“مورينيو” يسلّم على “بلحوت”؟
عندما سئل المدرب البرتغالي لنادي تشيلسي، جوزي مورينيو، عن إمكانية تدعيم النجم العالمي ميسي لتشكيلته، استبعد ذلك، بسبب لوائح الاتحاد الأوروبي التي تفرض قواعد اللعب المالي النظيف، فلا تسمح للأندية بإنفاق أموال طائلة في شراء لاعب، يفوق ثمنه مداخيل النادي، وعندما سئل المدرب الجزائري المغترب لنادي شباب قسنطينة، رشيد بلحوت، عن سبب إقحامه ثلاثة لاعبين أفارقة، دفعة واحدة، في مباراة كأس أمام اتحاد بلعباس، كادت تقصي فريقه، وتعاقب لاعبيه، ردّ ببساطة بأنه لا يعرف القوانين الجزائرية، وعندما سئل رئيس نادي تشيلسي، رومان إبراموفيتش، عن إمكانية ضم ميسي للنادي، ردّ بالحرف الواحد: “ألم يخبركم المدرب مورينيو عن سبب استحالة ذلك بسبب القوانين”، وعندما سئل رئيس النادي القسنطيني، عمار بن طوبال، عن سبب خطأ مدربه، قال بالحرف الواحد: “لا تلوموه .. فقد كان مدربا في تونس ولا يعرف القوانين الجزائرية”.
من المفروض أن نعرف بعد كل هذا، لماذا يوجد في الدوري الإنجليزي المحترف بقسميه الأول والثاني، أكثر من أربع مئة لاعب دولي يشاركون مع منتخبات بلدانهم في القارات الخمس، ولماذا يتسوّل الدوري الجزائري – المسمى ظلما بالمحترف – منذ عقد، لاعبا يضمه أي مدرب وطني، لأي تشكيلة وطنية تلعب في أدغال وصحاري إفريقيا.
الكرة لم تعد رياضة فحسب، فهي سياسة واقتصاد وخاصة ثقافة، فالمدرب رشيد بلحوت، وهو بالتأكيد من أحسن المدربين الجزائريين، أو دعونا نقل: الأقل سوءا، يعرف القوانين البنكية وأسعار العملة الصعبة في السوق الموازية، ويعرف حقوقه ومستحقاته التي تمكّن من نيلها إلى آخر مليم في كل الأندية الجزائرية التي درّبها، من سطيف إلى الشلف، ولكنه لم يتطلع على قوانين الكرة الجزائرية، فجرّ ناديه العريق إلى الفضيحة، وإذا كنا نعطي علامة الرداءة للكرة الجزائرية باستمرار، سواء تعلق الأمر بالجمهور أو المسيرين أو اللاعبين، أو حتى الصحافة، فإن عالم التدريب أيضا زاد من الأزمة، وجعل كرتنا تهوي إلى الحضيض، فلا هي رياضة، ولاهي طبعا سياسة أو ثقافة أو اقتصاد.
فقد تعلّم البرتغالي مورينيو، عندما درّب ريال مدريد اللغة الإسبانية، وصار يُنشط بها الندوات الصحفية، وتعلم الفرنسي آرسن فينغر منذ أن درّب نادي أرسنال اللغة الإنجليزية، وصار يُنشط بها الندوات الصحفية، وتعلم الإسباني غواديولا منذ أن درّب نادي بيارن ميونيخ الغة الألمانية، وصار ينشط بها الندوات الصحفية، ومازال الجزائري رشيد بلحوت يجهل اللغة العربية، بل ويجهل القوانين الكروية الجزائرية التي تمنحه مرتبا لا ينزل عن الثلاثة مليارات في السنة، وطبعا فإن السيد بلحوت هو نموذج مصغر لمدربين ولاعبين، وجدوا أنفسهم ضمن منظومة كروية وسياسية وثقافية واقتصادية، تتقن باقتدار استهلاك المال العام، ولا تتقن تقديم لمحة كروية أو بدعة احترافية تليق ببلد مازال ظاهريا يوحي بأنه يفهم لعبة كرة القدم جيدا، وهو في الحقيقة حوّل الكرة إلى “بالون” هواء .. فقط؟