-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

من طال عمره لديه الكثير

ياسر أبو هلالة
  • 999
  • 0
من طال عمره لديه الكثير

وصل عدد سكان العالم إلى ثمانية مليارات شخص يوم الثلاثاء الماضي، وسيصل إلى تسعة مليارات في 15 عاماً، حيث يشهد ارتفاعاً غير مسبوق في عدد المتقاعدين، وانخفض معدّل الخصوبة العالمي بأكثر من النصف منذ الخمسينيات إلى 2.3 مولود لكل امرأة. مع انخفاض معدّل الوفيات أيضاً، من المتوقع أن يرتفع عدد الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً فأكثر من 783 مليوناً في عام 2022، إلى مليار بحلول عام 2030، وأن يصل إلى 1.4 مليار بحلول عام 2043، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة.

هذا خبر سار للبشر جميعاً، مستقبلنا من طويلي الأعمار، وللعرب خصوصاً. لدى عالمنا العربي ما يفاخر به العالم الذي يواجه تحدّي الشيخوخة، إلى درجة يمكن القول فيها إن من الأفضل أن تقضي طفولتك في الغرب، وشيخوختك في عالمنا العربي، لما لكبار السن فيه من مكانة وتقدير ورعاية. وبدلاً من الانصياع لأجندة المجتمعات الغربية الاستشراقية، والانشغال في نقاشات المثلية وغيرها، علينا أن نقدم إضافة إلى العالم، من خلال مثلنا وقيمنا. ولا شك في أن الأسرة العربية والمسلمة محظوظة بكبار السن الذين يتعبّد الناس ربّهم بإرضائهم. نحن في عالم موزّع بين الشيوخ والصبيان، وهم في ازدياد بسبب تحسّن التغذية والتقدّم الطبي والصرف الصحي والرعاية الصحية والتعليم والتقدم الاقتصادي. إذ يُعتقد أن عدد الأشخاص الذين تقلّ أعمارهم عن 15 عاماً قد بلغ ذروته العام الماضي عند مليارين، بينما تتراجع نسبة من تراوح أعمارهم بين 15 و64 عاماً، والذين يُعتبرون تقليدياً في سن العمل.

“ستتميز العقود المقبلة بزيادة سريعة في عدد كبار السن، حيث تتقدّم الأعداد الكبيرة التي ولدت في منتصف القرن الماضي في السن”، قالت مسؤولة شؤون السكان في الأمم المتحدة، سارة هيرتوغ. قال الأستاذ في معهد أكسفورد لشيخوخة السكان، نوربرت ماينرز، إن شيخوخة السكان “انتصار لجهود التنمية”. قال المدير التنفيذي للتحالف العالمي للشيخوخة، مايكل هودين، إن الشيخوخة، لا النمو السكاني، “أهم تغيير ديمغرافي في هذا القرن”.

الشيخوخة هي التحدّي الرئيسي للمجتمعات والاقتصادات، لأنها تزيد من الضغط على الإيرادات المالية والإنفاق على الرعاية الصحية. ارتفع عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 80 عاماً، ويرتبطون ارتباطاً وثيقاً بالمشكلات الصحية، إلى أكثر من 150 مليوناً هذا العام. هذا أكثر من ضعف الرقم قبل 20 عاماً. استجابة لذلك، بدأت دول عديدة برفع سنّ التقاعد الحكومي من 65. هذه الفئة بالذات في عالمنا العربي الأعلى مكانة، وقيمتها ليست في إنتاجيتها بسوق العمل المباشر، بقدر ما هي في المساعدة ببناء الأسرة والحفاظ على تماسكها ولمّ شملها وإسعادها. وهذه لا تقدّر بثمن لو قُيّمت مادياً.

قال الخبير الاقتصادي في مركز OECD لفرص المساواة، شروتي سينغ، في مقابلة مع “الفايننشال تايمز”، إنه دون مزيد من الإجراءات السياسية، من دعم رعاية الأطفال إلى توفير الرعاية الصحية، فإن انخفاض نسبة السكان في سنّ العمل في الاقتصادات المتقدّمة “من المتوقع أن يخفض النمو ومستويات المعيشة”.

يبلغ عمر حوالى 30% من سكان اليابان 65 عاماً وأكثر، بينما تبلغ النسبة في أوروبا 20%، أي ضعف المتوسط العالمي والأعلى في أي قارّة. وقالت سارة هيرتوغ من الأمم المتحدة إن من المرجح، بالنسبة إلى أوروبا وأميركا الشمالية، أن يحدُث كل النمو السكاني المستقبلي حتى عام 2050 بين كبار السن. في حين أن البلدان النامية في أميركا اللاتينية وآسيا لا تزال أصغر سناً بشكل عام، فإنها تتقدّم في العمر الآن بوتيرة أسرع من البلدان المتقدّمة. في الواقع، كان معدّل الوفيات (عدد الوفيات في فئة عمرية لكل ألف من السكان في الفئة العمرية نفسها) لمن تراوح أعمارهم بين 65 و69 عاماً في عام 1950 أعلى من أولئك الذين أعمارهم بين 75 و79 عاماً اليوم، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة.

ومع ذلك، قال خبراء إن المخاوف بشأن الشيخوخة مبالغ فيها، ويرجع ذلك جزئياً إلى التعريف القديم لكبار السن. قالت أستاذة علم الشيخوخة في جامعة أكسفورد، سارة هاربر، لـ”الفايننشال تايمز”: “إن معظم المتعلمين في الستينيات من العمر قادرون جداً على المساهمة في الاقتصادات الحديثة”. وهذا يتطلب إعادة نظر في سوق العمل وسياسات التوظيف والتقاعد، ومنهم أكثر جدّية وإنتاجية من حديثي التخرّج. ما هو فوق ذلك، كيف يمكن الجدّ والجدّة المساهمة في تربية الأطفال وتأهيلهم ورعاية الشباب والمراهقين الذين يعانون من تحدّيات هائلة على مستوى القيم والصحة النفسية والعقلية. وهو ما يحسّن نوعية الحياة ويساهم في الاقتصاد. طويلو العمر، متّعهم الله بالصحة، إضافة، وليسوا عبئاً.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!