الرأي

ملوك المرحلة.. لا تقربونا رجاء

محمد سليم قلالة
  • 3273
  • 3

يبدو أن البلدان العربية التي لم تعرف بعد اضطرابات ما يُعرف بالربيع العربي ستجني عليها سياستها الخارجية أكثر من سياستها الداخلية. فبدل أن تنأى هذه البلدان بنفسها عن ما يحدث في محيطها وتركز على التكيف مع المستجدات واستباق التغيير القادم إليها لا محالة، تجدها في كل مرة تُقحم نفسها بشكل متناقض أحيانا في أزمة هذا البلد أو ذاك.

في سورية وقفت ضد الحكم مع المعارضة، وفي مصر هي الآن مع الحكم ضد المعارضة، وفي ليبيا كانت مع الناتو ضد الحكم، وفي اليمن وتونس حاولت إرضاء الطرفين… مستخدمة في كل مرة السلاح الوحيد الذي تملكه: الإغراء بالمال.

  ماذا حققت هذه السياسات لشعوب المنطقة؟.

ـ في سورية أوصلت الأمر إلى الاقتتال الطائفي اللاّمحدود الذي لا أحد يستطيع التكهن بنهايته.

ـ وفي ليبيا مكنت القوى الأجنبية من إدارة المعركة للتحكم فيما بعد في مسارها.

ـ وفي تونس لم ترض بحكم الإخوان ولا هي مكّنت لغيرهم..

ـ وفي اليمن لم تقتل علي عبد الله صالح ولم تحييه..

ـ وفي مصر اليوم هي تساعد الحكم على تدشين مرحلة من العنف الداخلي لم تعرفها حضارة هذا البلد عبر آلاف السنين.

وفي كل الحالات ـ السابقة، وفي ما سيلحق لا قدر الله ـ أثبتت هذه السياسات أنها ناجحة في أمر واحد: تأجيج الصراع بين الأشقاء، وتركه مفتوحا إلى يوم الدين.

ألم يحدث هذا من قبل في لبنان، وأفغانستان والشيشان والعراق؟

هل حُسم الصراع هناك لأي طرف رغم مرور عقود من الزمن؟

يبدو أن هذه السياسة الخارجية القائمة على مبدأ مزيد من إشعال النيران، دون امتلاك القدرة على إطفائها، أو دون السعي لذلك، هي سياسة مخيفة بحق لأنها أصبحت مع مرور السنين تعد منهجا ومذهبا معتمدا، وعندما تصبح سياسة خارجية بهذا الشكل منهجا ومذهبا، فإنها بعد أن تنتهي من إشعال النار في محيطها المباشر، ولا يبقى لها ما تلتهمه، تشعلها في نفسها، وتبقيها دون إطفاء كما كانت تفعل باستمرار. وهو ما سيسميه المحللون فيما بعد بانعكاس السياسة الخارجية لدولة ما على سياستها الداخلية. وهو ما تبدو مؤشراته اليوم أكثر وضوحا، لكي يصبح الدور القادم على ملوك المرحلة وليس لهم، تشتعل بهم النيران التي أحاطوا أنفسهم بها ولم يستطيعوا إطفاءها.

 

فلا تقربوا منا مرة أخرى، رجاء…

مقالات ذات صلة