-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
رغم أنها وسيلة فعالة لتسويق المنتج السياحي المحلي

مطاعم جزائرية “تٌغيب” العربية في قوائم الطعام!

وهيبة سليماني
  • 3075
  • 0
مطاعم جزائرية “تٌغيب” العربية في قوائم الطعام!
أرشيف

تعتبر قائمة الوجبات من بين المؤهلات التي تميز مطعما عن آخر، وهي الورقة التي تسبقها ابتسامة عريضة من طرف النادل، فمن هذه الوسيلة للعرض المباشر لما يقدمه المطعم من أطباق تتضمن وجبات رئيسية ومقبلات ومشروبات يختار الزبون ما يناسبه، وإذا كانت متقنة التصميم تؤثر نفسيا وترشد إلى قرار اختيار الوجبة، فالألوان والخطوط والكتابة واللغة تخاطب البصر وتلمس ذوق الزبون.. في الجزائر تعتمد أغلب المطاعم التابعة للفنادق أو المنفصلة عنها، اللغة الفرنسية في كتابة قائمة الوجبات، وهو ما بدأ يزعج بعض الزبائن الجزائريين والأجانب، الذين لا يفهمون الفرنسية أو الغيورين على العربية.
ومعلوم أن الجزائر تعول من خلال تطلعاتها الجديدة، على النهوض بالجانب السياحي، وتسعى من خلال استراتيجية فعالة وجادة إلى الترويج للسياحة في الجنوب كما في الشمال، وفي الشتاء كما في الصيف، ومن ذلك ما بادرت إليه وزارة الداخلية والجماعات المحلية نهاية ديسمبر الماضي، في تمكين الأجانب الراغبين في الرحلات السياحية لصحرائنا عن طريق الوكالات السياحية المعتمدة من التأشيرة.
وبطولة أمم إفريقيا للمحليين “الشان” و”الثلوج” يعتبران حدثين مهمين حملا معهما مميزات طبيعية وخدماتية تفتخر بها بلادنا، حيث كان الترويج القوي عبر منصات التواصل الاجتماعي لمناظر خلابة مكتسية بالبياض، ولأجواء دافئة داخل الملاعب واستقبال حار للضيوف الأجانب الفعل الايجابي، الذي من شأنه الدفع لتصحيح بعض النقائص الموجودة في القطاع السياحي، والبدء بالمؤهلات الاستقبالية في الفنادق والمطاعم، بينها قوائم الوجبات وتقنيات تصميمها بما يتماشى مع العصرنة وخصوصية الزبون.

احتجاج فايسبوكي على “القائمة الفرنسية”
وتفطن بعض الجزائريين، لانزعاج بعض المناصرين والفرق الإفريقية الذين جاؤوا للمشاركة في الحدث المتعلق ببطولة “الشان”، عندما واجهوا مشكل فهم اللغة الفرنسية أثناء تعاملات تجارية وسياحية، بينها قوائم الوجبات في المطاعم والفنادق المكتوبة بالفرنسية، ففي الوقت الذي خاض رواد التواصل الاجتماعي حملة الترويج للسياحة الشتوية بامتياز، استنكروا في المقابل سلبيات لا تزال محسوبة على العاملين في مجال السياحة والخدمات الفندقية والمطاعم وبرزت بعضها خلال الحدث الكروي لبطولة أمم إفريقيا للمحليين التي شاركت فيها 18 دولة.
وعبر رواد التواصل الاجتماعي، من الذين يريدون للجزائر أن تكون رائدة في مجال السياحة، والاقتصاد، عن عائق اللغة الذي عرقل التواصل مع الوفود القادمة لحضور حدث “الشان”، وخاصة في المطاعم أين قصدها لاعبون ومناصرون لفرقهم من الأجانب وأغلبهم من دول تتحدث الفرنسية، ولم يقتصر الاحتجاج على “قائمة الطعام” المكتوبة بلغة موليير خلال مرحلة بطولة أمم إفريقيا للمحليين، حيث أن الأمر يتعلق أيضا بزبائن جزائريين انزعجوا من قوائم وجبات مكتوبة بالفرنسية وتهمل اللغة العربية رغم تأكيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون مؤخرا، على عدم فرض لغة أجنبية على الجزائريين.
وفي هذا الصدد، أوضح عصام بدريسي، الأمين الوطني ومدير الديوان بالاتحاد العام للتجار الجزائريين والحرفيين، لـ”الشروق”، أن الكثير من السلوكيات في المجال السياحي والتجاري ستكون محل نقاش مع الوزارتين المعنيتين، وذلك لأخلقة الحياة التجارية، وتبدأ حسبه باحترام اللغة العربية وتداولها في التعاملات بمختلف قطاعاتها، واحترام لغة الأجانب السياح وخصوصيتهم، وتسهيل تواصلهم مع التجار وموظفي القطاعات السياحية.
وقال بدريسي، إن الكثير من الشكاوي تستقبلها من طرف التجار والعاملين في قطاع المطاعم والفنادق، ومن طرف الزبائن، بينها المشكل المتعلق باستعمال اللغة الفرنسية في كتابة وتصميم قوائم الوجبات والإرشادات الخاصة بالاستقبال والإيواء، الأمر الذي يحتم على الاتحاد العام للتجار التحضير لحل مثل هذه العراقيل خاصة بعد تحسن الأوضاع وانفتاح السياحة الداخلية على الأجانب من مختلف أنحاء العالم.
وأكد ممثل اتحاد التجار، عصام بدريسي، أن مسألة إبقاء بعض التعاملات التجارية باللغة الفرنسية، ستناقش مع وزارة التجارة، حيث يتم التباحث حول كيفية إلزام بعض أصحاب الفنادق والمطاعم وكل المتعاملين في قطاعات أخرى تجارية، بإعطاء الأولوية للغة العربية في التعامل مع الزبون، مع التفتح على لغات أخرى.
وفي ذات السياق،كشف رئيس المكتب الجهوي للغرب الخاص بالفيدرالية الوطنية لحماية المستهلك، فريد سعيدي، لـ”الشروق”، عن عقد اجتماع بداية شهر فيفري مع غرفة التجارة لمناقشة النقاط الحرجة المتعلقة بالتعاملات في المطاعم الجماعية والفنادق، وسيتم التطرق إلى كل ما لا يرضي الزبون والمستهلك بصفة عامة، والتباحث حول الحماية الاستهلاكية والخدماتية.
وقال المتحدث إن النقطة المتعلقة بقوائم الوجبات التي تقدم للزبائن وخاصة الأجانب في المطاعم، ستناقش مع ممثلي غرفة التجارة للخروج بتوصيات تؤكد على إلزام اللغة العربية كلغة رسمية لكتابة أسماء الوجبات وأصنافها، على أن تكون اللغة الأجنبية المضافة مفتوحة على اللغتين الانجليزية والفرنسية.

الحلول تبدأ من إعادة النظر في التكوين المعتمد على النمط الفرنسي
ويرى الخبير في المجال الفندقي والسياحي، ومسير سابق لمؤسسة فندقية، حمزة عبد الرحيم، أن الكثير من أصحاب المطاعم الراقية، ومسيري الفنادق ذات النجوم، يواجهون صعوبة في التعامل باللغة العربية مع الزبائن، كما أن أغلب الوجبات حسبه، التي يقدمها هؤلاء، تتماشى مع نمط فن الطبخ الفرنسي، وهو المعتمد في التكوين هنا في الجزائر.
وقال حمزة عبد الرحيم، وهو خريج المعهد الوطني للفندقة والسياحة ببوسعادة، إن التكوين في هذا المجال مثل الطب يعتمد على اللغة الفرنسية وبرنامجها الغذائي، مشيرا إلى أن الكثير من الدول غير المتحدثة بالفرنسية، تكتب قوائم الوجبات في الفنادق الفخمة والمطاعم الراقية بالفرنسية، لأن الأسماء الخاصة ببعض الأطباق هي فرنسية ولا يمكن فهمها بغير الكتابة الفرنسية.
وأكد حمزة عبد الرحيم، أن أغلب المتخرجين من معاهد الفندقة والتسيير السياحي، لا يتقنون اللغة العربية ولا يكتبونها أيضا، حيث هناك حسبه، 15 ساعة فقط يتعلم خلالها المتربصون في هذا المجال وخلال فترة التكوين، اللغة العربية.
وينصح المتحدث، بالحلول التي تبدأ من إعادة النظر في نمط التكوين، من خلال التخلي عن فن الطبخ الفرنسي، كمنظومة أساسية معتمدة في معاهد التكوين الفندقي والسياحي.

برامج واتفاقيات لتغيير الذهنيات وأخرى لاحتواء السياح الأجانب
وحول ذات الموضوع، قال جمال نسيب، صاحب مجمع نسيب للسياحة والفندقة والإطعام السياحي، إن التعاملات في هذا الإطار، يجب أن تعطي أهمية للغة العربية، مع احترام الأجنبي وتسهيل مهمة التواصل معه، حيث أصبح من الضروري تغيير الذهنيات، والأخذ بالحسبان الاستثمار في السياحة من خلال أبسط الخدمات والتي تبدأ غالبا بالاستقبال.
ونوه المتحدث بضرورة كتابة الإرشادات واللوائح وقوائم الوجبات في المطاعم باللغة العربية أولاً، ثم اللغات الأكثر انتشارا والتي يتحدث بها أغلب السياح الوافدين إلى الجزائر، مشيرا إلى أن مجمع نسيب، يخوض حملة توعية لأصحاب المطاعم والفنادق، ويؤكد على ضرورة التكوين والرسكلة.
وأشار إلى أنّ مجمع نسيب بصدد إبرام اتفاقية مع وزارة السياحة لتنظيم دورات تكوينية وإرشادية لأصحاب المطاعم والفنادق تحضيرا لموسم اصطياف 2023.
وفي ذات السياق، كشف رئيس النقابة الوطنية للوكالات السياحية والأسفار، نذير بلحاج، عن التفكير في إبرام اتفاقية مع بعض الفنادق والمطاعم ذات النجوم، لتصميم قوائم وجبات حسب وفود السياحة القادمة من بلد معين، وعلى أن تكتب باللغة التي يفهمونها، وذلك لتسهيل عمليات التعامل وترقية مؤهلات الاستقبال لإرضائهم وإعطاء صورة جيدة حول السياحة في الجزائر.
ويرى أن التعامل المشترك بين الوكالات السياحية والفنادق والمطاعم يعطي صورة واضحة لتقنيات وفنون الاستقبال والإيواء، والإطعام، على أن يتم الحفاظ على اللغة العربية، والبصمة التقليدية للمنطقة التي يقع فيها المطعم أو الفندق، موضحا أن الوفد السياحي، قد يكون من ألمانيا أو أمريكا أو إسبانيا، كما قد يكون من دول عربية وأسيوية.

نحو اعتماد “القائمة الرقمية” في المطاعم
وفيما يتعلق بمسايرة التقنيات الحديثة والرقمنة في الخدمات الفندقية والمطاعم، كشف جمال نسيب المستثمر في السياحية، عن التحضير لاعتماد قوائم الوجبات الالكترونية ومن خلال لوحات العرض الكبيرة، وذلك في أرقى المطاعم والفنادق ذات النجوم، خاصة في الجنوب التي تعرف استقطاب للأجانب من كل أنحاء العالم.
وقال نسيب، إن مجمّعه، سينتهج هذه الوسيلة، بعد أن وقف عليها في دول متقدمة وفي الخليج، حيث تعتبر اقتصادية تغني عن الورق وتمكن الزبائن من قراءة قائمة الوجبات حسب اللغة التي يفهمونها، وذلك عن طريق تقنية الترجمة الآلية التي توفرها الأداة الرقمية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!