الشروق العربي
الفتاة العانس في مجتمعنا:

معاناة من قدر لم تخترها لنفسها

صالح عزوز
  • 6182
  • 11
ح.م

تعاني الفتاة، التي تجاوزتها سن الزواج، أو العانس، في مجتمعنا، الكثير من المشاكل النفسية والاجتماعية. فتجد نفسها بين مطرقة الحظ العاثر، إن صح القول، وبين سندان نظرة العائلة إليها والمجتمع، تصل في بعض الأحيان، إلى دخولها في مراحل نفسية صعبة، لا يمكن أن تتخلص منها بسهولة. وبالرغم من أنها لا ناقة لها ولا جمل في تأخر زواجها، إلا أنها تعيش دائمة الضغط والإحباط، في مجتمع لا يرحم من تحمل لقب أنثى، فكيف بالعانس والمطلقة.

إن الجلوس إلى هذه الفئة من المجتمع، هو كمن جلس إلى المعاناة نفسها، لأن الأمر أعظم عندهن، خاصة في غياب الدعم من طرف الأسرة والمحيط، لأنه وللأسف لا يزال الكثير منا لا يتقبل فكرة أن تقع الفتاة في مخالب العنوسة، سواء الأخت أم البنت، بالرغم من أن الأمر يتجاوزها ولا دخل لها فيه، وليست التي تزوجت “شاطرة” كما يقال بالعامية، ولكن هو قدر ومكتوب.

 بالرغم من أن الكثير منا لا يمكن له أن يحس بما تحسه من تجاوزها قطاع الزواج، إلا أنها تحمل الكثير من المشاعر السلبية بداخلها، وقد تصبح فتاة منعزلة ومنطوية على نفسها، وفي بعض الأحيان تفكر حتى في القيام بأكثر من هذا، وهو التخلص من هذا الأمر عن طريق الانتحار. ولعل الوصول إلى هذه المرحلة يمر عبر عدة أحاسيس كثيرة، في غياب من يدعمها ويساندها، وأكثر ما يلاحظه المـتأمل لحالة الفتاة العانس، أنها تصبح أكثر ميلا إلى معاداة كل من تحمل لقب متزوجة، حتى ولو كانت من الأقربين إليها، أختا أو عمة أو خالة، خاصة إن كانت أقل منها سنا.. ويحصل هذا نتيجة للغيرة التي تحملها بداخلها تجاه هذا الصنف من النساء. كما أنها في بعض الأحيان تختار التمرد على الأسرة، لأن الكثير من الفتيات يعتقدن أن للأسرة دخلا كبيرا في عنوستها. وهذا انطلاقا من عدة معايير، سواء برفضهم ارتباطهن بأشخاص معينين، أم بفرض قوانين أو تقاليد وعادات تراها أنها السبب المباشر في عدم قدرتها على تحقيق حلمها، وهو الزواج. لذا، تصنع لنفسها عالما موازيا داخل الأسرة، وتبقى تراقبه لوحدها، حتى ولو كان عالما افتراضيا، غير أنه يحقق لها الهروب بذاتها ومشاعرها إليه، ومنه هروبها من الواقع الذي يصبح مع مرور الوقت مريرا، ولا تجد فيها الراحة النفسية، وهي محاطة بأشخاص تعتقد أنهم أكثر حظا منها، وترى في نفسها بنتا فاشلة، بحيث لم تستطيع الحصول على زوج كغيرها من النساء، خاصة إذا كانت امرأة متمكنة ومثقفة حققت كل الأحلام إلا حلم الارتباط. ولعل أكثر ما تصاب به الفتاة العانس، أنها تصبح لديها نظرة تشاؤمية إلى الحياة، فلا يوجد شيء قد يسعدها، وإن حصل فإنه يحصل لفترة زمنية معينة، ثم تعود إلى زاويتها وانغلاقها على الأفراد.

 هو قدر ومكتوب، غير أنه ولانعدام من يدعمها ويواسيها فيه إن صح القول، تصبح حالة مرضية عندها، قد تكون نتائجها وخيمة.

مقالات ذات صلة