جواهر

مَنِ الأجدر بإدارة ميزانية المنزل: الزوج أو الزوجة؟

نادية شريف
  • 14007
  • 42
ح.م
المرأة.. الأجدر بتسيير الميزانية بلا منازع

سؤال لطالما واجهته الأسرة في ظل كثرة المشاغل للرجل والمرأة وتحديدا إذا كانت المرأة عاملة، أين لا يتوفر لديهما الوقت للتبضع، لكن في هذه الحالة ستكون على احتكاك بزميلاتها في العمل، وهذا في أغلب الأحيان يعطيها الفرصة لتبادل الخبرات وتناقل الأخبار عن التنزيلات أو التخفيضات التي يكون بعضها صحيحا ويساهم في الاقتصاد والتوفير في ميزانية الأسرة، على عكس الرجل الذي لا يمكن أن يناقش مثل تلك الأمور مع زملائه أو أصدقائه، لذلك فإن أغلبية الأسر تجد أن المرأة هي الأجدر والأقدر على إدارة ميزانية المنزل أكثر من الرجل.

ميزانية الأسرة بين ليونة المرأة وقبضة الرجل

تجد السيدة (خديجة) ربة منزل، أن توحيد مصدر الصرف في الأسرة يجعل شخصا واحدا مسؤولا عنه إما أن يكون الزوج أو الزوجة، حتى لا تحدث ازدواجية في الإنفاق بشراء أشياء قد لا تحتاجها الأسرة في الوقت الحالي مما يوصلها إلى نفاد المبلغ المخصص للفترة الزمنية قبل انتهائها، مبينة أن ذلك من الأمور التي تجلب الخلافات بين الأزواج الذي يؤدي إلى تعكير صفو الحياة الزوجية.

من جهة أخرى تؤكد (عبير) معلمة في الابتدائي، أن المرأة هي الأقدر على إدارة مصروف البيت، مشيرة إلى أن هناك عدة أسباب ومنها قدرة المرأة على تحديد الاحتياجات الأولية الضرورية للأسرة بالإضافة إلى خبرتها الطويلة في التسوق، والمساومة والوصول إلى أفضل الأسعار عكس الرجل الذي لا يمتلك صبرا على تحمل النزول إلى الأسواق والمفاضلة والمساومة والسؤال والتنقل بين المحلات.

وتضيف قائلة: “إنني أجد الحياة الزوجية ليست معركة يسعى أحد الأطراف إلى القضاء على الآخر من خلالها، وإنما هي حياة مشتركة قائمة على التفاهم والرقي في التعامل، كما أن لكلا الزوجين أدوارهما التي يتم تحديدها بناء على صفات عدة يملكها كل منهما، وإذا كان أحد أهم واجبات الزوج الإنفاق على المنزل، فيجب أن تكون مهمة الزوجة التحكم في قنوات الصرف باعتبارها الأكثر احتكاكا بالاحتياجات المنزلية”.

 من المسؤول عند تخريب الميزانية؟

الكثير من المواطنين نساء ورجالا يتهمون المرأة بالدرجة الأولى على أنها هي من تخرب الميزانية بصفتها المتصرف الوحيد فيها، فثلاث من عشر نساء يبذرن المال في اقتناء أشياء تافهة تكون الأسرة في غنى عنها.

السيد (عبد الغني) موظف في القطاع الخاص، يقول في الموضوع: “زوجتي تجعل الميزانية في خبر كان، ففي عيد ميلاد ابنة أختها اشترت لها هدية باهظة الثمن، ومرة أخرى أجبرتني على أن أقتني لها قطعة ذهب مثل التي اشترتها قريبتها الثرية، والتي بقيت أدفع ثمنها بالتقسيط طيلة عشرة أشهر، ومرة هاتفا نقالا، وأخرى مواد للتجميل وغيرها من المتطلبات التي أصبحت اعتيادية بالنسبة لي، لذا تركت مبدأ الميزانية واتبعت مبدأ الصرف إلى أن ينتهي الراتب”.

يشاطره الرأي صديقه (عادل) الذي يعمل تاجرا للملابس الجاهزة فيقول: “استطعت تحديد مبلغ لأغلب الالتزامات في الميزانية، إلا اشتراك الهاتف النقال لزوجتي لم أستطع أن أضع له ميزانية محددة أبدا، فقد تأتي فاتورة في شهر بمبلغ، وفي الشهر الثاني بالضعف، ومجادلاتنا لا تتوقف عند هذا الأمر وهي في كل مرة تسوق الأعذار برغبتها في التواصل مع أهلها باستمرار، ورغم تعاطفي معها، إلا أن اشتراك الهاتف أصبح بندا مزعجا بالنسبة لي، لأنني لا أستطيع أن أحكمه كبند في الميزانية، لذا لجأت لوضع ميزانية مفتوحة، وفي نهاية الشهر فقط أستطيع أن أحدد قدرها”.

المرأة دون منازع… وزيرة اقتصاد المنزل

وكما يتهم البعض الزوجات بأنهن السبب في إرباك ميزانية المنزل، فالعكس يحدث أحيانا كما تقول السيدة (فتحية) ربة منزل حيث تشير إلى أن زوجها أحد أسباب تخريب الميزانية فتقول : “زوجي من هواة الخروج المستمر، إضافة إلى أنه يتمسك بعادات لم يتخل عنها ولم أستطع طيلة عشرين عاما أن أقنعه بضرورة الالتزام بميزانية محددة كل شهر، خاصة وأنه هو من يدير الميزانية بنفسه”، وتضيف: “أجده كثيرا ما يعود إلى المنزل ومعه وجبات سريعة جاهزة قام بشرائها للغداء أو العشاء، رغم أنني أكون بالفعل قمت بطهي الطعام، وهذا ما يضاعف الإسراف في الميزانية بلا داع، إضافة إلى أنه يمتنع عن الذهاب للعمل مع زملائه في الحافلة المخصصة لنقلهم رغم أنها تمر قرب مسكننا، ويفضل الذهاب بسيارته الخاصة ليصرف كل يوم مبلغ 200 دج على البنزين فقط، متحججا بأن لديه مشتريات نحن في غنى عنها ملزم بإحضارها للبيت”.

و في لهجة إقرار بالذنب، يتحدث زوجها (محمد) قائلا: “بالفعل هذه عادات سيئة أعترف بأنني أمارسها، وأنا في الحقيقة لم أنجح حتى الآن بوضع ميزانية شهرية محددة ليس لهذا السبب فقط، ولكن لأسباب أخرى تجعل الاعتماد على ميزانية ثابتة أمرا صعبا جدا، فالسيارة مثلا باب مفتوح لزيادة المصروفات إذا تعطلت فجأة فإنها تحتاج إلى إصلاح، أما مسألة الخروج للفسحة والمتنزهات فأنا أضعها ضمن قائمة الضروريات”.

وإذا كانت الميزانية تختل بسبب أحد الزوجين، فإن الطامة الكبرى تكون عندما يتفق الزوجان معا على مبدأ الإسراف، فلا يوقف أحدهما اندفاعات الآخر الإسرافية كما في حالة السيد (يوسف محاسب في البنك) يقول: “أنا بطبعي مسرف وكنت أطمح عندما أتزوج أن تكون زوجتي هي من تساعدني في قطع جذور هذه العادة السيئة، ولكن للأسف هي أكثر إسرافا مني، وعندما نخرج للتسوق معا نتسابق في شراء أشياء لا نحتاجها، وفي إحدى المرات قررنا أن نضع قائمة لمشترياتنا ولكننا لم نلتزم بها، فعندما نرى المعروضات ننسى معها الميزانية التي لا تمثل في حياتنا أمرا واقعا، فنحن نسمع عنها فقط، ولم نطبقها يوما”.

والأمر لا يتوقف عند الزوج أو الزوجة، فهناك طرف ثالث يلعب دورا ليس باليسير في أغلب حالات نسف الميزانية وهم الأبناء، حيث يقول السيد (سليمان) صائغ “لدي ولدان وبنت وطلباتهم بئر لا ينضب، فهم بارعون في ابتكار الاحتياجات وإقناعي بضرورة اقتنائها، والقائمة طويلة تبدأ من بند الملابس وانتهاء بالألعاب الباهظة الثمن، وكأب بدافع الأبوة والعاطفة ألبي كل احتياجاتهم، لأنني أقدر أنهم أطفال ولا بد أن يلبسوا مثل أقرانهم (حسب الموضة) ويلعبوا بلعب تناسب سنهم، وطبعا تخريب الميزانية”.

يرى الأستاذ في علم الاجتماع (قاضي رؤوف) أن تثقيف المرأة بالإدارة المنزلية وتخطيط ميزانية الأسرة يساهم في استقرار الوضع الاقتصادي للأسرة والقدرة على الموازنة بين متطلبات المنزل والاحتياجات الضرورية والكماليات مما يجنب الأسرة الاستدانة أو الوقوع في مأزق مالي، مبينا أن أساس استقرار الأسرة هو المرأة الناجحة إن هي استطاعت إدارة شؤون منزلها بسلام.

وأضاف قائلا: “لو نظرنا إلى الرجل نجد أنه حتى لو استطاع التحكم في مصروف البيت فإن ما تقوله زوجته وتطلبه منه سيقوم بتلبيته وشرائه إلى جانب أن الرجل أكثر ميلا للاستدانة من المرأة”.

 وفي الأخير أشار إلى أنه لو رجعنا إلى تراثنا ودور المرأة في ذلك الوقت لوجدنا أن أمهاتنا وجداتنا استطعن أن يثبتن جدارتهن الكبيرة والتي تفوق حملة الشهادات الاقتصادية من دون استخدام القلم والورقة، وعلى العكس من ذلك، لأن لكل قاعدة استثناءات، كذلك هناك نساء لا يستطعن إدارة البيت بجدارة ومنهن من تدفع زوجها للاستدانة من أجل توفير متطلباتها وتكون عبارة عن إكسسوارات، أي أنها احتياجات ثانوية وهذا الشيء حتما سيضر بمسار الأسرة العادي.

* نقلا عن مجلة الشروق العربي 

مقالات ذات صلة