-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ملشيات‮ ‬الرداءة‮ ‬إلى‮ ‬أين؟‮.!‬

حمري بحري
  • 3972
  • 0
ملشيات‮ ‬الرداءة‮ ‬إلى‮ ‬أين؟‮.!‬

كما أن للصوفية طرقها، فإن للرداءة أيضا طرقها ومريديها وأتباعها، والمنتسب إليها لا بد وأن تتوفر فيه جملة من الشروط كالنفاق، والجشع، والشره، والطمع، والمداهنة، والانتهازية، والمساندة والتأييد لكل من هو على رأس السلطة، كان من كان.وقد امتدت الرداءة بضلالها، على جميع مرافق الدولة العمومية والخاصة، مع بعض الاستثناءات بطبيعة الحال، وصار المحاضر الذي يحاضر في موضوع من الموضوعات، الذي يجلسون أمامه في القاعة أكثر إطلاعا ودراية والموضوع الذي يتحدث فيه هذا المحاضر، أو ذاك، والذي تملأ صورته شاشة التلفزة، باعتباره مثقفا، فالذين يتفرجون عليه أكثر ثقافة منه، والمسؤول الحزبي الذي يخطب في المناضلين في قضايا سياسية واجتماعية، فالمناضلون أكثر منه فصاحة وسعة، في فهم مجريات الحياة السياسية، وأكثر التصاقا بحياة المواطن العادي. إن مثل هذا الوضع، يدفع بنا إلى القول، بأن الفعل السياسي هو انعكاس للفعل الثقافي، العاجز عن طرح الأفكار القادرة على نقد الخطاب السياسي، إما بطرح بدائل أخرى لهذا الخطاب حتى تتوافق ومعطيات الراهن، وإما بالدفع بهذا الخطاب إلى دائرة اهتمام الناس أو عدم اهتمامهم‮. ‬إن‮ ‬نقد‮ ‬الخطاب‮ ‬السياسي،‮ ‬إما‮ ‬بإبراز‮ ‬الجوانب‮ ‬الإيجابية‮ ‬أو‮ ‬السلبية‮ ‬فيه،‮ ‬هو‮ ‬مهمة‮ ‬رجال‮ ‬الفكر‮ ‬بالدرجة‮ ‬الأولى‮ ‬ونحن‮ ‬نعتقد‮ ‬أن‮ ‬حاجتنا‮ ‬للنقد‮ ‬بشكل‮ ‬عام،‮ ‬ضرورية‮ ‬وأكثر‮ ‬من‮ ‬ضرورية‮… ‬لكل‮ ‬فعل‮ ‬سياسي‮. ‬ولا ينبغي أن ننظر إلى النقد نظرة أخلاقية، ثم إن مهمة النقد ليس في حصر العيوب والنقائص أو الكشف عنها، إثر أي فعل سياسي، بقدر ما هو إضافة لنظرة أخرى مغايرة للأفكار المطروحة التي أدت إلى هذا الفعل أو ذاك. إن الساحة السياسية ومعها الساحة الثقافية عندنا، يكاد يختفي فيها الحوار حول الكثير من المسائل التي تهم المجتمع في حاضره ومستقبله وإن وجد هذا الحوار بين الحين والآخر لفترات متباعدة، فهو حوار ينطلق من خلفية المصالح ولا ينطلق من خلفية الأفكار التي يمكن أن تضيف‮ ‬الجديد‮ ‬لحياتنا‮ ‬السياسية‮ ‬والثقافية‮ ‬نظرة‮ ‬جديدة‮ ‬تعكس‮ ‬الواقع‮ ‬وتتعداه‮ ‬لرسم‮ ‬آفاق‮ ‬المستقبل‮.‬إن غياب النقد السياسي وطرح الأفكار البديلة لما هو قائم يعود إلى ملشيات الرداءة التي وصلت إلى السلطة وإلى أطراف السلطة، وحجبت الرؤية عن أصحاب القرار، بل أصبحت في كثير من الأحيان تسيء إلى النظام أكثر مما تخدمه، وهي تقوم من يوم لآخر بتوسيع الهوة بين السلطة والشعب،‮ ‬لأن‮ ‬الخطاب‮ ‬الذي‮ ‬تسوّقه‮ ‬هذه‮ (‬الملشيات‮) ‬هو‮ ‬خطاب‮ ‬لا‮ ‬يقنع‮ ‬أحدا‮ ‬ممن‮ ‬يستمع‮ ‬إليه،‮ ‬لأنه‮ ‬خطاب‮ ‬خال‮ ‬من‮ ‬المعرفة،‮ ‬والصدق،‮ ‬وقوة‮ ‬الإقناع،‮ ‬وتطغى‮ ‬عليه‮ ‬روح‮ (‬الشيتة‮) ‬والنفاق‮ ‬والخداع‮.‬إن‮ ‬الرداءة‮ ‬أصبحت‮ ‬خطرا‮ ‬على‭ ‬حاضر‮ ‬الأمة‮ ‬ومستقبلها‮ ‬لأن‮ ‬من‮ ‬كان‮ ‬حاضره‮ ‬رديئا‮ ‬لابد‮ ‬وأن‮ ‬يكون‮ ‬مستقبله‮ ‬كذلك،‮ ‬لأن‮ ‬الحاضر‮ ‬الجيد‮ ‬يصنع‮ ‬المستقبل‮ ‬الجيد،‮ ‬ما‮ ‬في‮ ‬ذلك‮ ‬شك‮.‬والحال أن حاضرنا أسوأ بكثير من ماضينا، والحاضر ما نحن فيه من مشكلات، أنتجتها الرداءة على جميع المستويات، وعلينا أن نواجهها بكل حكمة وشجاعة، وأن نعترف بعجزنا، حين فسحنا المجال لغيرنا، وأصبحت الرداءة هي العملة السائدة في كل شيء وأن العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة، فإن ملشيات الرداءة تقف في وجه كل من يريد أن يقوم بأي عمل جيد، لأنها تقوم بأعمال خالية من الجودة، سواء في مجال النشاط السياسي أو في مجال النشاط الثقافي، أو في مجالات الحياة المتعددة التي تتعلق بحياة المجتمع الذي صار لا يعرف كيف يواجه الحياة، ليس لصعوبتها ولكن لصعوبة رؤية الخطوط التي ترسم وجه المستقبل لهذه البلاد، والحقيقة أنه إذا كان شباب الأمس، خلال الثورة المسلحة عرف كيف يموت ومن أجل ماذا يموت، فإن شباب اليوم لا يعرف كيف يحيا ولا يعرف كيف يموت وهكذا نقف وقفة تأمل، إذا كان شباب الأمس أثناء الثورة التحريرية قد ماتوا من أجل الوطن، كما قال لي الدكتور أحمد وارث، فإن شباب اليوم يموتون هروبا من الوطن، وهذه هي المفارقة والتي أدت بشباب اليوم إلى اليأس والانتحار بهذه الطريقة الجماعية والتراجيدية.. وليس الوقوف أمام تعديل الدستور والعهدة الثالثة، التي لم يقل المعني‮ ‬بهما‮ ‬أي‮ ‬شيء‭ ‬لحد‮ ‬الساعة‮.‬وعلينا‮ ‬أن‮ ‬نعترف‮ ‬بأن‮ ‬الرداءة‮ ‬سكنت‮ ‬الأحزاب‮ ‬ومجلس‮ ‬النواب،‮ ‬واتحاد‮ ‬الكتاب‮.. ‬وتحولت‮ ‬إلى‭ ‬ملشيات‮ ‬يحسب‮ ‬لها‮ ‬ألف‮ ‬حساب‮.‬BAHRI‭-‬HAMRI@yahoo‭.‬Fr

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!