مهدي سرباح.. الأخطبوط

من الظواهر الكروية التي ستبقى راسخة في تاريخ الكرة الجزائرية الحارس مهدي سرباح الذي لم يمدّه الله بالطول المطلوب لدى حراس المرمى ومع ذلك حرس عرين المنتخب الجزائري لأكثر من عشر سنوات، كان فيها يطاول عمالقة القارة السمراء من مهاجمين قوتهم في أجسادهم وطولهم من نيجيريا إلى السينغال، ويطاول نجوم العالم ومنهم الألماني روباش والنمساوي كرانكل الذين قارب طولهما المترين، بينما لا يزيد طول الحارس مهدي سرباح عن متر و73 سنتم فقط وكان الأقصر في مونديال إسبانيا.

أطل علينا، مؤخرا، مهدي سرباح بكتاب صغير باللغة الفرنسية، يروي حياته بعد أن بلغ 68 سنة، فقد لعب لشبيبة القبائل ونال معها الألقاب وعندما فضل المدرب محي الدين خالف، الحارس المغمور مراد عمارة عليه، إنتقل إلى القبة وحصل معها أيضا على لقب الدوري الذي كان الأول والأخير في تاريخ هذا الحي الصغير في الجزائر العاصمة، لكنه مع المنتخب الجزائر عاصر الجيل الذهبي في السبعينات الثمانينات، ودوّن اسمه مع الفائزين بالميدالية الذهبية للألعاب المتوسطية 1975 وذهبية الألعاب الإفريقية 1978 وضمن المتأهلين إلى كأس العالم 1982 وأحد ممثلي ملحمة الفوز على ألمانيا في مدينة خيخون، إن لم يكن بطلها الأول بتدخلاته وبرودة دمه وارتقائه إلى الكرات العالية التي اعتمدها الألمان بسبب طول قاماتهم وقصر قامة مهدي سرباح.

الحقيقة أن مهدي سرباح بدأ احتراف الكرة في اتحاد الجزائر ولم ينعم بالاحتراف العالمي بالرغم من مستوياته العالية فقد كان رقم طوله المدوّن على سيرته الذاتية عائقا وحتى عندما توجّه للاحتراف في كندا عاد سريعا ولم يلعب سوى ست مباريات فقط في عام كامل، ليقرر اعتزال اللعبة في رائد القبة ولم يكن قد تجاوز الثالثة والثلاثين من العمر.

هناك إجماع في الجزائر على أن مهدي سرباح هو من أساطير حراسة المرمى إلى جانب عبروق ووشان وأيضا مبولحي، والسنوات التي قضاها مع المنتخب الوطني قدمت لنا حارسا خلوقا وصامتا ظل يقود دفاعه من الخلف ويبني معه جدار صد حققت معه الجزائر والأندية التي لعب لها عديد الألقاب المحلية والإفريقية، فكان فعلا ضمن النجوم الساطعة التي أضاءت سماء الكرة الجزائرية.
ب.ع