-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
ما‮ ‬لا‮ ‬يقال

من‮ ‬يقف‮ ‬ضد‮ ‬المصالحة‮ ‬الفلسطينية؟

من‮ ‬يقف‮ ‬ضد‮ ‬المصالحة‮ ‬الفلسطينية؟

حين اندلعت ثورة البراق الفلسطينية في أوت 1929 بين المحتلين اليهود والمواطنين الفلسطينيين، وخلفت 820 ضحية منهم 116 شهيدا فلسطينيا، تكونت لجنة بريطانية وحققت فيما سمته بالمواجهة بين العرب واليهود ورجحت الحق لكفة العرب تحركت القوى السياسية في ظل الانتداب البريطاني وأنشأت أحزابا منها حزب الدفاع الوطني وحزب الاستقلال والحزب العربي الفلسطيني وحزب الإصلاح والكتلة الوطنية.

  • وتحوّلت الساحة الفلسطينية إلى صراع ما بين العمل العسكري والعمل السياسي، ودخلت الأحزاب في صراعات وخلافات، شبيهة بما يحدث الآن في الساحة، وتصدّت الصحافة العربية لهذا التشرذم في ظل الاحتلال، فاضطرت الأحزاب إلى تشكيل “لجنة الأحزاب الفلسطينية” وتبنت بريطانيا “مشروع دولة فلسطينية مستقلة” شبيهة بالدولة التي اقترحها جورج والكر بوش وسار في طريقه أوباما. لكن الصهاينة استغلوا نتائج الحرب العالمية الثانية ليفرضوا‮ ‬مشروع‮ ‬التقسيم‮ ‬ثم‮ “‬الاعتراف‮ ‬بالوطن‮ ‬القومي‮ ‬لليهود‮ ‬في‮ ‬فلسطين‮”! ‬فهل‮ ‬التاريخ‮ ‬حلزوني‮ ‬يتقاطع‮ ‬في‮ ‬مراحل‮ ‬معينة؟
  •  
  • بين‮ ‬المقاومة‮ ‬والمصالح
  • لا أحد من الفلسطينيين لا يؤمن بالمقاومة، ولا أحد لا يؤمن بالمصالحة، وكل واحد منهم يحلم باستقلال فلسطين دون أن يكون منخرطا في “مشروع وطني”. إن استرجاع فلسطين يعني أن يصبح كل مواطن فلسطيني أمام خيار واحد وهو الاستشهاد والالتفاف حول قيادة استشهادية موحدة الهدف والنموذج هو الثورة الجزائرية التي رفضت قيادتها “الإملاءات والدعم المشروط” ومنطق “تفوق العدو”، بل إن هناك قيادات أعدمتها الثورة بمجرد ما شعرت بأنها عنصر غير متلزم بقراراتها، وحتى الأسرى الذين تفرج عنهم فرنسا كانوا مطالبين بتنفيذ عمليات ميدانية علنية قبل عودتهم‮ ‬إلى‭ ‬صفوفها‮ ‬حتى‮ ‬لا‮ ‬يكون‮ ‬هناك‮ ‬مندسون‮ ‬فيها‮.‬
  • وحين نتأمل الوضع الفلسطيني الحالي لا نجد لدى الأشقاء الفرقاء من حماس والسلطة مشروعا وطنيا لتحرير فلسطين وإنما هناك سلوك بعيد عن منطق الثورة، فالتنسيق الأمني مع العدو خيانة للوطن، وسجن الفلسطيني لدى هذه السلطة أو تلك هو خيانة. إن مجرد وجود سلطتين كل واحدة تدعي‮ ‬الشرعية‮ ‬هو‮ ‬دليل‮ ‬على‭ ‬غياب‮ ‬الإحساس‮ ‬بالمقاومة‮ ‬وفكرة‮ ‬تحرير‮ ‬البلاد‮.‬
  • إن جوهر الخلاف هو السلطة وهي سلطة افتراضية، بينما جوهر القضية هو تحرير الأراضي الفلسطينية، لقد حاولت أطراف عربية الانقلاب على الحكومة الجزائرية المؤقتة، وبمجرد ما اكتشفت الأمر تمت محاكمة المجموعة وتنفيذ الإعدام في حقها. هذا هو منطق الثورة وهو احترام سيادتها‮ ‬وقراراتها‮.‬
  • قد‮ ‬يقول‮ ‬البعض‮ ‬إنني‮ ‬أتحدث‮ ‬بمنطق‮ “‬التماثلي‮” ‬في‮ “‬المجتمع‮ ‬الرقمي‮”‬،‮ ‬وأن‮ ‬جيل‮ ‬الثورة‮ ‬الجزائرية‮ ‬غير‮ ‬جيل‮ ‬الثورة‮ ‬الفلسطينية‮.‬
  • والحق يقال إنني كنت حاضرا في قاعة “نادي الصنوبر” يوم إعلان الدولة الفلسطينية في الجزائر عام 1988 بجانب أحد قادة الثورة الجزائرية حين تدخلت “ليلى خالد” لتناقش المرحوم ياسر عرفات وتعترض على بعض مواقفه، وكيف أن قائد الثورة الذي كان بجانبي انتفض غضبا وهمس في أذني‮ ‬لو‮ ‬حدث‮ ‬مثل‮ ‬هذا‮ ‬الموقف‮ ‬معنا‮ ‬خلال‮ ‬الثورة‮ ‬لأعدمناها،‮ ‬فقلت‮ ‬له‮: “‬هذه‮ ‬هي‮ ‬الديمقراطية‮” ‬فلم‮ ‬يهضم‮ ‬كلامي‮.‬
  • تذكرت هذا الموقف وأنا أحضر الملتقى العربي الدولي لنصرة الأسرى هذا الأسبوع، في القاعة التي ولد فيها بيان الدولة الفلسطينية. وتساءلت مع نفسي: أين هي فلسطين التي نحلم بأن يحررها العرب، وحين فشلوا وتركوا المهمة لأبنائها لم يتركوا لهم فرصة تحريريها فحوّلوهم إلى‭ ‬أسرى‮ ‬لديهم؟
  • لقد تحرر الفلسطينيون من سلطة “جواز السفر” التي كانت تمنح لهم مقابل الولاء لهذا النظام أو ذاك، ولكنهم لم يتحرروا من سلطة المال التي حوّلتهم إلى “قبائل”، و”سلطة الكراسي” التي جعلت منهم “فاقدي شرعية المقاومة”.
  •  
  • أين‮ ‬القرار‮ ‬الفلسطيني؟
  • لا‮ ‬أستطيع‮ ‬تخوين‮ ‬فصائل‮ ‬المقاومة‮ ‬ولا‮ ‬السلطة‮ ‬الفلسطينية،‮ ‬فالكل‮ ‬غارق‮ ‬حتى‭ ‬قدميه‮ ‬في‮ ‬وحل‮ ‬الخلافات‮ ‬العربية‮ -‬العربية‮ ‬والعربية‮ -‬الإسلامية‮.‬
  • إن قوة الشعوب ليست في سلطة السلاح أو سلطة المال أو سلطة الكراسي والأختام وإنما في سلطة الإيمان بالقضية، فانتصار حزب الله هو النموذج الذي يقتدى به في المقاومة. وما دامت السلطة الفلسطينية رهن القرار الأمريكي والتنازلات العربية، وسلطة حماس رهن القرار الخارجي العربي‮ ‬الإيراني‮ ‬فلا‮ ‬نستطيع‮ ‬أن‮ ‬نتحدث‮ ‬عن‮ ‬مقاومة‮ ‬فلسطينية‮ ‬أو‮ ‬مصالحة‮ ‬بين‮ ‬السلطتين‮ ‬الوهميتين‮ ‬في‮ ‬الضفة‮ ‬وغزة‮.‬
  • إذا أرادت حماس أن تسترجع مكانتها في المقاومة المسلحة وليس على المنابر الإعلامية فعليها بطي ملف الأسير الصهيوني شاليط بتسليمه إلى لجنة الصليب الأحمر وتتخلى عن إدارة غزة كحكومة وإنما تنتقل إلى العمل المسلح وعدم الاعتراف بالدولة الإسرائيلية أو بالوجود الصهيوني‮ ‬في‮ ‬الأراضي‮ ‬المحتلة‮ ‬وتشرك‮ ‬الفصائل‮ ‬الأخرى‮ ‬في‮ ‬جبهة‮ ‬وطنية‮ ‬موحدة‮. ‬وإذا‮ ‬أرادت‮ ‬السلطة‮ ‬الفلسطينية‮ ‬أن‮ ‬تسترجع‮ ‬مكانتها‮ ‬فعليها‮ ‬بحل‮ ‬نفسها‮ ‬وإعادة‮ ‬تنظيم‮ ‬المقاومة،‮ ‬والتنسيق‮ ‬مع‮ ‬بقية‮ ‬الفصائل‮.‬
  • وهذا‮ ‬الحل‮ ‬سيضع‮ ‬حدا‮ ‬للجهات‮ ‬التي‮ ‬تريد‮ ‬استقلال‮ ‬المقاومة‮ ‬الفلسطينية‮ ‬لمصالحها‮ ‬الإقليمية‮. ‬وهنا‮ ‬يأتي‮ ‬السؤال‮: ‬لماذا‮ ‬لا‮ ‬توجد‮ ‬مقاومة‮ ‬في‮ ‬الجولان؟
  •  
  • الخيارات‮ ‬الصعبة؟
  • أكثر من 800 ألف مواطن فلسطيني مر عبر سجون الاحتلال، وحتى الأطفال صادوا يولدون في السجون، والوطن العربي يتجه نحو “التعفن” أكثر. والخيانة صارت وجهة نظر لدى الحاكم العربي، والشعوب العربية ما تزال متمسكة بتحرير فلسطين ومع المقاومة، وهي الظهر الذي يحميها، وإذا لم‮ ‬تعد‮ ‬هذه‮ ‬المقاومة‮ ‬تنظم‮ ‬فصائلها‮ ‬ووضع‮ ‬استراتيجية‮ ‬جديدة‮ ‬فإنها‮ ‬تفقد‮ ‬شرعية‮ “‬حمل‮ ‬هذا‮ ‬الاسم‮”.‬
  • إن وجود أكثر من جبهة للمقاومة بدءا من أفغانستان مرورا بالعراق وانتهاء بفلسطين يعني أن رقعة المقاومة تتسع يوما بعد آخر، وعلى الفصائل الفلسطينية أن تدرك أن تحرير فلسطين صار مسؤولية في أعناقها، وهي مخيرة بين “الموت أو الحياة” فأي خيارات تبقى مطروحة لديها:
  • أولا‮: ‬المصالحة‮ ‬بتشكيل‮ ‬لجنة‮ ‬حكماء‮ ‬من‮ ‬الأسرى‮ ‬لتوحيد‮ ‬العمل‮ ‬في‮ ‬داخل‮ ‬فلسطين‮ ‬وفق‮ ‬أجندة‮ ‬يتم‮ ‬الاتفاق‮ ‬عليها‮ ‬بإنشاء‮ “‬حكومة‮ ‬مؤقتة‮” ‬تفاوض‮ ‬مع‮ ‬العمل‮ ‬المسلح‮ ‬في‮ ‬الوقت‮ ‬نفسه‮.‬
  • وقد‮ ‬كشفت‮ ‬الحرائق‮ ‬التي‮ ‬اندلعت‮ ‬في‮ ‬فلسطين‮ ‬المحتلة‮ ‬هشاشة‮ ‬النظام‮ ‬الوقائي‮ ‬الصهيوني‮.‬
  • ثانيا‮: ‬حل‮ ‬السلطتين‮ ‬الفلسطينيتين‮ ‬الافتراضيتين‮ ‬في‮ ‬رام‮ ‬الله‮ ‬وغزة،‮ ‬والعودة‮ ‬إلى‭ ‬خيار‮ ‬المقاومة‮ ‬دون‮ ‬الخوف‮ ‬من‮ ‬تداعيات‮ ‬ذلك‮ ‬على‭ ‬المنطقة‮ ‬العربية‮.‬
  • ثالثا‮: ‬المصالحة‮ ‬وفق‮ “‬أجندة‮ ‬أمريكية‮ -‬عربية‮” ‬في‮ ‬مصر‮ ‬أو‮ ‬السعودية‮ ‬بمزيد‮ ‬من‮ ‬التنازلات‮.‬
  • رابعا‮:‬‭ ‬الإبقاء‮ ‬على‭ ‬الوضع‮ ‬الراهن‮ ‬كما‮ ‬هو،‮ ‬ويعني‮ ‬رهن‮ ‬فلسطين‮ ‬للاحتلال‮ ‬والاستيلاء‭ ‬على‭ ‬الأراضي‮ ‬وتهويد‮ ‬القدس،‮ ‬في‮ ‬انتظار‮ ‬أن‮ ‬يتم‮ ‬الحوار‮ ‬بين‮ ‬أمريكا‮ ‬والدول‮ ‬الذي‮ ‬تقف‮ ‬وراء‮ ‬هذا‮ ‬التيار‮ ‬السياسي‮ ‬أو‮ ‬ذاك‮.‬
  • لا شك أن هذه الخيارات كلها مرهونة بموقف الشعب الفلسطيني من قياداته، فإذا أراد الشعب أن يتحرر فإنه مطالب بدفع الثمن غاليا، بمزيد من الشهداء. والانتفاضة هي أفضل خيارات المقاومة الشعبية في انتظار أن يعود الوعي لقادة فلسطين الموجودين على رأس السلطتين الافتراضيتين‮ ‬في‮ ‬رام‮ ‬الله‮ ‬وغزة‮.‬ 
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • عبد المجيد

    يا أستاذ لماذا تتدخل فيما لا يعنيك
    أنت دائما هكذا يا عميل السلطة و كاتب المقالات بمقابل الدينارات القليلة.
    احشم على عرضك

  • رشيد

    بودي فقط أن أشكر أستاذي الفاضل على المقالات الثرية التي يقدمها لنا عبر أفضل جريدة في الوطن العربي.

  • cirta

    بعد التحية الي الاستاد/ ان دخول حركة حماس المعترك السياسي فهو خطاء كبير والكل كان يعلم ان امريكا والمحتل الصهيوني كانا يحرصان اشد الحرص علي انضمام حركة حماس و المشاركة في الحياة السياسية و حتي النتيجة لم تكون متوقعة و وقعت الحركة في الفخ يااما الاعتراف بدولة بني صهيون او تصنفها حركة ارهابية و اصبحت الدول العربية منقسمة الي انصار حماس و الي انصار فتح و ضاعت المقاومة و اصبح النزاع علي السلطة اكثر من الجهاد فلو اجتمعت حماس وفتح لا قدر الله علي خيانة الشعب الفلسطيني و الشعب العربي لكانت المصيبة اقل جرح من ان يدعي كل الشرعية. و لكم في قصة موسي وهارون عليهم السلام مع بن اسرائيل العبرة حينما ترك موسي اخاه هارون مع القوم فكفروا واشركوا بالله بعده ففضل هارون عليه السلام تركهم مجتمعين علي الكفر و الشرك خير من الاختلاف و التفرعة وقال لموسي .عليه السلام( اني خشيت ان تقول اني فرقت بين بني اسرائيل ولم ترقب قولي)

  • abdo

    vive palastine

  • بو خليفة حبيب

    اتفق معك يا الاستاذ الفاضل في موقف الاختيار الذي بدونه لا يمكن تحرير فلسطين و لا الامة العربية. ان فلسطين تبقى الفضاء الوحيد الذي بامكانه اما ان يجدد الايمان بالقضايا ويتحتم ان يتخذ قرار المقاومة و اما ان تختلف الطوائف وترهن نفسها لسلطة المنافع و المال بين هذا و ذاك يصبح الاختيار صعب ولنا ان نختار بين الحياة او الموت