الشروق العربي
من الواقع

معاكسات الأمهات والبنات أمام أعين رجال.. “تخطي راسي برك”!

الشروق أونلاين
  • 15777
  • 28

تلاشت العديد من القيم الأخلاقية في مجتمعنا، واختفت تباعا، ذهب الحياء عن الكثير من النساء والرجال على حد سواء، وتبعته الغيرة لكليهما، زال الصدق وشاع الكذب بين الناس إلا من رحم ربي، انتشر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدينا، وأصبحنا غرباء فيما بيننا، لحقت به النخوة والشهامة أو “النيف”، نعايش يوميا التعدي حتى على حرمات أمهاتنا وبناتنا ولا نحرك ساكنا، فقد صار كل واحد منا ينادي نفسي نفسي، حتى ظن الحثالة من الشباب أنهم أسياد عصرهم.

أمهاتنا يستغثن وامعتصماه… ونحن نختبئ بين ظهرانينا

   لقد زال الشعور بالنخوة والشهامة، والتحرك نحو كل فساد أو ظلم في المجتمع، والذي انتشر وللأسف بكثرة في كل مكان، لذا صرنا اليوم نرى ونسمع ما لا يرضينا من دون تحرك أو انفعال، نطأطئ رؤوسنا في الكثير من المواقف التي تتطلب الحزم والذود من دون تردد، والإسراع إلى النجدة حتى من دون معرفة الشخص المتعدى عليه، لكن يا حسرتاه، يبرر الواحد منا هذا السكون والخوف، على أنه لو تدخل في أمر لا يعنيه سوف يقع في مشاكل تصل إلى حد تشويه جسدي أو حتى القتل، بالرغم من أنه كان من المفروض علينا الشجاعة في مثل هذه المواقف، لكن للأسف صار من نفر حثالة المجتمع، لأنهم أصبحوا يرهبون المئات من الأشخاص، مهددين إياهم بالكلام الجارح علنا، من دون ردة فعل ولو بسيطة.

ربما يسأل سائل لِم وصل بنا الحال إلى هذه الدرجة؟ وأصبح الواحد منا يليق به ماعدا لقب ذكورة وليس رجلا، لأن الرجولة يجب أن تتزين بالمعاملات والقرارات والأخلاق وشخصية الفرد ككل، غير أن الأمر بسيط، فحين ترى مثل هؤلاء الأشخاص والحثالة يعيثون في الأرض فسادا وإجراما، وحامينا يتفرج وينظر من دون رادع لهم، بل تجد نفسك محاطا بشرار القوم ينظرون إليك ويريدون الانتقام منك لا لشيء، لكن لمجرد أنه كانت لك الجرأة للنهي عن هذا المنكر الذي شاع بين الناس، كما أنه ليس من المعقول أن تنهي يوم عملك بعد جهد وتعب، وتريد اللحاق ببيتك لترتاح لتجد نفسك تدخل في متاهات فك النزاعات وإقرار الأمن داخل الحافلة أو “الميترو”، وأنت تقف إلى جانب أشخاص وظفوا لهذا السبب وعملهم يقتضي الحرص على أمن وسلامة الأفراد والجماعات في مثل وسائل النقل هذه، أو حتى في الأماكن العمومية دون استثناء، لكنهم يغضون البصر على مثل هذه الأفعال ويتجاهلونها في الكثير من الأحيان إلا في بعض الحالات.

مهما تكن الأسباب والحجج فليس من المعقول أن يصل بنا الحال إلى هنا، ليس من المعقول أن يهان جمع من الناس من كل الأعمار وكلا الجنسين من قبل حقير ووغد، ساءت تربيته وأخلاقه، كيف سيطروا وتحكموا في انفعال الأفراد، يسبون ويشتمون، بل يسرقون أمام الملأ من دون خوف، ولا وجل، كأنه عمل شرعي مباح وشريف، ونحن ننظر إليهم، ثم نغض البصر حين يلقون بأبصارهم نحونا، خوفا وتجنبا لسخطهم.

هو شرفنا الذي يهان كل يوم، من قبل من أعطوا الحق لأنفسهم بأن يتعدوا، ويضربوا، ويشتموا الناس، ويتعدوا على حرمات أمهاتنا وبناتنا أمامنا، من دون ردة فعل ممن حولهم، تتكرر هذه الاعتداءات كل يوم، ونحن نتمسك بالأعذار الواهية هربا بجلدنا والاختفاء بين بعضنا، ينتظر كل واحد منا دوره حين يهان أمام الملأ ولا منقذ ولا مستجيب لنجدته، وهذا ما زاد في جبروت هؤلاء الجبناء، لأن من يسمح لنفسه بسرقة عجوز، أو امرأة في مقام أمه، فحتما جبان من الطراز الأول.   

مقالات ذات صلة