-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
طرد إمام جزائري وقبله تونسي في انتظار المزيد

“معاداة السامية” حجة فرنسا للانتقام من الجالية المسلمة

محمد مسلم
  • 1046
  • 0
“معاداة السامية” حجة فرنسا للانتقام من الجالية المسلمة
أرشيف

تحولت فزاعة “معاداة السامية” إلى أداة قبيحة تستعملها السلطات الفرنسية لضرب أبناء الجالية الجزائرية والمسلمة المقيمة على أراضيها في مشهد بائس، يكشف سقوط قيم الحرية والمساواة وحقوق الإنسان، التي لطالما تغنت بها باريس وسعت إلى ترويجها على أنها قيم فرنسية بحتة.
أحدث فصل من فصول هذه الممارسات التي أسقطت القناع الفرنسي، كانت عملية الترحيل التي راح ضحيتها الجمعة 19 أفريل 2023، الإمام الجزائري الأصل، محمد تاتيات، الذي كان يخطب في أحد مساجد مدينة تولوز جنوب فرنسا، بعد ما تم اتهامه بالتحريض على الكراهية والعنف ضد اليهود، وهو الاتهام الذي بات معلبا وتوظفه باريس ضد الجزائريين والمسلمين عموما.
وقال وزير الداخلية الفرنسي، جيرار موسى دارمانان، في تغريدة عبر منصة “إكس” أو “تويتر” سابقا، إن “قانون الهجرة (سمح) مجددا بأن يُطرد إمام في تولوز يحرض على الكراهية ومحكوم عليه قضائيا، إلى بلده في أقل من 24 ساعة”، بهدف حرمانه من حقوقه القانونية في معارضة هذا القرار الجائر.
واعتبر أحد محامي الإمام المرحّل بقرار الطرد، الذي قال إنه حصل “بالقوة العسكرية”، وفق ما جاء على لسان الأستاذ جان إغليسيس، أن “الأمر لم يكن طارئا، فهو في فرنسا منذ 40 عاما وله أطفال ويعمل هنا، ولم يثر أي ضجة منذ سبع سنوات، وها هو الآن في طائرة متوجهة إلى الجزائر”.
وكان من المفترض أن تقام جلسة بعد يومين من عملية الترحيل الجائرة (الإثنين 22 أفريل 2024)، للنظر في التماس عاجل قدمه محامي الإمام، بشأن قرار الطرد هذا في المحكمة الإدارية في باريس، وفق المحامي، الذي وصف “ما يحصل هو نوع ما خطر.. فهو تحد لأصول الدفاع والسلطة القضائية”.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن محامي الإمام المرحل قوله، إنه تعذر عليه التواصل مع موكله عندما كان قيد الترحيل في مطار تولوز، الأمر الذي يعتبر خرقا فاضحا للقوانين الفرنسية ولحقوق الضحية، الذي عاش في فرنسا لنحو أربعين سنة، ثم بعد ذلك يجد نفسه منفيا بعيدا عن زوجته وأولاده المقيمين بفرنسا.
والمثير في هذه القضية أنها تعود إلى عام 2017، حيث اتهم الإمام بالتحريض على الكراهية بعد خطبة له، غير أن عملية الطرد أريد لها أن تكون في الخامس من أفريل الجاري، في الوقت الذي يعيش الكيان الصهيوني عزلة غير مسبوقة في العالم، بسبب جرائمه الوحشية والهمجية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل في كل من قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.
وسبق للإمام أن اتهم من قبل جمعية مراقبة إسرائيلية بتلقي راتبه من الجزائر، وبالإدلاء بتصريحات وصفت بأنها معادية للسامية في خطبة باللغة العربية ألقاها عام 2017، غير أن الإمام نفى التهم الموجهة إليه قائلا: “لم أكن أبدًا معاديًا للسامية”، وقد تمت تبرئته، غير أن النفوذ الصهيوني الضاغط بقوة على صناع القرار في فرنسا، ثبّت التهمة بعد عملية الاستئناف.
وقبل أسابيع طردت السلطات الفرنسية الإمام التونسي محجوب محجوبي، بالتهمة ذاتها، وهي التحريض على الكراهية ومعاداة السامية، “إطلاق دعوات كراهية تستهدف النساء واليهود في خطبه”، ولم تترك له أية فرصة لمعارضة القرار الصادر بحقه أيضا، حيث تم اختطافه وترحيله قبل استنفاد حقوقه القانونية.
وفي السياق، أنجزت صحيفة “لوموند” الفرنسية في عددها الصادر الجمعة 19 أفريل، تحقيقا مطولا جاء تحت عنوان “الفرنسيون المسلمون، إغراءات الرحيل”، عرضت من خلاله إلى التمييز العنصري والديني الذي يتعرض له أبناء الجالية المسلمة المقيمة بفرنسا، كما تحدثت عن هجرة معاكسة لأبناء هذه الجالية هربا من جحيم المعاناة التي يقاسونها في بلد كان يسمى “بلد الحريات وحقوق الإنسان”.
وقابلت الصحيفة العديد من أبناء الجالية المسلمة، وحصلت منهم على شهادات مؤثرة، من بينها واحدة لشاب قال إنه لم يعد يتحدث منذ بداية العدوان الصهيوني على الفلسطينيين في قطاع غزة والأراضي المحتلة، خوفا من أن يتهم زورا بالتحريض على الكراهية ومعاداة للسامية.
أما مستجوب آخر فعبر بألم قائلا: “لقد أخبرنا آباؤنا أننا لم نكن في بلادنا (فرنسا)، لقد كنا مجرد ضيوف، ولكن لم نرغب في تصديقهم. والآن علينا أن نعترف بأننا كنا ضيوفا حقا. لقد كنا غير شرعيين في فرنسا”، في عبارات تؤكد بحق ما تعانيه الجالية المسلمة في بلاد جون جاك روسو.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!