيف

تعرف تجارة الأثاث المستورد تراجعا كبيرا أدخل المستوردين في حالة جمود وانتظار، بعد دخولهم في أزمة حقيقية من شأنها أن تعصف بهذا النشاط الذي أضحى مهددا بالإفلاس والزوال، وفي المقابل لازال الكثير من النجارين المحليين يبيعون الخردة والمنتج المغشوش للمستهلك الجزائري.

عينة من هذا النشاط تتضح ملامحها بحي دبي التجاري بالعلمة بولاية سطيف، الذي اشتهر منذ سنوات بتعدد أنواع الأثاث الراقي، المستورد من الصين وماليزيا وأندونيسيا، والذي كان يعرف رواجا كبيرا بالنظر للجودة الفنية ومتانة الخشب المستعمل في تصنيع القطع التي تزين المنازل. فإذا كان المنتج الصيني يركز على الجانب الشكلي والتنويع في المواد الأولية، مع إدخال مواد أخرى لتعويض الخشب من أجل إنقاص التكلفة، إلا أن الصناعة الماليزية لازالت تركز على متانة الخشب وجودته وطول عمر المنتج، فمثلا الخزانة الماليزية تجدها متينة ويمكن تفكيكها وتركيبها عدة مرات دون أن تفقد قيمتها، ولذلك يختار العديد من المستوردين الجزائريين، ماليزيا كوجهة حيوية لاستيراد الأثاث بمختلف أنواعه مع التركيز، خاصة على غرف النوم التي يقتنيها الجزائريون بكثرة باعتبارها أول مشروع للعرسان الجدد.

لكن هذا الرواج فقد بريقه في الآونة الأخيرة ليس فقط بسبب الجائحة التي عرقلت إلى حد ما حركة الاستيراد، وأوقفت حفلات الزواج وعقود القران، بل حسب الناشطين في الميدان بمدينة العلمة، فإن العامل الأكثر تأثيرا على استيراد الأثاث يكمن في الضريبة الجمركية المفروضة على المنتج، والمقدرة بنسبة 129 بالمائة فإذا اشتريت قطعة بـ10 ملايين سنتيم ستتجاوز تكلفتها 23 مليون سنتيم، وهذا ما يفسر الارتفاع الكبير لأسعار الأثاث المستورد الذي لم يعد في متناول الجميع. وهذا الإجراء الضريبي حاصر المستوردين وضيق عليهم لينعكس ذلك على نشاطهم الذي تراجع، وأجبر العديد من المستوردين على الانسحاب من هذا القطاع. وقد تم التضييق على المستوردين بهدف تشجيع الإنتاج المحلي، لكن للأسف المنتجات المحلية، ما عدا قليل من الاستثناءات، لا زالت لم ترتق بعد إلى المكانة المرجوة منها بالنظر للنوعية والجودة، فما يصنع من طرف النجارين بالعديد من الولايات ينقصه الإتقان، خاصة في اللمسات الأخيرة، بل العديد من المنتجات يحوم حولها الغش في التصنيع فيدعي أصحابها انها مصنعة بالخشب الأحمر وخشب الزان، إلا أن الحقيقة غير ذلك فتجدهم يركزون على وضع الخشب الحقيقي في الحواف، بينما قلب المنتج يكون بالنشارة والقطع المرسكلة وهي الظاهرة التي تجدها خاصة مع الخزائن والأبواب. كما أن أسعار المنتجات المحلية أصبحت هي الأخرى باهظة الثمن فمثلا غرفة النوم المستوردة يبدأ سعرها بـ20 مليون سنتيم، وهو نفس السعر الذي تبدأ به غرفة النوم المصنعة محليا. ويرى المستوردون، أن السياسة المنتهجة في هذا القطاع لم تكن موفقة، فلا هي طورت المنتج المحلي ولا هي سمحت للمنتج الأجنبي بالوصول إلى المستهلك بأسعار معقولة.

مع العلم أن المنتج المحلي يعتمد على الخشب المستورد ولازال مرتبطا بما يأتي من وراء البحر، والقطاع لا يمكنه أن يتحرر من الاستيراد، والنجار الجزائري لم يطور صناعته، ولم يصل بعد إلى درجة الإتقان، وهناك من لازال يغش في المادة الأولية، والدليل نجده مع كل من رحل إلى مسكن جديد فيضطر إلى تفكيك الخزانة لترحيلها، وحينها يكتشف أنها غير قابلة للتركيب من جديد، خاصة بعد تآكل مواقع البراغي. ولذلك فالمراقبة ينبغي أن توجه إلى المنتج المحلي، الذي يحتاج إلى مراجعة من حيث الجودة والإتقان في التركيب والاستفادة على الأقل من تجارب الأسيويين.

مقالات ذات صلة