الجزائر
من ليبيا إلى سوريا وأزمة الخليج وإيران

مقاربة الجزائر الدبلوماسية تخرس الأصدقاء والأعداء

عبد السلام سكية
  • 8107
  • 10
أرشيف

سيجتمع الرؤساء والملوك والأمراء، الشهر الداخل في تونس في إطار القمة العربية، وبغض النظر عن التوصيات التي ستصدر والتي لا تختلف عما سبقها من قمم، إلا أن أهم ما يطبعها، حضور “الزعماء” العرب ورغبة تحدوهم في عودة سوريا إلى الحضن العربي الذي أخرجت منه قبل سنوات بعد ما ظن “الأشقاء العرب” أن سوريا قد انتهت، وبالتأكيد سيتحدثون عن الأزمة الليبية التي وضعت المنطقة على فوهة بركان، وعن اليمن الذي لم يعد سعيدا.
لكن بالعودة إلى بداية هذه الأزمات والتي تزامنت مع ما يُعرف بموجة الربيع العربي، يتجلى صواب الموقف الجزائري من التطورات التي استصغرها الحاكم العربي، ومنهم الآن من يدفع ثمنا لمواقف مستعرة اتخذها، أو يعمل على عدم وصول الحريق إليه.

ليبيا.. صدق التشخيص الجزائري

تتخذ الجزائر موقفا ثابتا في سياستها الخارجية ألا وهو “رفض التدخل في الشؤون الداخلية للدولة ورفض التدخلات الخارجية”، إضافة إلى التأكيد أن “الحوار هو الآلية الوحيدة لحل المشاكل”، وإبقاء مسافة واحدة من جميع الفاعلين في الساحة الدولة، ما يعني “تقليص مسافة الخصومة”، هذه العقيدة اعتمدتها في تسيير الملفات الساخنة، خاصة في ليبيا، حيث كانت السباقة للتحذير من مغبة التدخلات الأجنبية، ولم ينصت الغرب للتحذيرات الجزائرية، ونفذ الناتو تدخلا عسكريا أنهى حكم نظام القذافي.
انتهى عهد القذافي، ولكن ماذا بعد؟ ما بعد القذافي الذي حذرت منه الجزائر، كان تحول الدولة الغنية بالنفط إلى بؤرة للجماعات الإرهابية، ومرتعا للمليشيات المسلحة التي تسيرها دوائر استخباراتية أجنبية، ومحجا لآلاف المهاجرين الأفارقة الباحثين عن سبيل للوصول إلى الضفة الأخرى من المتوسط، والآن فقط تيقن الغرب أنه أخطأ بالتدخل العسكري، والدليل “الهوشة” الواقعة بين الجارتين ايطاليا وفرنسا، وروما اليوم تذكَر باريس بخطيئتها التي ارتكبها ساركوزي.

سوريا.. موقف آخر ورسالة جديدة

وهنالك في سوريا، تهرول الدول لإعادة العلاقات مع دمشق وما لا يقل عن 8 رؤساء يطالبون بعودة سوريا إلى الجامعة العربية، التي طردت منها، وتركتها فريسة لآلاف الإرهابيين والمرتزقة وصلوا إليها من 92 دولة، لكن الجزائر واستشرافا منها بعواقب التحرش بالدولة السورية، والعمل على الإطاحة بها، جعلها تبقي علاقاتها مع دمشق، وتدافع عنها في مواجهة الهجمة الإرهابية العالمية التي تعرضت لها.
ولأن الجزائر كانت لوحدها تقريبا بذلك الموقف المتميز، فقد أثارت حفيظة بعض الأنظمة الخليجية، التي عملت على إضعافها بورقة البترول، وهو ما عبَر عنه الأمين العام الأسبق للأفلان عمار سعداني.

.. وفي أزمة الخليج

ورغم الضرر الذي أصاب الجزائر بـ”المؤامرة” من بعض الدول، إلا أنها لم تقطع حبل الوصال معها، وعملت على توضيح مواقفها والدفاع عنها، ولأنها كسبت نقاطا في البيت الخليج، كان من واجبها العمل على تلطيف الأجواء بين “الإخوة الأعداء”، السعودية والإمارات والبحرين من جهة، وقطر من جهة، فهي تعتبر الخليج عائلة واحدة وأنه لا حل للأزمة الخليجية إلا بالجلوس إلى طاولة واحدة، مع دعمها لمساعي صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت للتوصل إلى حل يحفظ سيادة الدول.
ورغم الاستقطاب الكبير للدول العربية، بين أهم فاعلين في العالم الإسلامي العربية السعودية، وإيران، لا تجد الجزائر أي حرج في تثمين علاقتها مع الرياض وكذلك مع طهران، دون خلفيات دينية ومذهبية، ولا تميل لصالح طرف على حساب طرف، فالمهم بالنسبة لها، العمل مع الجميع تحت شعار “رابح رابح”.

مع فلسطين ظالمة أو مظلومة إلى الأبد

وقد أثبتت الجزائر في السنوات الأخيرة، أنها الدولة المناصرة حقا للقضايا العادلة، وهو ما يتجلى في القضية الفلسطينية، ففي الوقت الذي تتاجر بعض الأنظمة بفلسطين، تذود الجزائر عن أحقية الفلسطيني في إقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف، وترفض التطبيع مع العدو الصهيوني، وتمد يد العون للفلسطينيين جميعا دون إقصاء، وهو ما تسير عليه دفاعا عن حق الشعب الصحراوي لنيل حريته.

مقالات ذات صلة