-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

منارات على طريق الصّحوة الإسلاميّة (الحلقة الثالثة)

سلطان بركاني
  • 1712
  • 0
منارات على طريق الصّحوة الإسلاميّة (الحلقة الثالثة)

هذا الموضوع هو إشارات ومنارات على طريق شباب الصّحوة الإسلامية، ليست من بنيّات أفكار كاتبها، وإنّما هي خلاصة استقراءٍ لنصوص الوحيين ولكلام أئمّة وأعلام الدّين، ممّن تعالوا عن التّعصّب للميول والأهواء والمسمّيات والأسماء؛ ليس المقصود منها انتقاص طائفة من الطّوائف، أو الردّ على جماعة من الجماعات، وإنّما هي النّصيحة التي أوصى بها النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم حينما قال: (الدّين النّصيحة).

المنارة الخامسة: احذر الصدّ عن سبيل الله

المسلم الصّادق يحبّ لإخوانه مِن حوله ما يحبّ لنفسه من الخير والهداية والصّلاح والاستقامة، ولأجل ذلك فهو يدعو إلى الله بعلمه وحِلمه، وإن لم يكن صاحب علم دعا بأخلاقه وبشاشة وجهه ولين كلامه، يحمل همّ النّاس المخطئين من حوله، ويتمنّى أن يسترهم خالقهم ويهديهم، مهما كانت أخطاؤهم ومهما كان بعدهم عن الحقّ. يُعينهم على الشّيطان ولا يكون عونا للشّيطان عليهم بالسّعي إلى فضحهم وتعييرهم بأخطائهم، ويَحذر أشدّ الحذر أن يكون سببا في إعراض النّاس عن الحقّ، ((وَلاَ تَتَّخِذُواْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ الْسُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)).

يقول الإمام الغزالي -عليه رحمة الله-: “أكثر الجهالات إنّما رسخت في قلوب العوامّ بتعصّب جماعة من جهلة أهل الحق؛ أظهروا الحقّ في معرض التحدّي والإذلال، ونظروا إلى ضعفاء الخصوم بعين التّحقير والازدراء، فثارث من بواطنهم دواعي المعاندة والمخالفة، ورسخت في قلوبهم الاعتقادات الباطلة، وتعذّر على العلماء المتلطّفين محوها مع ظهور فسادها”.

فإذا كان المسلم مطالبا بالإحسان إلى غير المسلمين من اليهود والنّصارى والبوذيين والملحدين غير المحاربين والترفّق بهم رجاء أن يسلموا، فمِن باب أولى أن يحسن إلى المخطئين من المسلمين ويترفّق بهم رجاء أن يَحسن إسلامهم.

المنارة السّادسة: التمذهب مباح والتعصّب محرّم

التّمذهب -أي الانتماء إلى أحد المذاهب الفقهية المعروفة- ليس مذموما في حدّ ذاته، ولا يجوز أن يُذمّ عالم معيّن لمجرّد أنّه يتّبع أصول مذهب معيّن، فأكثر أئمّة الإسلام وعلماء المسلمين كانوا أتباع مذاهب، ولكنّ المذموم هو التعصّب والتحزّب للمذاهب، وردّ الدّليل الواضح لأجلها.

وهكذا كتب المذاهب، لا ينبغي لطالب الحقّ أن يحذّر النّاس منها، ففيها من الخير الكثير ممّا لا يستغنى عنه أبدا.

المنارة السّابعة: الخلاف ليس شرا مطلقا

الخلاف ليس شرا مطلقا، والأمّة ليست مكلّفة أن تكون على قلب أو رأي رجل واحد، والمسلم الذي ينشد الحقّ متجرّدا عن الهوى والتعصّب، إذا وجد مسألة من مسائل الحلال والحرام، اختلفت فيها الفتاوى وتضاربت فيها الآراء، فإن كان ممّن يمكنه البحث فإنّه يبحث بتجرّد حتى يترجّح لديه أحد الآراء فيأخذ به، وإن لم يمكنه ذلك أخذ بالأحوط ما لم يسبّب له حرجا في دينه، يقول الليث بن سعد عليه رحمة الله: “إذا جاء الاختلاف أخذنا فيه بالأحوط”؛ فالأحوط في مسألة التوسّل مثلا ألا يتوسّل المؤمن إلى الله بأحد من خلقه، والأحوط في مسألة الموسيقى أن يترك سماعها.

وفي مسائل فقه العبادات التي تتساوى أو تتقارب فيها الأدلّة، ينبغي للمسلم أن يلزم ما عليه الإمام وجماعة المسلمين، ولا يتعنّت لأجل مسائل أشبعت بحثا وطال فيها الأخذ والردّ، كقنوت الفجر، وصلاة تحية المسجد بعد الصّبح وبعد العصر، وجلسة الاستراحة، وصيغ الأذان والإقامة والتشهّد، وغيرها من المسائل…

المنارة الثّامنة: احذر فتنةَ الناس في دينهم

ليس من الحكمة الإصرار على العمل ببعض الرّخص مع شدّة إنكار النّاس لها، كرخصة المسح على الجوربين التي يصرّ بعض الشّباب على العمل بها في كلّ مكان، بما في ذلك متوضَّئات المساجد.

الأحاديث الواردة في المسح على الجوربين كلّها لا تخلو من مقال، بل قد قال بعض العلماء: لم يصحّ في المسح على الجوربين حديث مرفوع.

وعلى فرض صحّة بعضها، فإنّ المسح على الجوربين رخصة، والرّخصة في عرف الشّرع هي ما يستوي فيه الفعل والتّرك، وجمهور العلماء على أنّ غسل القدمين أفضل من المسح على الجوربين أو النّعلين، وتتأكّد الأفضلية إذا كان المتوضّئ بين أناس قد يسبّب لهم المسح فتنة في دينهم. وترك المسح على الجوربين رغبةً في الأفضل والأحوط وبعدا عن الخلاف هو الأفضل، وهو الأحوط، والمفترض في المسلم أن يكون هذا ديدنه في مسائل دينه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!