الرأي

مَن يريد قتل الأمل في الحل؟

محمد سليم قلالة
  • 1343
  • 10
ح.م

المؤكد اليوم، أنه يجري استقطابٌ كبير للجزائريين على أساس، مَنْ مَعَ الانتخابات ومَنْ ضدها، بعد أن كان منذ أشهر قليلة مَنْ مع المرحلة الانتقالية ومَنْ مع الانتخابات!

اختفى اليوم الحديث عن المرحلة الانتقالية، وحلَّت محله مسألة تأجيل الانتخابات.. ولو لثلاثة أشهر ولو لمدة قصيرة، المهم ألا تجري اليوم! أصبح هذا هو الهدف البديل…!

هذا يعني أن المسألة لا تتعلق برفض الانتخابات أو برفض المرحلة الانتقالية، إنما برفض كل حل، وقد وقعنا جميعا في هذا الفخ.. أشهرٌ قضاها فريق مِناَّ في رفض المرحلة الانتقالية، وأشهرٌ يقضيها الفريق الآخر اليوم في رفض الانتخابات (وسيقضي فريقٌ ثالث أشهرا أخرى غدا في رفض نتائج الانتخابات مهما كانت)… وهكذا يتم إطالة عمر الأزمة بما يؤدي إلى زيادة الاحتقان، وزيادة الخسائر على جميع الأصعدة وأولها الوقت، وزيادة القلق، وكلها عناصر تؤدي إلى زيادة اليأس الذي يقضي على كل أمل في الحل، وتلك هي المقدمة الخطيرة للدفع بنا نحو مسار الانهيار.. هي ذي قاعدة اللعبة الثابتة التي تم تطبيقها في أكثر من بلد. رفض الحلول، إلى غاية الانهيار، وبعدها يخسر الجميع؛ فلا المرحلة الانتقالية تكون قد تحققت، ولا الانتخابات تكون قد جرت، ولا أي رئيس يكون قد شَرع في تطبيق برنامجه، ولا بديل آخر يكون قد تم الإجماع عليه.

وهو ما علينا الانتباه والتنبيه إليه، نظرا إلى خطورته البالغة، ولا يتم ذلك إلا من خلال توضيح أنه ينبغي لنا ألا نُضخِّم من مزايا الانتخابات ونجعلها هي الحل الأمثل، وأنها ستُغيِّر كل شيء، كما أنه علينا ألا نُقلِّل من أهميتها بأنها إذا حدثت لن تؤدي إلا إلى استنساخ النظام السابق، بل وستُكرِّس الديكتاتورية مثلما يروِّج له البعض.

لا هذا ولا ذلك..

علينا أن نُدرك طبيعة الرهان الاستراتيجي لبلدنا، وألا نتعامل بسذاجة مع الواقع المُركّب والمعقَّد، ومع المخططات الكثيرة التي لا تعمل لأجل خير بلدنا.

ينبغي أن نكون واقعيين إلى درجة تجميد العاطفة في هذه المسائل. علينا أن نُدرك أننا إذا أجَّلنا الانتخابات هذه المرة ولو بيوم يعني أننا سندخل في مسار آخر، سنعرف وضعا آخر، الأرجح هو أننا قد نخرج تماما عن المسار الانتخابي. وهذا ما يخدم أجندات الكثير، أن يتبدل الطريق نحو كرسي الرئاسة من المرور عبر صناديق الانتخاب إلى بلوغه عبر وسائل أخرى.

ينبغي أن ننتبه إلى هذا لسيناريو.. إنني لا أقول إن الانتخابات الحالية أو أي انتخابات أخرى هي الطريق نحو الجنة، ولكنني أقول إن الانتخابات الحالية تمنعنا من السير عبر طريق مجهول لا نعرف إلى أين سيؤدي بنا. صحيح، إن سَقف المطالب الشعبية عالٍ، وداخل كل مواطن تحركت جذوة التطلع إلى الحرية والعدالة ونبذ الظلم، ولكن ينبغي ألا نَسمح لأعداء الوطن بالنفخ في هذه الجذوة ليشبَّ ببلدنا الحريق.

دعنا فقط نحترق بالداخل كأفراد، حُبًّا لوطننا، ونحن مدركون لطبيعة المخططات التي تُحاك ضدَّه، ودعنا نتفاعل مع سلامة المنطق الشعبي في التخوُّف من عودة الممارسات السابقة إلى الحكم، ولكن دون أن نصدِّق أيضا أن كل من قال: “أنا مع الشعب” هو معه كذلك، ودون أن نُصدِّق كذلك أن كل من قال: “إنني ضد الانتخابات” هو بالضرورة مع الجزائر، ومع أن يحكم الشعب نفسه بنفسه.

لِنسلك أقصر طريق نحو بداية الحل، والأقل تكلفة، ولنُبيِّن قدرتنا على العمل في ما بعد لإعادة الأمل في بناء الشرعية، وبناء الدولة، وقبل ذلك إعادة الأمل للناس.

مقالات ذات صلة