-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الوضعية الوبائية والإجراءات المشددة منعت دخولهم الجزائر

مغتربون “يحضرون” جنائز ذويهم افتراضيا

كريمة خلاص
  • 1522
  • 2
مغتربون “يحضرون” جنائز ذويهم افتراضيا

يصف العديد من المختصين الوضع الوبائي في الجزائر بالمقلق جدا، خاصة مع ارتفاع الإصابات اليومية وسرعة انتشار عدوى المتحوّر “أوميكرون”، بالإضافة إلى ارتفاع عدد الوفيات نتيجة تأثرهم بمخلفات الفيروس.

وفي ظل هذه التطورات، لم يستطع الكثير من الجزائريين في بلاد المهجر دخول الوطن من أجل توديع ذويهم وأهليهم، المتوفين خلال هذه الموجة الرابعة، التي تضرب بقوّة، وحضور جنائزهم وتقديم واجب العزاء، وكذا مواساة عائلة المتوفين، حيث إنّ الإجراءات المشددة المطبقة في النقاط الحدودية منعت كثيرا من المواطنين المقيمين في الخارج من العودة إلى التراب الوطني.

وساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في تخفيف حدّة الوضع وألم الموت على الطرفين، حيث عمد هؤلاء إلى متابعة جنائز ذويهم “افتراضيا”، عبر “الفايبر” أو “الفيسبوك” أو “الميسنجر”، علها تؤنسهم وتشفي لوعة الفراق على أعزاء منع تفشي الوباء من تأدية آخر حق لهم، خاصة عندما يتعلق الأمر بأحد الوالدين أو الإخوة أو الأعمام والأخوال…

وعادة ما يتكفل أفراد من الأسرة بالتواصل مع هؤلاء المغتربين، وتصوير الأجواء العامة للجنازة، والتركيز على المتوفى وجموع المعزين، الذين يقدمون تعازيهم ويترحمون على المتوفى، راجين من الله أن يزرق الأهل الصبر..

وأكّد، في هذا السياق، “ب. فاتح”، تكليفه من قبل أحد أصدقائه بالتواصل مع شقيقه المغترب بالفيديو، ونقل كل تفاصيل الجنازة ومراسم الدفن في المقبرة، من باب حضوره افتراضيا الجنازة، مشيرا إلى تفهم بعض الحضور بعد شرح الأمر لهم.

وكانت “الشروق اليومي” حاضرة في إحدى الجنازات، إثر وفاة والد العائلة، ولم تتمكن ابنته المغتربة في كندا من الحجز سريعا، نظرا إلى شروط إجراء تحليل “بي سي آر”، فتكفلت زوجة أخيها بنقل تفاصيل المناسبة الأليمة، لحظة بلحظة، وتثبيت الهاتف في زاوية المرحوم، ما مكنها من التواصل مع والدتها وعيش اللحظات الأليمة كاملة إلى غاية المساء..

أمّا فاطمة الزهراء، المقيمة في فرنسا، فصدمت هي الأخرى بوفاة والدها، ولم تتمكن من الحجز السريع، خاصة وأنها أم لطفلين أحدهما حديث الولادة، فما كان من ابنة أختها سوى التكفل بتصوير كل التفاصيل وربطها بالاتصال مع والدتها وأخواتها، وكل من حضر العزاء، حيث عبروا لها عن حزنهم وألمهم والتضامن معها في هذه الظروف العصيبة، داعين الله لها بالصبر على فراق الوالد وعدم إلقاء النظرة الأخيرة عليه…

وعن استعمال التكنولوجيا الحديثة في هذه الأجواء المهيبة، أوضح الدكتور محمد بلغيث، أستاذ جامعي في العلوم الإسلامية بجامعة الجزائر، إمام خطيب، أنّه لا حرج في ذلك من باب تخفيف وقع الصدمة والحزن على الجالية المغتربة في الخارج، التي يؤلمها كثيرا عدم حضور وتوديع أهلها وإلقاء النظرة الأخيرة عليهم.. لذلك، فإن الوسائط التكنولوجية تعد بمثابة “المؤنس الوحيد لهم في ظل الوضع الوبائي العام، الذي قد يعرضهم للخطر، ناهيك عن صعوبة الحجز السريع، بالنظر إلى ما يتطلبه السفر من إجراءات تستغرق وقتا طويلا.

وأضاف الدكتور بلغيث: “من محاسن التكنولوجيا، تقريب البعيد واستغلالها في أمور إيجابية، تساعد الفرد على تجاوز المصاعب الاجتماعية والإنسانية، التي يواجهها في حياته، بما لا يتعارض مع الشرع”.

وأكّد الإمام بلغيث أنه إذا كان الشخص يتابع الجنازة عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي بالفيديو من باب التفاعل والتعاطف، فهذا أمر عادي ولا حرج فيه، إذا كان من باب المواساة والتصبّر والتخفيف عن النفس من ألم فقدان الأهل والأقرباء.

وحذّر الإمام بلغيث العائلات والمواطنين من تداول مقاطع الفيديو وصور الجنائز على مواقع التواصل على نطاق واسع، نظرا إلى حرمة الأهل والميت والمعزين الذين يقصدون البيوت لتأدية الواجب، فهذه، كما قال، مسائل وأحداث خاصة لا يجوز أن تصبح محل تداول في الفضاءات العمومية.

وأسقط الدكتور بلغيث على ذلك تداول المشاكل العائلية في هذه المواقع أو غيرها، لأنها يجب أن تحل وتناقش على نطاق ضيق بعيدا عن التشهير، مستدلا بقول الله تعالى في إصلاح المشاكل الزوجية: “فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها”..

وفي الأخير، قال الدكتور بلغيث: “يرجى تفادي نشر الأمور الخاصة والعائلية في الوسائط الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي والفضاء الأزرق عموما.”

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • منير

    النظام الحاقد على الشعب عو السبب هل يعقل ان سعر التذكرة من باريس الى العاصمة زمن الرحلة ساعتان اكثر من 700اورو والله لن نسامحكم ابدا امام الله ايها اللصوص

  • سمير

    " منعت كثيرا من المواطنين المقيمين في الخارج من العودة إلى التراب الوطني", صحيح. لماذا لا تذكري نوعية هذه الإجراءات؟ هل من المعقول أن يفرض البعض على المواطن الجزائري الدخول إلى وطنه إذا لم يكن ملقحا، لم نقرأ عنكم مقالا واحدا حول هذا الموضوع