مهندسون آيلون للزوال
الأمل لا يعود لمجتمع بين عشية وضحاها، إنما يعود بقرارات عقلانية مدروسة ترفع الظلم عن هذه المجموعة أو تلك، عن هذا المواطن أو ذاك. ومادمنا نعيش في مجتمع تسعى آلة اليأس أن تحكم قبضتها عليه، فإن فرص تمكين الناس من الأمل تزيد على عكس ما يظن الكثير، شريطة أن توجد النية الخالصة والرأي السديد.
القصة التي ألخصها لكم ليست خيالية، وحلّها يُمكن أن يُعيد الأمل لما يقل عن 1000 مواطن جزائري بدون حساب عائلاتهم وأصدقائهم وكل من يعيش في محيطهم. تقول القصة كما أوردها لي أصحابها في كون مهندسين بالتمام والكمال اضطرتهم الظروف في بداية العشرية السوداء ليلتحقوا بوظائف في قطاع التربية كمعلمين، وصنفوا في تلك الفترة في الصنف العاشر من السلم. وتبدلت الأمور وكان يُفترض من الوظيف العمومي أن يأخذ بعين الاعتبار هذه الفئة في نطاق السياسة المتبعة من قبل الدولة والقائمة على تثمين الشهادات العلمية فإذا به يُطلق عليها عبارة لا تحمل إلا معنى اليأس والقنوط هي “فئة آيلة إلى الزوال”، كانت قد أطلقت من قبل على أوائل المعلمين الذين التحقوا بالمدرسة الجزائرية ولم تكن لديهم شهادات عالية رغم الكفاءة التي يشهد لهم بها الجميع من جيلنا على الأقل. هؤلاء تم وصفهم أنذاك بفئة آيلة إلى الزوال، وقد زالوا، ولم تبق منهم سوى ذكرى جميلة وحكمة تقول أن التعليم ليس فقط شهادة، فكم من حاملي شهادات اليوم هم والتعليم النقيض للنقيض. أما الآيلون إلى الزوال الجدد فهم مهندسون شباب التحقوا بالتعليم الابتدائي كمستخلفين متعاقدين في بداية التسعينيات، وتم ادماجهم وترسيمهم في سنة 2002، إلا أنهم حُرموا من أن يُصنّفوا في أدنى صنف لمهندسي الدولة أي 13 (بعد القانون الخاص بعمال التربية لسنة 2008)، ومُنعوا من الترقية العمودية، وحُكم عليهم نهائيا بعبارة “آيلون للزوال”…
وهكذا بدل أن تفتح وزارة التربية والوظيف العمومي، الأمل أمام هؤلاء فيزيد عطاؤهم وتتضاعف مجهوداتهم، ولعلهم يُبدعوا ويبتكروا المزيد من أجل أبنائنا، خاصة في المواد التكنولوجية، يتم إنهاء حياتهم المهنية والشخصية بعبارة مثل هذه، ويضافوا إلى جبهة اليأس لكي تتسع أكثر مما هي عليه… كم هي محطمة مثل هذه العبارة، فلا تُحطموا أحلام شبابنا في المستقبل، فيحطموا هم بدورهم أحلام الأبناء وأبناء الأبناء.
إن إعادة الأمل للأمة حتى تنطلق نحو الأفق الواسع الرحب يبدأ بالتعامل بعدل وإنصاف مع ولو فرد جزائري واحد، فما بالك بألف مهندس منهم…
“ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء”