-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
المرأة الوحيدة المشاركة في مؤتمر الصومام

مليكة قايد.. رفيدة الجزائرية وشهيدة جبال البويرة

فاروق كداش
  • 3904
  • 1
مليكة قايد.. رفيدة الجزائرية وشهيدة جبال البويرة

كانت مليكة قايد ستحتفل بعيد ميلادها التسعين هذه السنة، لو لم تختر في سن الرابعة والعشرين أن تهدي حياتها الغضة للوطن، في عمر تحلم فيه الفتيات بالحياة الرغدة والفساتين والعطور.

الزمن ليس الزمن، ونساء البارحة لسن بهشاشة نساء اليوم. الشروق العربي، تسرد يوميات مناضلة حملت رسالة التمريض ورفعت راية الاستشهاد، وإن كان لجبال جرجرة لالة نسومر فلجبال غنزات لالة مليكة.

ولدت مليكة قايد في بلوزداد في 24 أوت عام 1933، وكانت أصغر إخوتها الستة، من بينهم ثوريان آخران، مولود وطاهر قايد. ترعرعت مليكة في أسرة مشبعة بالحس الثوري.. فقد ترك والدها محند أمقران قايد، وهو مدرس، هيئة التعليم الاستعماري طواعية للانضمام إلى شركة السكك الحديدية. وهذا لرفضه قرار الترسيم مقابل الهوية الوطنية، وقد تتلمذ على يديه الكثير، من بينهم الفضيل الورتلاني.

ورثت مليكة الجينات الثورية من والديها. وقد دفع التزام هذه العائلة أفرادها إلى السفر في ربوع البلاد لنشر التعليم ورفع الوعي بين الناس، والمساهمة في بناء الهياكل والهيئات التي ستكون في ما بعد الأدوات السياسية لتحرير البلاد من نير الاستعمار.

بدأت مليكة مشوارها الدراسي في المدرسة الابتدائية في الجزائر العاصمة، ثم انتقلت مع عائلتها مرة أخرى، إلى برج بوعريريج عام 1942، حيث حصلت هناك على شهادة الدراسة الابتدائية عام 1945. التحقت بمدرسة شبه الطبي في سطيف، في عام 1948، وتخرجت في عام 1951 بشهادة ممرضة قابلة ثم عملت في مستشفى خراطة لبضعة أشهر. وبعدها، تم نقلها إلى لافاييت (بوقاعة)، ثم إلى غنزات. وبحكم عملها في المستشفيات والمستوصفات، كانت تحول الأدوية إلى صفوف جيش التحرير.

يقول عنها أخوها الطاهر: “في عام 1953، كنا نعيش في برج بوعريريج، نظرًا إلى كوننا من مناضلي حزب الشعب، فقد أمرنا قادتنا بوضع ملصقات تطالب بالإفراج عن مصالي الحاج. وسط البلد، كان هناك الكثير من رجال الشرطة، إلى درجة أنه لا أحد تجرأ على القيام بهذه المهمة، إلا مليكة.. فقد خرجت منفردة في الساعة الواحدة صباحًا، لتضع الملصقات. ولم تكن حينها تتجاوز سن العشرين”.

في 13 جوان 1955، اتصل بها العقيد عميروش آيت حمودة، الذي كان على رأس الولاية الثالثة، ملتمسا منها الانضمام إلى جنود جيش التحرير الوطني. وكانت الاستجابة فورية، وبلا تردد، فطالما كان حلم مليكة أن تكون أحد الفاعلين في الثورة المجيدة. ولبت ثلاث ممرضات أخريات نداء الواجب، هن لويزة عطوش وفاطمة الزهراء أومجكان ويمينة شراد. ولكنها، اشترطت ألا يقتصر دورها في التمريض، بل أن تجاهد بالسلاح أيضا. واتجهت إلى وادي الصومام لحضور المؤتمر التاريخي، الذي عقد في قرية إفري في 20 أوت 1956، وكانت المرآة الوحيدة التي حضرت المؤتمر باعتبارها ممرضة.

أجساد الأبطال لا تشعر بالألم

استشهدت مليكة قايد في 28 جوان عام 1957 في جبال بلدة سهاريج شرقي ولاية البويرة. لكن، قبل سقوطها، استماتت في الدفاع عن كهف كان يؤوي جرحى جيش التحرير ضد حشد من جنود الجيش الفرنسي بقيادة مارسيل بيجار، بمجرد نفاد ذخيرتها، واصلت الصراخ: “تحيا الجزائر”..

على الرغم من أسرها، لم تستكن ولم تضعف، ولم تستسلم، وقامت بإهانة حركي خائن حاول شدها من قميصها بصفعه أمام الملإ.. فأفرغ في جسدها الطاهر ذخيرته.

أصيبت بثلاث رصاصات في البطن ورصاصتين في الصدر من سلاح الحركي الذي صفعته، سقطت أرضا دون أن تصدر من فيها صرخة ألم.

بعد وفاتها، كتب العقيد عميروش خطابًا إلى عائلتها، يشهد فيه أن القضية الوطنية لم تفقد فقط ممرضة داوت الجرحى ورفعت معنويات المجاهدين، بل فقدت مقاتلة حقيقية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • مواطنة

    الله يرحم الشهداء