الجزائر
تفسيرات على المقاس مقابل مبالغ مغرية

مفسّرون “يبزنسون” بأحلام الجزائريين

كريمة خلاص
  • 1604
  • 7
ح.م

تأسر بعض الأحلام أصحابها وتجعلهم مهووسين بتفسيرها، حتى إنّها تؤثر على علاقاتهم المهنية والاجتماعية والعائلية، فترفع شأن البعض إلى مراتب عليا وتهوي بالبعض الآخر إلى مراتب دنيا.

وتحوّلت ظاهرة تفسير الأحلام في بلادنا إلى هوس يطال كثيرا من الجزائريين، فتجدهم يبحثون هنا وهناك عن تفسير يناسبهم ويريحهم ويلبي رغباتهم، فالبعض يعتبرها نذير شؤم والبعض الآخر يعتبرها بشرى خير وبناء عليها يحللون ويناقشون ويفسرون ما يتعرضون له في حياتهم اليومية.

والمثير في كلّ هذا، أنّ جهات وأشخاصا وقنوات إعلامية تفطّنوا إلى الضعف النفسي الذي يغرق فيه هؤلاء واستثمروا فيه عن طريق تقديم مفتين ومفسرين يدمرون أكثر مما يبنون، فتنعكس تفاسيرهم سلبا على أصحابها وتدمرهم نفسيا رويدا رويدا…

وفي السّياق، أوضح أحمد قوارية، دكتور مختص في علم النفس، أستاذ جامعي، أنّ الأشخاص المهووسين بتفسير أحلامهم الذين يبنون عليها أمورا أخرى يعانون فراغا روحيا وإيمانيا وثقافيا وعليه تجدهم يلجؤون إلى الحلول السهلة ويعتقدون أنّ الحلم رسالة إليهم.

وأضاف قوراية أنّ الحلم قسمان قسم شيطاني فيه إشارات وسلوكات إيجابية وسلبية لتوجيه الشخص الذي يرتكز على حلمه لاسيما إن كان ضعيفا نفسيا وعقليا وأحيانا ربما يعطي تفاسير خاطئة نتيجة القلق والهوان والتوتر.

أمّا القسم الثاني، فيبرمج برمجة عقلية نفسية بعدية عبر التصور الذهني فيصدقها العقل ويجسّدها إلى أن يراها في الحلم وأحيانا لا يراها ويخيّل إليه أنه رآها، وهذا يميل إلى المرضي أكثر من الصحي.

أمّا في البرمجة النفسية العقلية السلبية فيتصوّر الأمور السلبية فقط ويتوهم أشياء يحاول أن يصدقها العقل ويجعلها مؤكدة.

وأوضح المختص النفسي أن التفاسير في العادة على شكلها المقدم حاليا تميل إلى الشعوذة والبزنسة حتى إن برامج تلفزيونية ومواقع إلكترونية باتت تفتح أبوابها لهؤلاء وتقدم الجزائريين “طعما” لهم حيث يجدون لأحلامهم حلولا سريعة وعاجلة كأنّهم موسوعة قينس يعرفون كل شيء.

واستطرد قوراية قائلا: “من خلال تجربتي في التعامل والبحث في هذا الملف أؤكد أنّ ما تقوم به تلك القنوات التلفزيونية العربية والوطنية وما يقوم به هؤلاء المفسرون مجرّد أكذوبة كبيرة فتلك القنوات تعد استهلاكية بحتة لبلوغ الثراء وزرع الرعب والخوف في نفوس الضعفاء”.

وفي الأخير، أوضح المختص النفسي أن الأحلام السلبية والتفاسير السلبية التي تقدم لأصحابها تدمرهم وتقتلهم والرعب النفسي الذي يلازمهم يصبح أخطر من القهر النفسي لأنّه يؤدي إلى الهوان النفسي فيجد الشخص نفسه منساقا نحو مخاطر لا تحمد عقباها.

من جهته، أفاد محمد مكركب إمام مسجد القدس بحيدرة بأن تأويل الرؤيا علم خاص ونحن في العادة نوجّه الناس إلى عدم الخوض في ما لا يعلمون.

وأضاف مكركب: “ليس كل حلم يعتبر رؤيا مناسبة تؤوّل وتفسّر في حياة الإنسان”.

وحمّل مكركب مفسر الأحلام أو المفتي كما قال مسؤولية ما يقوله وانعكاسات ذلك على حياة الأفراد الذين يقصدونه لثقتهم فيه، فهو كما قال، قد يكون مصيبا وقد يكون مخطئا، حيث قال: “المفسر ينبغي أن ينظر إلى المآلات وهل يؤدي ذلك إلى ما لا تحمد عقباه”.

ونبه قائلا: “نحن لا نحجر على الناس في أحلامهم من حقهم أن يستأنسوا بها لكن نقول لكل من يحلم عليه أن لا يعلق آمالا كبيرة، فالغيب عند الله وحده وننصح بألا يبني عليها آمالا وأعمالا وأحكاما في حياته وعلاقاته اليومية”.

ولفت إمام مسجد القدس الانتباه في آخر حديثه إلى آداب النوم ومن أهمها أن ينام الإنسان على وضوء وأن يدعو بدعاء النوم ويقرأ المعوذتين وآية الكرسي، كما ينبغي ألا يستهين الإنسان بالرقية الذاتية وهي علاج نفسي وروحي كما أنّ قراءة القرآن قبل النوم فيها شفاء وعلاج.

مقالات ذات صلة