الرأي

من للفقراء بعد تمرير قانون الصحة؟!

قادة بن عمار
  • 2094
  • 4
أرشيف

الآن، وقد بات قانون الصحة الجديد أمرا واقعا، وصادق عليه المجلس الشعبي الوطني، في انتظار المصادقة الشكلية لمجلس الأمة، علينا جميعا أن ننتظر ما الذي سيتغير في حياة الجزائريين حقا؟ هل سيكون القانون بمثابة جسّ النبض لرفع الدعم عن قطاع حساس مثل الصحة وإنهاء مجانية العلاج؟ أم إن السلطة ستتريث في تنفيذه بناء على حجم الاختلالات الكبيرة في المنظومة الصحية وآليات الضمان الاجتماعي؟!
القانون جاء غامضا، حيث لم يُشرك كل المهنيين في صياغته، ولم يوضح حقيقة التوجُّه الجديد للدولة. صحيح، إنه يقترح آليات تمويل مغايرة بعدما باتت الخزينة العمومية غير قادرة على الإنفاق أكثر على القطاع، لكنه في استغاثته بصناديق الضمان الاجتماعي والتأمين، يبدو كمن يستعين بمن لا معين له، فتلك الصناديق وباعتراف جهات رسمية، تعاني إفلاسا حقيقيا، أو هي على وشك الانهيار تماما.
ثم ما العمل مع أزيد من 30 بالمائة من الجزائريين غير المؤمّنين؟ وهل يتوفر الكلّ على “بطاقات شفاء” في بلد عجزت حكومته ومصالحه الإدارية عن توزيع بطاقات تعريف بيومترية أو حتى رخص سياقة جديدة؟ وماذا عن مسار الخصخصة الذي قد يبدأ في أيّ وقت، بكل ما يحمله هذا التوجّه من تضحيات، أوَّلها تسريح عدد كبير من العمال؟!
من يضمن حماية الفقراء والضعفاء من تغوّل النافذين في قطاع الصحة بشكله الجديد، طالما أن الحماية لم تشمل سابقا حتى المحتاجين إلى قفة رمضان، فلا يزال الكثير من فضائحها أمام المحاكم حتى الآن؟ من دون الحديث عن إعانات الشباب العاطلين ومشاريع “لانساج” وتوزيع السكنات الاجتماعية.. هل باتت هنالك طبقة وسطى أصلا في البلاد ونحن نقرأ عن 10 بالمائة فقط يسيطرون على 23 بالمائة من ثروات البلاد في مقابل الملايين من الجزائريين الذين لم تتغير رواتبهم منذ سنوات؟!
هل يدرك الخواص، الذين تدعوهم الدولة حاليا إلى دخول القطاع الصحي، أن هذا الأخير “خدماتي” بالأساس وليس قطاعا تنافسيا يدرُّ الأموال فقط؟ أم إنهم سيدخلونه من بوابة الربح والبحث عن المال، فنكرر تجربة استيراد الأدوية التي أنشأت مافيا خطيرة في البلاد وتسببت في منع وصول الكثير من الأدوية إلى المرضى، بفعل المضاربة والاحتكار لسنوات؟
قانون الصحة، يأتي في وقت صعب جدا، قد يدفع السلطة إلى تأخير تنفيذه حتى بعد المصادقة عليه، خصوصا أن مقاطعة 15 ألف من الأطباء المقيمين، وهم طلبة يتدربون فقط، مثلما قال عنهم وزير الصحة، أدخلت القطاع في شلل كبير، وأوقفت العمل بالكثير من الاستعجالات، فهل يمكن لقطاع لا يزال يعتمد على أطباءٍ لم يتخرَّجوا بعد أن يبني استراتيجيته على موارد بشرية غير كافية وعلى عتاد لا يتوفر في الكثير من المدن بما فيها العاصمة حتى لا نقول المناطق النائية والجنوبية؟!

مقالات ذات صلة