-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مهمة عربية وسخة في القدس

الشروق أونلاين
  • 1637
  • 0
مهمة عربية وسخة في القدس

سالم زواوي

لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي ومحاولات التطبيع المقنعة وغير المقنعة مع الكيان الصهيوني، تدخل الجامعة العربية على الخط وتتكفل رسميا بالمهمة الوسخة في الذهاب بهذا التطبيع إلى مداه النهائي باسم جميع الأنظمة العربية، بدون استثناء، تحت غطاء “دفع مبادرة السلام العربية مع إسرائيل”.كما نصّت عليها قمتا بيروت والرياض، فمن المقرّر أن يحل غدا الخميس، وزيرا كل من مصر والأردن بالقدس “العاصمة الأبدية لإسرائيل” في إطار هذه المبادرة، ممثلان لجامعة الدول العربية، وسيتباحثان مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية ويلتقيان برئيس الوزراء إيهود أولمرت. كما أكدت ذلك المصادر الإسرائيلية الرسمية التي اغتبطت لهذه الخطوة واعتبرتها اعترافا عربيا جماعيا غير مشروط بإسرائيل.

لذلك، فإن إسرائيل التي طالما اعتبرت المبادرة العربية “لا تساوي الحبر الذي كتبت به”، كما صرّح أولمرت ذاته ذات مرة، توجد هذه الأيام في حالة احتفاء بهذا المكسب الكبير أكثر من اهتمامها بالتفاصيل الأخرى للمبادرة التي يحملها أبو الغيط وعبد الله الخطيب هذه المرة أيضا، ولا تنظر إلى ذلك إلا من زاوية الرضوخ العربي للإرادة اليهودية، خاصة وأن المكلفين بالمهمة يمثلان دولتين من الأكثر عمالة وانبطاحا لإسرائيل، مما يضفي على العملية بريقا آخر على الإنتصارات الإسرائيلية وتعبر عن تقهقر المعارضة العربية، وهذا ما عبّر عنه الناطق باسم الحكومة الإسرائيلية بصريح العبارة عندما قال إن ممثلي جامعة الدول العربية يأتيان إلى القدس لمناقشة ترتيبات الإعتراف العربي الجماعي بالدولة العبرية دون شروط، قبل الدخول في مفاوضات حول المقترحات العربية الأخرى والتي لا تقبل إسرائيل التنازل فيها قيد أنملة مثل إقامة الدولة الفلسطينية الكاملة وعودة اللاجئين الفلسطينيين وانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية التي احتلتها سنة 1967.

وهكذا، يصبح حال جامعة الدول العربية كحال جميع الأنظمة العربية التي تمثلها، وبعد أن كانت تستمد شرعية وجودها من جمع شمل العرب ضد “العدو الصهيوني الغاشم”، أصبحت تستمد هذه الشرعية من حزم هؤلاء العرب “حزم السلمة” والذهاب بهم إلى الإعتراف الجماعي اللامشروط بهذا العدو الأبدي ودون مقابل يذكر. والمرارة الكبرى هي أن الأموال الطائلة التي كانت تأخذها هذه الجامعة من الاقتصاديات المتدهورة لغالبية الشعوب العربية لتمويل “مواجهة الخطر الصهيوني والامبريالية”، تواصل نهبها اليوم، من هذه الاقتصاديات لتمويل عمليات التطبيع المكلفة مع هذا الخطر نفسه، وهذه مهمة أخرى أكثر وسخا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!