-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

من واجبنا أن نحذّر من التطرّف الدينيّ.. لكن ماذا عن التطرّف العلماني؟

سلطان بركاني
  • 3916
  • 0
من واجبنا أن نحذّر من التطرّف الدينيّ.. لكن ماذا عن التطرّف العلماني؟
ح. م

تعكف كثير من الهيئات والمؤسسات الدينية الرسمية وغير الرسمية في بلدان العالم الإسلاميّ في السّنوات الأخيرة على عقد ندوات ومؤتمرات حول “التطرّف الدينيّ”، تخلص إلى نتائج وتوصيات تكاد تكون معلومة ومسطّرة سلفا، تذكّر في غالبها بسماحة الإسلام، وتبرّئ ساحة الدين من التطرّف ومن أعمال الجماعات المتطرّفة، وتدعو إلى محاصرة التشدّد والغلوّ بدعم المرجعيات الدينيّة والوطنيّة..

ولا شكّ أنّ سعي هذه الهيئات والمؤسّسات محمود ومشكور، وبياناتها مهمّة وضرورية، لكنّ ما يُعتب عليها أنّها لا تشير من قريب ولا من بعيد إلى تطرّف آخر لا يقلّ خطورة عن “التطرّف الدينيّ”، بل ربّما يكون أحد أهمّ أسباب نشوء هذا الأخير وتوسّعه، هو التطرّف العلمانيّ الإستئصالي، الذي تمكّن كثير من رموزه من الوصول إلى مواقع التّأثير بدعم غربيّ، فتماهوا مع النّزوات الغربية في محاصرة الإسلام، وأصرّوا على استفزاز الأمّة بالعدوان الممنهج على عناصر هويتها، وفتح الأبواب على مصاريعها للإعلاميين والكتّاب والأدباء ليطعنوا في الثوابت والمسلّمات ويستهزئوا بشعائر الدّين وشرائعه، هذا فضلا عن الإرهاب الرّسميّ الذي مارسته ولاتزال تمارسه بعض الجهات العلمانية النّافذة في حقّ المعارضين عموما والإسلاميّين خصوصا، باستخدام أساليب من التّعذيب لم تخطر على بال أبي جهل وأمية بن خلف وزبانيتهما وهم يعذّبون المستضعفين من المسلمين في بطحاء مكّة؛ حيث تحوّلت بعض السّجون ومراكز التّحقيق إلى مسالخ تمارس فيها أبشع صنوف التّنكيل التي تُهدَر معها الكرامة الإنسانيّة.

الجهات الدينية الرّسميّة وغير الرّسميّة في بلدان العالم الإسلاميّ، مطالبة بعقد ندوات ومؤتمرات جادّة حول “التطرّف الدينيّ” وأسبابه ومظاهره وسُبل مواجهته، لكنّها أيضا مطالبة بالتّزامن مع ذلك بتوجيه أصابع الاتّهام بكلّ جرأة إلى الجهات العلمانية المتطرّفة التي كانت المتسّبب الرّئيس في ظهور “التطرّف الدينيّ”، ومطالبة أيضا بألا تكتفي بتوجيه رسائلها وخطاباتها إلى ضحايا التطرّف الدينيّ، بل عليها أن تتوجّه بخطاباتها أيضا إلى الأنظمة العربيّة والإسلاميّة وتحمّلها المسؤولية الكاملة في وضع حدٍّ للتطرّف العلمانيّ، ووقف العدوان الممنهج والمتصاعد على ثوابت الأمّة.

ليس من العدل ولا من مصلحة بلدان المسلمين، أن يتنادى أهل الدين إلى المؤتمرات ويتدافعوا على المنصّات ويتناوبوا على الشّاشات لتبرئة الدّين من التطرّف، بينما يصرّ العلمانيون على تمثيل دور الضحيّة وعلى إلصاق التّهمة بأهل الدّين، ويذهب بعضهم بعيدا ليلصق التطرّف بالدّين نفسه، ويدعوَ إلى إعادة النّظر في نصوصه وتشريعاته!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!