من أفغانستان إلى العراق.. نفس المعادلة تتكرر
نجحت الدول الغربية في الزج بعشرات الآلاف من الشباب المسلم في حرب أفغانستان باسم الجهاد ومحاربة الإلحاد الشيوعي، ولعبت دولٌ عربية معروفة بإمكانياتها المالية الكبيرة دور المناول في هذه المحاولة بتسخير الأموال وتجنيد أشباه الدعاة للفتوى بأن حربا مقدسة تجري في أرض الإسلام ينبغي النفير لها، وسقط الآلاف من الشباب المغرر به في تلك الحرب، ومن بقي على قيد الحياة إما عاد إلى بلده نادما بعد أن انكشفت أمامه قواعد اللعبة، أو عاد مهيئاً للقيام بدور تخريبي في بلده بعد أن تم تجنيده أو غسل دماغه، أو بقي هناك منتقما من الذين خدعوه فوجد نفسه في حرب أخرى لم يكن مستعدا لها، ولا هو قادر عليها، فتاهت به السبل أو وجد نفسه في”غوانتنامو”.
اللعبة نفسها تكاد تتكرر اليوم مع ما يسمى بـ”الدولة الإسلامية في العراق والشام”، الدول نفسها وبدعم الأموال نفسها تُنشئ الوضع المشتعل نفسه في منطقة وادي الرافدين باسم محاربة المد الإيراني في المنطقة، تُجند آلاف الشباب وعشرات “الدعاة” الموالين للفتوى بأولوية “الجهاد” ضد المسلمين من غير أهل السنة (الشيعة وغيرها من الفرق) على نصرة أهل السنة المستضعفين على بعد كيلومترات منهم في غزة وفلسطين وبيت المقدس… هؤلاء لا أولوية لهم ولا ينفع إن كانوا من أهل السنة والجماعة لأن المعادلة الغربية لا تقول ذلك.
حرف واحد يتم حذفه من هذه المعادلة اليوم ليتحول العدو الشيوعي إلى العدو الشيعي (الواو)، لكن المعادلة تبقى على حالها: قوة عسكرية غربية+ أموال عربية+ شباب مسلم = تحقيق المصالح الاستراتجية الغربية والإسرائيلية للسيطرة على المنطقة وكسر الدولة الوطنية القادرة على المواجهة وتفتيتها على أسس طائفية ودينية إلى دويلات صغيرة (سنة أكراد، شيعة عراقيين، شيعة عرب، زيدية يمنيين، علوية عرب، مسيحيين عرب، أقباط مصريين…وهكذا) كل ذلك لتتساوى مع النموذج الإسرائيلي المفروض في المنطقة القائم على أساس ديني عرقي (يهودي إسرائيلي).
ويتم إنشاء”داعش” في المخابر الغربية، كما أُنشئت القاعدة، ويُعلن”الجهاد” في الشام والعراق كما أُعلن في أفغانستان، ويتم قطع رؤوس أمريكيين وبريطانيين وفرنسيين أبرياء لصناعة رأي عام عالمي مؤيد لهذه السياسات الكلية الموجهة ضدنا كأمة تسعى إلى النهضة والوحدة وإلى طرح الإسلام الصحيح كبديل للإنسانية. ويتم تشويهنا باسم “داعش” بعد أن انتهت القاعدة من دورها القذر في تشويهنا، ويتم التغرير بأبنائنا باسم جهاد مزعوم، والضغط على بلداننا باسم محاربة إرهاب مصنوع.. أفلا نصحو من غفلتنا؟ ألا يحق لنا نأمل في أن نفهم ذات يوم؟