-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مسخرة في أصفهان!

حسين لقرع
  • 2724
  • 0
مسخرة في أصفهان!

مسخرة! هذا هو الوصف الذي أطلقه وزير الأمن الصهيوني المتطرّف إيتمار بن غفير على “الضربة العسكرية” التي وجّهها الكيان لإيران يوم الجمعة ردّا على هجوم 13 أفريل، والحقّ ما شهد به الأعداء؛ فمقابل ستين وثلاثمائة (360) طائرة مسيّرة وصاروخٍ أطلقتها إيران على ثلاث قواعد جوية للاحتلال بالنقب المحتل (ريمون، حرمون، نفاطيم)، لم يردّ هذا الأخير سوى بثلاث مسيّرات صغيرة انطلقت من إيران نفسها عبر عملائه، وأسقطتها الدفاعات الأرضية الإيرانية بكل سهولة بعد أن تمكّنت إحداها من تدمير رادار بطارية صواريخ “آس 300” الروسية للدفاع الجوي بقاعدة أصفهان الجوية.

أسبوع كامل والاحتلال يرغي ويزبد ويتوعّد إيران بردّ قويّ يردعها عن مهاجمة قواعده بفلسطين المحتلّة مستقبلا، وكانت التوقّعات تشير إلى هجوم كبير بعشرات الطائرات العسكرية والمسيّرة ومئات الصواريخ، ليكون الردّ في مستوى الهجوم الإيراني على الأقل، بل إنّ بعض المتتبّعين توقَّعوا أن يغتنم الكيان هذه الفرصة النادرة لضرب المنشآت النووية الإيرانية وتدميرها قبل أن تنجح طهران في صنع قنبلة ذرّية، لكنّ الاحتلال الذي عقد عدّة جلسات لمجلس حربه أظهر خلالها ارتباكا واضحا وتردّدا طويلا، لم يرد في النهاية سوى بثلاث طائرات صغيرة لا يمكنها السير أكثر من 35 كيلومترا، ومن داخل إيران نفسها، وأسقطت في النهاية من دون أن تتمكّن سوى من قصف هدف واحد، ثم أحجم حتّى عن تبنّي العملية وقدّم أمرا صارما لوزرائه وسفرائه بالامتناع عن الإدلاء بأيّ تعليق.. أليس هذا كلُّه دليلا على أنّ الاحتلال قد أصبح مردوعا ويحسب ألف حساب لأيّ عدوان قبل أن يقوم به، وهو الذي كان لا يتردّد لحظة في قصف أيّ هدف في أيّ بلد عربي أو إسلامي، ويعربد في أجوائه كما شاء، ويفخر بتفوّقه الجوّي والعسكري الصّارخ الذي يمكّنه من حسم حروبه في أيام قليلة؟

اليوم يبدو أنّ هذا التفوّق الكبير الذي أرعب الجيوش العربية مجتمعة عقودا طويلة ودفع دولا إلى الاستسلام والتطبيع وحتى التحالف معه، هو في طريقه إلى التراجع المستمر أمام تطوّر القدرات العسكرية لإيران و”حزب الله” والمقاومة الفلسطينية ودخول الطائرات المسيّرة والصواريخ المجنّحة وفرط صوتية على خط المواجهة، وبالنتيجة تآكل الردع الصهيوني ولم يعد يخيف أحدا بدليل ما حدث في غزوة 7 أكتوبر المباركة، ثم توسّع دائرة المواجهة اليومية إلى جنوب لبنان وإن كانت باشتباكات محسوبة، وصولا إلى الحوثيين الذين يكادون يحرّمون باب المندب على سفن الاحتلال وداعميه، ثم الرد الإيراني الأخير في عمق الكيان بـ360 صاروخ ومسيّرة.

الرد الصهيوني الهزيل يدل على أنّ الكيان قد خضع لقواعد الاشتباك الجديدة التي فرضتها إيران، وأنّ هجوم 13 أفريل لم يفشل كما ادّعى قادته، اليوم بدأت تتكشّف الحقائق وتتحدّث “معاريف” العبرية عن إسقاط 84 بالمائة من المسيّرات والصواريخ الإيرانية في ذلك الهجوم وليس 99 بالمائة، كما زعم قائد أركان جيش الاحتلال، وهناك فرق واضح بين النسبتين؛ فهي تعني -حسابيا- وصول 57 صاروخا وطائرة مسيّرة إلى أهدافها برغم تصدّي دفاعات 5 دول لها، وليس أربعة صواريخ ومسيّرات فقط، مع ما يعنيه ذلك من أنّ حجم الدّمار كان كبيرا وربما كانت هناك خسائر بشرية يتكتّم عليها العدو، كما تكتّم من قبل على خسائر ضرب تل أبيب بـ39 صاروخا عراقيا في عهد صدام حسين، رحمه الله، ولم يكشف عنها سوى في السنوات الأخيرة.

هذا الرد الضعيف المتهالك، أكد أن الكيان ليس مستعدا ليخوض وحده حربا إقليمية واسعة على جبهات متعدّدة كما كان يزعم، فبمجرد أن تأكّد أن حليفه الأمريكي لن يخوض هذه الحرب إلى جانبه، اكتفى بهذا الرد الرمزي بالتعاون مع عملائه حتى يوقف الهجمات الانتقامية المتبادلة عند هذا الحد، وهذا ليس فقط هزيمة له ولدول التطبيع التي تحتمي به وتدعمه، وليس نصرا لإيران فحسب، بل هو أيضا جرعة أكسجين إضافية بالغة الأهمية للمقاومة الفلسطينية الصامدة منذ أزيد من نصف سنة أمام الآلة الحربية الصهيونية الجهنّمية في غزة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!