الرأي

من أفغانستان إلى العراق‮.. ‬نفس المعادلة تتكرر

محمد سليم قلالة
  • 3836
  • 9

نجحت الدول الغربية في‮ ‬الزج بعشرات الآلاف من الشباب المسلم في‮ ‬حرب أفغانستان باسم الجهاد ومحاربة الإلحاد الشيوعي،‮ ‬ولعبت دولٌ‮ ‬عربية معروفة بإمكانياتها المالية الكبيرة دور المناول في‮ ‬هذه المحاولة بتسخير الأموال وتجنيد أشباه الدعاة للفتوى بأن حربا مقدسة تجري‮ ‬في‮ ‬أرض الإسلام‮ ‬ينبغي‮ ‬النفير لها،‮ ‬وسقط الآلاف من الشباب المغرر به في‮ ‬تلك الحرب،‮ ‬ومن بقي‮ ‬على قيد الحياة إما عاد إلى بلده نادما بعد أن انكشفت أمامه قواعد اللعبة،‮ ‬أو عاد مهيئاً‮ ‬للقيام بدور تخريبي‮ ‬في‮ ‬بلده بعد أن تم تجنيده أو‮ ‬غسل دماغه،‮ ‬أو بقي‮ ‬هناك منتقما من الذين خدعوه فوجد نفسه في‮ ‬حرب أخرى لم‮ ‬يكن مستعدا لها،‮ ‬ولا هو قادر عليها،‮ ‬فتاهت به السبل أو وجد نفسه في‮”‬غوانتنامو‮”.‬

اللعبة نفسها تكاد تتكرر اليوم مع ما‮ ‬يسمى بـ”الدولة الإسلامية في‮ ‬العراق والشام‮”‬،‮ ‬الدول نفسها وبدعم الأموال نفسها تُنشئ الوضع المشتعل نفسه في‮ ‬منطقة وادي‮ ‬الرافدين باسم محاربة المد الإيراني‮ ‬في‮ ‬المنطقة،‮ ‬تُجند آلاف الشباب وعشرات‮ “‬الدعاة‮” ‬الموالين للفتوى بأولوية‮ “‬الجهاد‮” ‬ضد المسلمين من‮ ‬غير أهل السنة‮ (‬الشيعة وغيرها من الفرق‮) ‬على نصرة أهل السنة المستضعفين على بعد كيلومترات منهم في‮ ‬غزة وفلسطين وبيت المقدس‮… ‬هؤلاء لا أولوية لهم ولا‮ ‬ينفع إن كانوا من أهل السنة والجماعة لأن المعادلة الغربية لا تقول ذلك‮.‬

حرف واحد‮ ‬يتم حذفه من هذه المعادلة اليوم ليتحول العدو الشيوعي‮ ‬إلى العدو الشيعي‮ (‬الواو‮)‬،‮ ‬لكن المعادلة تبقى على حالها‮: ‬قوة عسكرية‮ ‬غربية‮+ ‬أموال عربية‮+ ‬شباب مسلم‮ = ‬تحقيق المصالح الاستراتجية الغربية والإسرائيلية للسيطرة على المنطقة وكسر الدولة الوطنية القادرة على المواجهة وتفتيتها على أسس طائفية ودينية إلى دويلات صغيرة‮ (‬سنة أكراد،‮ ‬شيعة عراقيين،‮ ‬شيعة عرب،‮ ‬زيدية‮ ‬يمنيين،‮ ‬علوية عرب،‮ ‬مسيحيين عرب،‮ ‬أقباط مصريين‮…‬وهكذا‮) ‬كل ذلك لتتساوى مع النموذج الإسرائيلي‮ ‬المفروض في‮ ‬المنطقة القائم على أساس ديني‮ ‬عرقي‮ (‬يهودي‮ ‬إسرائيلي‮).‬

ويتم إنشاء”داعش‮” ‬في‮ ‬المخابر الغربية،‮ ‬كما أُنشئت القاعدة،‮ ‬ويُعلن”الجهاد‮” ‬في‮ ‬الشام والعراق كما أُعلن في‮ ‬أفغانستان،‮ ‬ويتم قطع رؤوس أمريكيين وبريطانيين وفرنسيين أبرياء لصناعة رأي‮ ‬عام عالمي‮ ‬مؤيد لهذه السياسات الكلية الموجهة ضدنا كأمة تسعى إلى النهضة والوحدة وإلى طرح الإسلام الصحيح كبديل للإنسانية‮. ‬ويتم تشويهنا باسم‮ “‬داعش‮” ‬بعد أن انتهت القاعدة من دورها القذر في‮ ‬تشويهنا،‮ ‬ويتم التغرير بأبنائنا باسم جهاد مزعوم،‮ ‬والضغط على بلداننا باسم محاربة إرهاب مصنوع‮.. ‬أفلا نصحو من‮ ‬غفلتنا؟ ألا‮ ‬يحق لنا نأمل في‮ ‬أن نفهم ذات‮ ‬يوم؟

مقالات ذات صلة