الرأي

مصيبتنا في “قمحنا” !

ح.م

لا قدّر الله، لو انتقل عدد المصابين بفيروس كورونا في بلادنا، إلى عشرات الآلاف وعدد الضحايا إلى المئات، فيجب الاعتراف بأن العدوى القاتلة قد تحوّلت من بعض الحالات القادمة من أوربا ومن فرنسا على وجه الخصوص، إلى حالات داخلية “فرّخت” من مشاهد التزاحم التي لا تنتهي على مادة السميد، والتي جعلت بعض الناس يضحّون بحياتهم وحياة عائلاتهم من أجل كيس السميد.

سيعترف الجزائريون في حالة خروج بلادهم، بأقل الأضرار من المصيبة العالمية التي جعلت الموت هو الحدث في أمريكا وأوربا، بأن لطف الله هو من أنقذنا وليس “السياسة الراشدة ووعي الناس”، لأن ما نتابعه وبشكل يومي عن زحام السميد يجعلنا نتساءل عن سبب توقيف الدراسة وإرسال العمال إلى عطلة منزلية وغلق المساجد وتوقيف بقية النشاطات، والسميد يدعوهم لتجمعات وكرنفالات العدوى القاتلة، ومهما يكن من تبريرات فإن الهروب من المضاربة ومن السوق السوداء وقتل القدرة الشرائية للمواطن، لا يكون بقتله وإبادة عائلته.

منذ الاستقلال ومختلف القيادات والحكومات تراهن على الانتصار في حرب القمح في الجزائر، ويحفظ الجزائريون مقولة الاكتفاء الغذائي الذاتي أكثر من كلمة الفلاحة، ومرّت قرابة ستين سنة ومازالت نتائج القمح تصنعها سحابات السماء، ومازالت بطون الجزائريين تحت سطو البواخر القادمة من وراء البحر، وعندما حانت المحنة الوبائية الكبرى، عاد الجزائريون ليدركوا بأن حكايتهم مع القمح لا تنتهي.

دعونا نسلّم بأن ما يقع حاليا أمرا عاديا وقع في كل بلاد العالم الثالث، ولدى الجيران، وبأن لهفة الناس هي سبب هذا الاحتكاك الذي بلغ درجة الزحام الوبائي والطوابير المذلة، لكن ألا يوجد في الحكومة رجل يفكر ويبتكر طريقة صحية ليحصل الجزائريون أو بعضهم على هذه المادة الغذائية، التي اكتشفنا فجأة بأن لأجل عيونها هناك من يفديها بـ”الدم” و”بالروح”.

في آسيا وفي أوربا شخصوا بعض الأحداث التي كانت من أسباب تفشي الوباء القاتل، فكان ملعب سان سيرو بميلانو الذي جمع قرابة خمسين ألف متفرج من إيطاليين وإسبان في مباراة كرة، محل اتهام، وكان مطعم بين الحدود الألمانية والنمساوية جامعا لحالات مرضية نشرت الفيروس في بلاد الجرمان، وكان أيضا سوق يوهان للحيوانات المذبوحة. وسيكون مؤلما أن نقول ذات يوم بأن الازدحام على كيس السميد هو الذي أوصلنا إلى مرحلة المأساة، التي لا يقدر على تبعاتها وفواتيرها، منظومتنا الصحية المريضة ولا معنوياتنا التي وصلت إلى الحضيض منذ عقود، وما عادت قادرة على مزيد من الأحزان.

في إيطاليا عندما عجزت كل الاجتهادات التي قامت بها الدولة والشعب الإيطالي المكلوم على الأرض، لم يجد مسؤلوها وشعبها غير التضرع إلى السماء، فقد يأتي الفرج من حيث لا يحتسب الإيطاليون، وعندنا وجب التضرع مباشرة إلى السماء لأن اجتهادات الأرض غابت، والدليل على ذلك هذه الفيدوهات وما أكثرها عن اتحاد الجزائريين على جعل شعارهم الأول: بالدم بالروح نفديك ……..يا سميد !

مقالات ذات صلة