-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مُت واقفا.. لا تعش مُنحنياً

مُت واقفا.. لا تعش مُنحنياً

من بين العبارات التي تُلخِّص مشاعر الجزائريين بطريقة فريدة من نوعها تلك التي جَسّدها بكل الإيحاءات الفنان المرحوم سيد علي كويرات في لقطته الشهيرة: “عْلي موتْ واقف”.

 لو ترك لنا هذا الفنان الفذ فقط هذه اللقطة لمكنّنا من أن نتذكَّره ونترحم عليه إلى يوم الدين. كل جزائري يجد نفسه بامتياز في هذه العبارة: يريد أن يعيش بكرامة واقفا، وإن لزم الأمر أن يموت فلا يموت إلا بكرامة واقفا غير منحني ولا خانع أو مُقبّل للأيدي والأرجل كما يفعل الكثير.

هذه الخاصية الشخصية والنفسية التاريخية التي ميّزت الجزائري عبر العصور يبدو أن هناك اليوم من يسعى للقضاء عليها واستبدالها بأخرى لا تكتفي بالخضوع والخنوع والطاعة العمياء بل تَقبَل بالانحناء أمام أبسط الإغراءات المادية وعلى رأسها المال والجاه وحب الوصول إلى السلطة والبقاء فيها، ناهيك عن تفاهات مُبتذَلة لا يليق المقامُ بذكرها.

لم يعد مطلب البعض اليوم أن يعيشوا بكرامة أو يموتوا واقفين، بل أصبح مطلبهم أن يعيشوا منحنين ويموتوا منحنين إذا كان ذلك يُلبِّي رغباتهم ويُشبع شهواتهم.

أنتجت السياسة هذا النوع من البشر خلال مدة وجيزة، وعزَّز وجودهم اقتصاد السوق. وانعكس الأمر على مستوى الدولة حيث أصبحنا نرى مواقف تتعلق بالمساس بمقدسات الشعب الجزائري، وبذاكرته التاريخية وبتضحيات شهدائه، لا ترقى إلى مستوىعْلي موتْ واقف“.

وبدا وكأننا نتّجه نحو فقدان تلك الصورة الرمز عن أنفسنا وبلدنا وتاريخنا. الجزائر الواقفة أبدا، رجالا ونساءوأصبح من اللازم اليوم أن نتدارك الأمر قبل فوات الأوان.

أن نَمنع تحوّلنا إلى شعب بلا موقف، بلا استعداد للحياة والموت واقفاً. أن نَمنع ذلك التحويل القسري الناتج عن بعض السياسات المفروضة علينا داخليا وخارجيا، من خلال قرارات لها علاقة بالأسرة، واستغلال ثرواتنا الطبيعية والمعدنية، وجمال بلدنا، وما حرّمته وأحّلته شريعتنا السمحاءوأن نبقى كما نحن؛ شعباً لا يريد سوى أن يعيش بكرامة، يرفض الظلم والانحناء إلا لله تعالى، يرغب في الحياة الكريمة، ولكنه لا يجعل منها مبررا للمذلة والهوان

هكذا كان الدرس الذي علّمنا إياه الشهداء الأبرار، وهكذا علينا أن نَحفظه وأن نَمنع مَن يريد أن يُبدِّلنا جوهرا غير جوهرنا ولباسًا غير لباسنا ولغةَ تملقٍ وخنوعٍ وانكسارٍ وذلٍ ليست لغتنا.

ويكفي أننا مازلنا إلى اليوم نشعر بعزة وافتخار ونحن نستحضر ذلك الصوت ينادي المرحوم سيدي علي كويراتعْلي موتْ واقف، لنقول إننا لم نفقد أنفسنا بعدوتلك مساحة الأمل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • مواطن

    الجزائري الذي تبكي عليه انتحر يوم رفعت رايته التي استشهد من أجلها من آمنوا بالحرية ومبادئ أول نوفمبر54 لكنها كانت لحظة كلمح البصر شهد فيها الشعب البريء جحافل الهمجية التي استحوذت على الغالي والنفيس وأقامت لنفسها وذويها إقطاعيات لم تكن نتيجة عمل أو استحقاق مقابل شعارات خداعة تسكن بها الراجين لمستقبل أفضل.لما تفطن"المؤمنون"أدركوا أن الفوز في الحياة الدنيا من نصيب المحتالين فكفروا بمقولات لم تسعفهم في الحاضر بل أبعدتهم عن رؤية المستقبل.لو لم يكن الإسلام حقا منقذا للبسطاء لما اتخذه أحد دينا يقتدى به

  • karim

    Dieu merci. Il y a encore des braves gens dans ce pays qui parlent des valeurs morales du peuple algérien

  • kamel

    مقالك في المستوى استاد

  • kamel

    makal fi el moustawa

  • جنوبي غربي

    موت وافق و ارفع راسك يا با عبارتان وجهتا للجزائري تذكرانه بأمرين لصيقين به منذ نوميديا و إلى نهاية حكم منخفضي الرؤس الذين يريدوننا أن ننبطح مثلهم و نساق كما تساق المواشي إلى المرعى أو إلى المذبح. لا تذمر و تأفف. من عايش الاستقلال يلمس الرفض للخنوع .لم يشارك الجزائري في استحقاقات نتائجها محسومة سلفا و لم ينحاز إلا لمن يرى فيه الخير للوطن مهما كانت مشاربه. لقد كان الشعب في أيام الاستعمار في واد و المستعمر في آخر. يعاكسه و لو كان في موقفه خسارة و لا يجاريه و لو كان في المجارات ثمارا. و لم يطوع.

  • فيلسوف

    قال أحمد مطر

    أيقظُوني عِندما يَمتَلِكُ الشعبُ زِمامَهْ .
    عندما يَنبَسِطُ العَدلُ بلا حَدٍّ أمامهْ .
    عندما يَنطِقُ بالحقِ ولا يَخشى المَلامَةْ .
    عندما لا يَستَحي مِنْ لُبْسِ ثوبِ الإستقامةْ
    ويرى كلَ كُنوزِ الأرضِ
    لا تَعْدِلُ في الميزانِ مثقالَ كَرامهْ .

    سوفَ تستيقظُ .. لكنْ
    ما الذي يَدعوكَ للنَّومِ إلى يومِ القِيامَةْ ؟

  • mustapha

    Le peuple algérien est mort. Ce n'est une mort clinique mais psychique et ethique du fait de voir toujours des films et des séries dramatiques que produit le pouvoir algérien caduc.

  • mohamed

    comment faire ça chikh merci