الرأي

من يتاجر بسكنات المحتاجين؟

حسين لقرع
  • 1851
  • 11

من حق وزارة السكن فتحَ تحقيق في بيع 20 بالمائة من السكنات الاجتماعية وإن تعاقب بائعوها، قصد ردع المستفيدين القادمين فلا يفكرون في بيع هذا النوع من السكنات التي يحصلون عليها بأسعار منخفضة لتحقيق الثراء دون جهد، ولكننا لا نفهم لماذا تقتصر الوزارة على المستفيدين الذين باعوا سكناتهم وتتغاضى عن الجهات التي منحت سكنات المحتاجين إلى أشخاص ليسوا بحاجة إليها، بدليل إقدامهم على بيعها؟

ما يعرفه الجميع هو أن السكنات الاجتماعية موجّهة للمحتاجين ذوي الدخل المنخفض، لكن المحتالين من ذوي النفوذ والمعارف والانتهازيين والبزناسية عادة ما يحصلون على حصص معتبرة منها بطرق ملتوية، ولذلك تحصل احتجاجاتٌ شعبية خلال عمليات التوزيع، وتتحوّل أحياناً إلى عمليات تخريب، لأن المحتاجين يرون بأمّ أعينهم كيف استولى الميسورون والنافذون على سكناتهم قصد إعادة بيعها أو تأجيرها واتخاذها مصدراً دائما للريع، ولا يستطيعون فعل شيء بسبب تواطؤ الكثير من المجالس البلدية والدوائر معهم، فكيف يُعاقب المستفيدون الانتهازيون وتُترك الجهاتُ التي منحتهم هذه السكنات من مجالس بلدية ودوائر وحتى ولاة كانوا يوزّعون نسبة الـ10 بالمائة من كوطة السكنات الاجتماعية الممنوحة لهم على من يشاءون من ذوي النفوذ والمعارف؟ أليس هؤلاء المتواطئون أولى بالعقوبة منهم؟

نرجو أن تتحلى الوزارة بالشجاعة اللازمة وهي تحقق في هذا الملف وتقدّم جميع النافذين الانتهازيين الذين استولوا على سكنات الفقراء بالنفوذ والاحتيال والمحاباة، وكذا الجهات المتواطئة معهم، إلى العدالة لينالوا ما يستحقونه من عقاب، وأن لا تقتصر التحقيقات عن كشف المحتالين من الفقراء الذين امتهنوا بناء أكواخ قصديرية للحصول على سكنات اجتماعية عديدة، ثم يقومون في كل مرة ببيعها والعودة إلى أكواخهم في انتظار عمليات ترحيل جديدة. المطلوب هو معاقبة جميع المحتالين المتورطين والمتواطئين معهم، وعدم الاكتفاء بتقديم انتهازيي الأكواخ ككباش فداء وطيّ الملف بعد ذلك، فإنما أهلك الذين من قبلنا أنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الوضيعُ أقاموا عليه الحدّ.

إذا كانت الوزارة تريد فتح تحقيق في هذا الموضوع الشائك، فليكن عميقاً وشاملاً وجريئاً، ولتعاقب كل المتورطين في الاستيلاء على سكنات الفقراء وبيعها لتحقيق الثراء، بعدل، ودون تمييز، أما إذا كانت ستعود القهقرى حينما تصطدم بمسؤولين نافذين حصلوا على عدة سكنات للفقراء وباعوها لتحقيق الثراء وتمويل مشاريعهم المشبوهة، فالأفضل أن تتوقف هنا، ولا تفتح تحقيقاًموجّهالا يدفع ثمنَه سوى انتهازيي الأكواخ القصديرية لذرّ الرماد في العيون.

مشكلة السكن في الجزائر، تكمن في سوء التوزيع وذهاب السكنات الاجتماعية تحديداً إلى الكثير من المحتالين والقليل من المحتاجين، ولذلك كثُرت الاحتجاجات الشعبية على كيفية التوزيع التي أصبحت عاملاً مغذيا للتوترات الاجتماعية، والمطلوب أن توضع سياسة أكثر عدلاً وإنصافاً في توزيع مئات الآلاف من السكنات الاجتماعية مستقبلاً

 

ولكننا نعتقد أن تحقيق العدل في مختلف المسائل المرتبطة بالعدالة الاجتماعية غير ممكن الآن لأسباب تتعلق بتركيبة النظام الريعي وعدم شفافيته، وكل الحلول التي تُقدّم هي مجرّد مسكّنات لا تعالج جذور المرض ومسبّباته.    

مقالات ذات صلة