الرأي

من يوقف الخيانة

صالح عوض
  • 2456
  • 14

قبل عشرات السنين وقف، هواري بومدين، أمام حكام العرب محذرا ان الحرص على فلسطين هو ضمانة تماسك الامة وان عدم الحرص عليها سيفجر الامة ويجعلها قطعا ممزقة.. ولم يتردد هواري بومدين ومن جاء خلفه في تقديم كل ما يلزم لجعل القضية الفلسطينية في مكانة الصدارة والاولوية العربية وملفها هو الأول بلا منافس في كل المحافل العربية والإسلامية.
عشرات السنين مرت لتعيش فلسطين حالة من التخلي العربي الرهيب غير المفهوم حيث تركت أجزاء الشعب الفلسطيني بين شتات ولجوء وتعرض لعدوانات مستمرة من قبل الكيان الصهيوني في محاولة لانهاء فلسطين ارضا وشعبا واستمر الإصرار الصهيوني ومعه الأمريكي والغربي لتغيير معالم فلسطين وتكريس مفاهيم جديدة ورواية جديدة لفلسطين تنهي المشهد إلى صورة مفتعلة اصبح الجميع يتعامل معها بلا خجل ولا خوف.
إن أسوأ مشاهد هذا التخلي الرسمي العربي عن فلسطين ان يترك شان اللاجئين الفلسطينيين الى الإدارات الامريكية تزود وكالة الغوث بملايين الدولارات سنويا وتمكنت السياسة الامريكية من ذلك وبعد عشرات السنين خرجت الإدارة الامريكية لتقول ان العدد الذي تتبناه وكالة الغوث عن عدد اللاجئين الفلسطينيين غير صحيح مطالبة وكالة الغوث بتعديل الرقم واختصاره اذا ما ارادت الوكالة ان تتلقى المساعدات من الولايات المتحدة الامريكية.
الحكومة الامريكية تقول إن القضية الفلسطينية انتهت ولم تعد أولوية وانها غابت عن طاولات البحث والنقاش في المحافل الدولية وان العرب الرسميين لم يعودوا في وارد جعلها أساس العلاقات الإقليمية والدولية.
من المؤكد ان كلام الامريكان خاطئ من الوجهة الواقعية فلقد نالت فلسطين في السياسة العالمية الاهتمام الأبرز بعد ان أصبحت تنال اعترافا من قبل دول العالم وبعد ان اثبت الشعب الفلسطيني جدارته في التصدي لاقوى جيوش المنطقة المزود بكل جريمة الاحتلال وسجل الشعب الفلسطيني صمودا خلال عشرات السنين وألحق بالعدو الصهيوني خسائر فادحة ولازالت ثورته في عنفوانها وصلابتها كما يتجلى ذلك في غزة الشموخ.
وهكذا تصبح الصورة مليئة بالادلة على ان الامريكان يتحركون بناء على رغبتهم ومصالح استراتيجية تقتضي تدمير مراكز الاشعاع الروحي في امتنا والسيطرة على كل مفاصل وجودنا واهانة امتنا.
في صف اخر يسارع بعض الرسميين العرب في تحالفات واتصالات مع العدو لانشاء أوضاع امنية وعسكرية مشتركة بعد ان يتم اختلاق عدو وتوجيه البوصلة نحوه.
الخيانة ليست بالضرورة ان يقوم البعض بإسداء المعلومات للعدو بناء على وظيفة تم تجشمه عبأها انما الخيانة هي ان نرى حاجة الشعب الفلسطيني المعذب فلا ننهض لإسناده ، وان نرى العدوان الصهيوني متنوعا على الشعب الفلسطيني فلا نصد عنه ولا نهتم بهمومه واحزانه وآلامه.
الخيانة تسجل صفحتها الأكثر رداءة الآن فيما تتبخر فلسطين من بين أيدينا ارضا وقدسا وشعبها يتم قهره بابشع المؤامرات وفيما غزة عزة الامة تتعرض لابشع حالة إهانة وإذلال لقهر أبنائها وتجويعهم.. ان الصمت هنا خيانة وان التوقف عن الاسناد خيانة وليختر كل ما يريد ان يسجل له.. تولانا الله برحمته

مقالات ذات صلة