-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

من تيزي-وزو إلى آسفي: رحلة الجزائري بوجمعة العملي التي غيّرت وجه الخزف في المغرب

ماجيد صرّاح
  • 2458
  • 2
من تيزي-وزو إلى آسفي: رحلة الجزائري بوجمعة العملي التي غيّرت وجه الخزف في المغرب
حقوق محفوظة
بوجمعة العملي

بوجمعة العملي هو اسم جزائري ارتبط بصناعة الخزف في المغرب وبالضبط بمدينة آسفي المعروفة بهذه الصناعة والتي منح سكانها إسم “العملي” لقطع الفخار التي تنتجها.

ولد العملي في إحدى قرى تيزي-وزو الجزائرية عام 1890، كي ينتقل طفلا إلى الجزائر العاصمة أين التحق بإحدى ورشات صناعة الخزف  أين تتلمذ على يد إرنست سوبيرو.

بعد عمله في الورشة، التي دخلها متربصا، وإبداعه فيها لمدة 10 سنوات، دخل إلى المدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر العاصمة.

من مدرسة الفنون الجميلة بالجزائر العاصمة إلى باريس

ليتم بعد ذلك إرساله إلى فرنسا لدراسة الخزف بمدرسة “سيفر“. وكان بوجمعة العملي أوّل شمال إفريقي يدخل هذا المصنع المدرسة الذي تم تأسيسه عام 1740.

أثناء تواجده بفرنسا درس بوجمعة العملي الخزف العربي والفارسي المعروض في متحف اللوفر وفي متحف كلوني بالدائرة الخامسة في باريس، كما شارك في عديد المعارض.

قرية ساحل الواقعة في تيزي-وزو. صورة: حقوق محفوظة

وحسب ورقة بحثية حول خزف آسفي منشورة في “مجلة مركز البحث في الإقتصاد التّطبيقي من أجل التّنمية“، ففي 1918، أراد هوبير ليوتي، المقيم العام للمغرب، الذي كان آنذاك تحت “الحماية الفرنسية” القيام بـ”تجديد وتنشيط وحتى إحياء هذا الفن المحلي”، وذلك بهدف تحويل هذا النشاط من حرفة منتجاتها موجهة للإستعمال اليومي إلى صناعة ذات ربحية. ووقع الإختيار على بوجمعة العملي وتم تكليفه للقيام بهذه المهمة.

بداية الخزف في آسفي تعود إلى عام 1875، لكنه كان فخارا مخصصا للإستخدامات اليومية بشكل رئيسي. وللنهوض به وجعله صناعة حقيقية، قرر هوبير ليوتي اتخاذ خطوتين: الأولى هي إنشاء مدرسة للخزف والثانية هي إدخال الزخارف الأمازيغية إلى الفخار المحلي.

فحل العملي بالمدينة ليطلق ورشة للفخار، عامين بعد ذلك أي في 1920 يطلب ترخيصا لفتح مدرسة لتعليم الخزف، وهو ما كان.

الإستقرار في آسفي وأول مدرسة للخزف 

ففتح “مدرسة ورشة” قام فيها بتكوين العديد من الحرفيين وبإحداث ثورة في صناعة الخزف في المغرب، وكانت أول مدرسة في المغرب وفي إفريقيا من ذلك النوع.

فبعد أن كان الخزف الذي تتم صناعته في المدينة يقتصر على ذلك الموجه لللإستخدام المنزلي، طوره العملي بإضافة الجانب الفني والتزييني. وقام باستخراج الأصباغ من النباتات، كما قام بصبغ الخزفيات بالمعادن من فضة وذهب ونحاس ورصاص.

إضافة إلى تعليمه وتأطيره للحرفين الذين علمهم الرسم والخراطة، اشتغل بوجمعة العملي بدراسة خزف آسفي وتاريخه، وهو ما واصل القيام به إلى غاية وفاته عام 1971.

قدوم هذا “المعلم الكبير” في الخزف إلى مدينة آسفي جعل من المدينة عاصمة للخزف بالمغرب، وحولها إلى أهم مركز في المغرب لهذه الحرفة، سواء ما تعلق بأدوات الإستعمال المنزلي أو التزييني.

وتعتبر صناعة الخزف في آسفي نشاطا اجتماعيا واقتصاديا رائدا فيها، ويدعم بشكل مباشر أو غير مباشر عشرات الآلاف من سكانها، في الترويج للسياحة والتراث الثقافي والفني المحلي.

خزف آسفي. صورة: ويكيبيديا.

اعتراف وشهرة عالمية

منطلقا من الطابع المحلي للفخار في المدينة، طور بوجمعة العملي الزخارف والرسوم مستلهما من الحضارات والأمازيغية والعربية والأندلسية والفارسية.

وتدين مدينة آسفي فيما حققته في مجال الخزف لبوجمعة العملي ابن تيزي-وزو الجزائرية الذي مكنت إبداعاته من إحياء هذه الصناعة المحلية في هذه المدينة المغربية.

فعلّم في ورشته طلابه إضافة إلى عمليات التصنيع، أسرار التجارة وهي الدروس التي نقلوها بدورهم إلى أبنائهم وأحفادهم.

وشارك العملي بإبداعاته في مجال الخزف في عديد المعارض العالمية أين حاز عديد الجوائز والإستحقاقات في مرسيليا 1922، باريس 1931، نيويورك 1949.

إسهام بوجمعة العملي في تطوير الخزف في آسفي وأثره فيها لم ينسه سكانها الذين منحوا اسمه، “العملي”، لقطع الخزف. وفي 2021 احتفل المتحف الوطني للخزف بالمدينة بمئوية قدوم العملي إلى المغرب، أين تم استعراض المسار الإستثنائي لهذا الرجل.

وبهذه المناسبة قالت المؤسسة الوطنية للمتاحف في المغرب أنها “تعمل من أجل تمكين جميع المغاربة من استكشاف هذا المعرض الذي سيكرم ويحتفي بمئوية قدوم الجزائري بوجمعة العملي إلى المغرب، وإحداثه لأول مدرسة للخزف”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • Likhdar

    Salam khawti bgit nifham haja 3lah rah lmaroc ??

  • رضوان

    استقر بوجمعة العملي بمدينة أسفي وبها عاش بقية حياته إلى أن توفي بها سنة 1971 وتم دفنه كما هو مذكور بالمقبرة المسيحية بالمدينة، لأنه كان يحمل «الجنسية الفرنسية» . السؤال الكبير ، لماذا لم يستقر بالجزائر واختار المملكة المغربية