-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

من‭ ‬العڤون‭ ‬إلى‭ ‬الأطرش‭!‬

من‭ ‬العڤون‭ ‬إلى‭ ‬الأطرش‭!‬

في ربيع 1951 زار الجزائر المطرب المصري الشامي الأصل فريد الأطرش، وحظيّ في الجزائر العاصمة وقسنطينة ووهران وعنابة بحسن الاستقبال وحفاوة الترحاب. وتختلف الروايات حول مسألة ضربه بالطماطم بسبب عدم ذكره الجزائر في أغنيته الشهيرة “بساط الريح”. البعض يؤكدها والبعض الآخر ينفيها. لكن لا أحد في مصر أشار إلى هذه الحادثة. بينما تتحدث كل الشهادات، ومنها شهادتا وردة الجزائرية ومحمد الطاهر الفرڤاني، عن حب فريد الأطرش للجزائر وإبدائه استعداده لزيارتها بعد الاستقلال كما فعل عبد الحليم حافظ. لكن أمنيته هذه لم تتحقق كما لم‭ ‬تتحقق‭ ‬أماني‭ ‬أم‭ ‬كلثوم‭ ‬وفيروز‭ ‬في‭ ‬الغناء‭ ‬للجزائر‭.‬

  • ومن أطرف ما حدث خلال الزيارة الأولى لفريد أن الشاعر الشهيد عبد الكريم العڤون ألّف في فريد قصيدة بعنوان “مرحبا بالبلبل الغرّيد” وقدّمها له بهذه العبارة: “من الشاعر العقون إلى الفنان الأطرش”. وقد استاء فريد من هذه العبارة وعدّها سخرية منه وإهانة لشخصه، لكن وبعد أن شرح له الحاضرون أن الشاعر اسمه فعلا العڤون زال غضبه وانشرح صدره، وتقبّلها الأستاذ فريد، كما كتبت جريدة البصائر “قبولا حسنا، وكتحية جزائرية لحضرته وللشرق كلّه، وعدّها خير وسام تقلّده الجزائر إياه”. هذه القصيدة الرائعة ليست مدحا، إنما هي مفعمة بالكثير من الغنائية العذبة، وحسيّة الرؤية، ودقة الإحساس، وصدق المشاعر. وهي  منشورة في كتاب “شعر عبد الكريم العڤون” الذي جمعه وحقّقه الدكتور الشريف مريبعي. وليس نشرها الآن “بضائرها ما دام معناها قائما في النفوس حيّا في القلوب”.
    ‭ ‬‭                                                                          ‬
    نبأ‭ ‬أحيـا‭ ‬النفـوس‭ ‬الظامئـات‭ ‬
    وسرى‭ ‬في‭ ‬الجسم‭ ‬مثل‭ ‬الومضات
    وهفــت‭ ‬أفئــدة‭ ‬خفاقــة
    لهزار‭ ‬ـ‭ ‬إن‭ ‬شدا‮ ‬ـ‭ ‬يحيـي‭ ‬الرفـات
    أقبل‭ ‬البشــر‭ ‬علينـا‭ ‬فغـدت
    فـي‭ ‬انتشـاء‭ ‬كلهـا‭ ‬هذي‭ ‬الحياة
    مرحبـا‭ ‬بالبلبـل‭ ‬الغريـد‭ ‬في    ‭  ‬
    أيكنـا‭ ‬يشـدو‭ ‬بأحلـى‭ ‬النغمـات
    قـد‭ ‬وهبنـاك‭ ‬قلوبـا‭ ‬فاسقهـا 
    خمـرة‭ ‬قدسيـة‭ ‬فيهـا‭ ‬الحيــاة
    هاتفا‭ ‬في‭ ‬هيكل‭ ‬الوحـي‭ ‬الـذي‭   ‬
    يتـراءى‭ ‬للنفــوس‭ ‬الشاعـرات
    علهـا‭ ‬تمحـو‭ ‬تباريـح‭ ‬الجوى  
    علهـا‭ ‬تنسـي‭ ‬همومـا‭ ‬كالحـات
    يا‭ ‬طبيبـا‭ ‬آسيـا‭ ‬فـي‭ ‬فنــه  
    لحنـه‭ ‬يأسـو‭ ‬الجـراح‭ ‬الداميـات
    طالمـا‭ ‬رجعـت‭ ‬أنغامـا‭ ‬شفت
    مـن‭ ‬أساهـا‭ ‬أنفســا‭ ‬مكتئبــات
    دب‭ ‬منهـا‭ ‬البـرء‭ ‬وانساب‭ ‬إلى‭ ‬
    أكبـد‭ ‬قـد‭ ‬عاودتـها‭ ‬الذكريــات
    أنـت‭ ‬مـا‭ ‬شئـت‭ ‬أحييـت‭ ‬المنى  
    وإذا‭ ‬شئــت‭ ‬أسلـت‭ ‬العبــرات
    فتفـرق‭ ‬بحــنايــا‭ ‬أضلــع 
    لدعتهـا‭ ‬مـن‭ ‬عنـاك‭ ‬اللفـحـات
    لمــستهـا‭ ‬ريـشـة‭ ‬علويــة 
    أيقضـت‭ ‬فيهـا‭ ‬المنى‭ ‬والصبـوات
    ريشـة‭ ‬حركـت‭ ‬أوتـارا‭ ‬بهــا
    فأتـت‭ ‬بالسحـر،‭ ‬إحـدى‭ ‬المعجزات
    شاعـر‭ ‬الألحـان‭ ‬ذي‭ ‬أرواحنـا
    فـي‭ ‬سمـا‭ ‬الفـن‭ ‬رفـت‭ ‬هائمـات
    حلقـت‭ ‬فـي‭ ‬عالـم‭ ‬مخضوضر
    هـزها‭ ‬همـس‭ ‬الشفاه‭ ‬الملهمـات
    تتلقـى‭ ‬الوحـي‭ ‬منـها‭ ‬شيـقـا  
    وتــعيـه‭ ‬بقلــوب‭ ‬واعيــات
    يـا‭ ‬فريـدا‭ ‬فـي‭ ‬المغنين‭ ‬الألى   
    بعثـوا‭ ‬الأطيـاف‭ ‬تترى‭ ‬حائمـات
    نسبـة‭ ‬‮”‬بالموصلــي‮”‬‭ ‬اتصلـت
    بك‭ ‬في‭ ‬هـذي‭ ‬الأغاني‭ ‬الساحـرات
    جئـت‭ ‬تشـدو‭ ‬فـي‭ ‬ربوع‭ ‬مسها   
    ألـم‭ ‬الظلـم‭ ‬فأمسـت‭ ‬يائســـات
    جللتــهــا‭ ‬ظلمــة‭ ‬حالكـة
    ويحنـا‭ ‬مـن‭ ‬ظلمــات‭ ‬حالكـات
    إن‭ ‬فـي‭ ‬ألحانكــم‭ ‬تضميـد‭ ‬ما‭ ‬ 
    جرحـت‭ ‬تلـك‭ ‬الأيادي‭ ‬الآثمــات
    فأعينونـا‭ ‬علــى‭ ‬أعمالنـــا 
    يا‭ ‬بنـي‭ ‬النيـل‭ ‬المياميـن‭ ‬الأبــاة
    هـش‭ ‬شعـب‭ ‬طامـح‭ ‬مستبشـر  ‭   ‬
    وتلقاكـم‭ ‬وضــيء‭ ‬القسمـــات
    مرحبـا‭ ‬بالشـرق‭ ‬في‭ ‬أشخاصكم‭     ‬
    مرحبـا‭ ‬بالضـاد‭ ‬عنـوان‭ ‬الصـلات
    احملوا‭ ‬منــا‭ ‬إلـى‭ ‬ذاك‭ ‬الحمـى    ‭  ‬
    شـوق‭ ‬شعـب‭ ‬وتحايــا‭ ‬عاطـرات
    يا‭ ‬طيـور‭ ‬النيـل‭ ‬يـا‭ ‬من‭ ‬رفعوا    ‭  ‬
    رايـة‭ ‬الفـن‭ ‬لأسمــى‭ ‬الدرجـات
    آه‭ ‬ما‭ ‬أعظم‭ ‬أشواقـي‭ ‬لكــم
    ولأنغام‭ ‬عذاب‭ ‬موحيــات
    دمتم‭ ‬للفــن‭ ‬يسمــو‭ ‬بكـم‭ ‬
    فاملأوا‭ ‬الكون‭ ‬لحونا‭ ‬منشعات
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!