الجزائر
لهجة غير معتادة في الخطاب الأخير لعاهل المغرب

موقف المخزن تجاه الجزائر… خيار استراتيجي أم تكتيك ظرفي؟

محمد مسلم
  • 14513
  • 17

عكس ما كان متوقعا، جنح العاهل المغربي محمد السادس، في خطاب عيد العرش، إلى التهدئة، كما خصص حيزا كبيرا للجزائر في هذا الخطاب، متجاهلا تحرك الممثل الدائم لهذا البلد في الأمم المتحدة، عمر هلال قبل أيام، والذي تحدث فيها عما اسماه “شعب القبائل”.

أبرز ما لفت المتابعين في هذا الخطاب هو تفادي الحديث عن القنبلة التي فجرتها الخارجية المغربية على هامش اجتماع مؤتمر وزراء خارجية دول عدم الانحياز، والتي أدخلت العلاقات الجزائرية المغربية في أزمة خطيرة، وبالمقابل دعوته لترميم العلاقات الثنائية، واعلان التزامه بعدم المساس بالجزائر وبعدم الإضرار بمصالحها.

ولم يشر العاهل المغربي لا من قريب او من بعيد إلى انزلاق عمر هلال الخطير، والذي يمس الوحدة الترابية للجزائر، كما تفادى حتى الحديث عن القضية الصحراوية، فيما بدا توجها نحو عدم التصعيد مع الجزائر، على اعتبار ان القضية الصحراوية كانت دوما من مسببات توتير العلاقات الثنائية.

وقرأ مراقبون في التزام العاهل المغربي بعدم الإضرار بالجزائر وبمصالحها، اقتناع من القصر بأن الانزلاق الذي وقع فيه وزير الخارجية ناصر بوريطة، وعمر هلال ممثل المغرب في الأمم المتحدة قبل أيام، كان بمثابة قفزة نحو المجهول، من شأنها أن تعقد الوضع أكثر مما هو عليه اليوم.

فهل يعني تجاهل ملك المخزن لفضيحة عمر هلال وبوريطة، إقرار بخطورة ما حصل، والتزاما بعدم توظيف هذه الورقة الخاسرة مستقبلا، أم أنه موقف تكتيكي أملته الظروف الصعبة التي يمر بها نظام المخزن في الأشهر الأخيرة، والتي طبعها سقوطه في عزلة دبلوماسية كبيرة؟

ومعلوم أن المغرب يوجد في دوامة منذ تفجير فضيحة التجسس “بيغاسوس” التي قادها بالاعتماد على تكنولوجية إسرائيلية جد متطورة، طالت مسؤولين سياسيين وعسكريين وحقوقيين وإعلاميين في كل من الجزائر وفرنسا، فيما لا تزال التحقيقات جارية للتأكد من فصول تلك الفضيحة المدوية.

وقد أضافت هذه الفضيحة أزمة جديدة إلى أزمات المغرب مع جيرانه، لأن فرنسا التي تعتبر حليفة المخزن الأبدي في المنطقة، باتت العلاقات معها على المحك بسبب فضيحة التجسس التي طالت رئيسها ايمانويل ماكرون، لتضاف بذلك إلى أزماتها مع كل من المانيا واسبانيا، فضلا عن الأزمة القديمة المتجددة مع الجزائر .

وقد ذهب الإعلام المغربي بعيدا في قراءة ما بين سطور خطاب الملك محمد السادس، منتقدا من يعتقد ان لهجة الخطاب ومضمونه يشكلان “انحناءة ضعف”، بل تجاوزا للمتعصبين في كلا البلدين.

وفي هذا الصدد، كتب أحد الصحافيين المغاربة معلقا على خطاب العاهل محمد السادس: “هذا الخطاب الملكي تجاوز صريح لما سبق أن أعلنه ممثل المملكة، عمر هلال، حول الحكم الذاتي للقبائل”.

ونادرا جدا ما تتجه الصحافة المغربية عكس بوصلة السياسة الخارجية لبلادها إلا إذا كان ذلك استنادا إلى توجيهات أو إشارات من القصر، وهو ما يرجح فرضية أن يكون المخزن قد أدرك حجم الخطيئة التي وقع فيها.

مقالات ذات صلة