-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مُسدس ورصاصتان

مُسدس ورصاصتان

كبُر على أحد اللائكيين الذين حادوا الله ورسوله وشاقوهما، وكان مديرا لإحدى الجامعات، وقد توفاه الله؛ كبُر عليه أن يعترف بأن النصر الذي أحرزه الشعب الجزائري في 1962 هو من عند الله القاهر فوق عباده، وقد منّ به على المستضعفين، فأعزهم بعد ذلة، وأكرمهم بعد مسكنة، وقوّاهم بعد ضعف، وذلك كله بعد أن نصروه واستنصروه، فكان وعده الصادق “إن تنصروا الله ينصركم”، وكان تحقيق آيته القائلة: “كم من فئة قليلة غلبت فئة كبيرة بإذن الله، والله مع الصابرين”.

كبُر على هذا اللائكي أن يعترف بهذا كله، وقال في تصريح له “إن سبب انتصار الجزائريين على الفرنسيين في حرب الجزائر يعود إلى: (la  puissance de feu)  أي إلى كثافة النيران.

عندما سمعت ذلك كتبتُ في حينه كلمة تحت عنوان: “الجنرال ديڤول يُسفه ر. س”، استعرضت فيها ما قاله كبير الفرنسيين الجنرال ديڤول في مذكراته الأمل، مما عانته فرنسا من جهاد الجزائريين من خسائر بشرية، ومالية، ومادية، ومعنوية.

 وبعد مدة وقع تحت يدي كتاب محمد بوضياف الذي سماه “الإعداد لأول نوفمبر” (la préparation de 1erNovembre)، ومعلوم أن محمد بوضياف كان أحد الرجال الستة الذين اتخذوا قرار إعلان الجهاد في 05 ربيع الأول 1374 هـ / 01 نوفمبر 1954، إضافة إلى الشهداء مصطفى ابن بولعيد، محمد العربي ابن مهيدي، ومراد ديدوش، والمجاهدين كريم بلقاسم، ورابح بيطاط.

 ومما جاء في هذا الكتاب المطبوع في الجزائر، أن المجاهد محمد العربي ابن مهيدي ـ الي عُيّن قائدا للمنطقة الخامسة (الولاية الخامسة) التي تمتد من نواحي الشلف إلى الحدود الغربية للجزائر، لم يكن يملك عند إعلان الجهاد إلا مسدسا ورصاصتين، فتذكرتُ كلام صاحبنا اللائكي عن la puissance de feu، و”ضحكتُ حتى أذنيّ” كما يقول المثل التونسي، و”معزة ولو طارت.. ” كما يقول المثل الجزائري.

إننا نجزم أنه لو كان الأمر أمر موازنة بين القوتين الماديتين لقضت فرنسا على الثورة الجزائرية في “ربع ساعة”، كما أكد أحد الطغاة الفرنسيين، ولكن الرقم الذي لم يُدخله ذلك الطاغية في المعادلة هو “رقم الإيمان”، الذي كان للجزائريين حظ كبير منه، ولم يكن للفرنسيين منه مثقال ذرة، ولذلك لم تُغْن عنهم كثرتهم، ولا عتادهم، ولا أموالهم، ولا حلفاؤهم شيئا.

إن المبادئ التي حققنا بها هذا النصر المؤزر قد تخلينا عنها، ونخشى أن يتخلى الله ـ عز وجل ـ عنا ويكلنا إلى أنفسنا الأمّارة بالسوء، فنذوق وبال أمرنا، ولو لم نتخل عنها لما “رمينا” ـ مدة عشرين سنة ـ جثتيْ شهيدين رمزين في قبو بإحدى الثكنات، بأمر ممن زعموا أنهم “مجاهدون”.

لقد أوغلنا في الانحراف، وتردّينا أخلاقيا، وإن ذلك لمُنذرٌ بأوخم العواقب، وقديما قال الشاعر الحكيم:

وإذا أصيبَ القومُ في أخلاقهم          فأقمْ عليهم مأتمًا وعويلاَ

وهل هناك مصيبة أكبر من أن نُحرم ما أحل الله، و نُحل ما حرم الله.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
21
  • عبد الرحمن سرحان

    هناك أشخاص يحبون أن يُذموا ويُنتقدوا عبر وسائل الإعلام المختلفة ولا يحبون أن يُحمدوا رغبة في الإشهار ولتطبيق المقولة خالف تُعرف ولتحقيق المراد. أن يكتب أديب في وزن أستاذنا الهادي القلم الزناد على هذا الفساد ليجعل منه شهرة في البلاد أراه -وأعتذر لأستاذي- -ردا ليس بمستساغ ولا يُرجع اللآئكي إلى السداد..

  • بدون اسم

    لكنك لم تجيب على سؤاله
    نهاية المقال لا علاقة لها بالموضوع
    ربما هي فلسفة فقهية

  • rabah

    La puissance de feu s'est terminée par la participation de l'algérie aux festivités du 14. juillet. Où est 08 mai 1945. Où sont les vrais algériens? Allah yarham echouhada

  • merghenis

    لفهم الجملة الأخيرة من المقال لعّل الرجوع إلى الآيتين 32 و 33 من سورة الأعراف و تفسيرهما يسهل ذلك.

  • بدون اسم

    الدين ليس اقوال يا قادة
    من قتل نفسا بغير حق كانما قتل الناس جميعا
    لا توجد ثورة يدون عيوب
    انا معك
    لا توجد دنيا من غير عيوب
    لكن على حسب الاحداث توزن الامور
    على حسب الاعمال تحكم العقول
    و راي واضح في هذا الموضوع
    فرنسا لم تهزم من ثورة الجزائر
    بل انسحبت لاهدافها مستقبلية
    اما ان نقول بان الله نصر المؤمننين
    فهذا بالذات ما يبق في علم الله وحده
    علام الغيوب سلام

  • قادة

    شتان بين الثرى و الثري يارياض لاتقارن بين مجاهدي الثورةالذين كانوا ضد الكفار والفجار من امثال لافيجيري وسوستال وبيجار مع من خرجوا عن القانون و قاتلوا ابناء شعبهم من المسلمين الذين يسمون احمد و محمد و عبدالقادر و الذين حتى و ان اخطاوا فلا يحق الجهاد ضدهم لان الاسلام لا يسمح باهدار دمهم دمهم لقولهم لا اله الا الله محمد رسول الله.فمن تتكلم عليهم مفتنين لامجاهدين وما مقارنتك بهم لمجاهدي الثورة الا لتشويه ثورة نوفمبرالتيكانت حقيقة لوجه الله و من اجل تحرير الوطن لذلك نصرها الل .لاتوجدثورة من دون عيوب.

  • حمزة

    أحترمك كثيرا أستاذ لكن اسمح لي أن اختلف معك هذه المرة ، النصر لا يكون إلا بالاعداد و التخطيط وكل كلام غير هذا مجرد حافز معنوي لا اكثر

  • طالب28

    كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ

    تصحيح للآية الواردة في مقدمة المقال

  • رياض

    المستعمر الفرنسي يعد من بين ابشع المستعمرات العديدة التي حدثت على مر التاريخ / ذلك لشدة الظلم و النذالة و الدنائة التي كان يتميز بها الاستعمار الفرنسي في الجزائر و انتهاكه لكل حرمات و تعديه على شرف هذا الشعب الحبيب / لكن انا لا اعرف ما كان في قلوب الشهاداء و المجاهدين في ذلك الوقت / ولا يحق لي ان انكر دينهم و ايمانهم بالله كما لا يحق لي ان اعترف به / لكن اتسائل كم من ابرياء فرنسيين و جزائريين ماتو على يد المجاهدين عن طريق حرب العصابات عن طريق الذبح و تفجير المقاهي كما يفعل الارهاب / هذا اسلام ?!

  • merghenis

    حرب التحرير الجزائرية لم تكن حرب تقليدي حتى يمكن الكلام على (la puissance de feu) لهذا الجيش أو ذاك. من جهة كان المجاهون ( لا عدد و لا عتاد)( les maquisards) و من الجهة الأخرى كان جيش نظامي
    (armée régulière).

    تحضير أول نوفمبر 54 ( La préparation du 1er novembre 1954) وثيقة من عدة صفحات بقلم محمد بوضياف ـ الله يرحمه ـ

    الكلام الذي ختم به الأستاذ مقاله غير مفهوم وبالخصوص عند ما كتب نحرم ما أحل الله (؟)

  • قادة

    المعلق رقم2ينفي العامل الديني عن الثورةكمافعل صاحب قوةالنيران وهو ردها لكعكةالاروبيين لتصفيةالاستعمار.فياترى ماذاسنسمع من عندصحاح الوجوه الذين يريدون ان ينفون على الجزائريين ايمانهم الذي يستمدون منه قوتهم وصبرهم وتحليهم بحب وطنهم وشعبهم.لولا المعنويات العاليةالتي تميزبها الشعب الجزائري في ثورته لما كانت لتكون الثورة اصلا و لبقيت فرنسا في الجزائر ان وجهت بقوةنيران او بمشروع كعكةاوروبا .اتدري يا مسيو رقم2بان فرنسالم تكون لتخرج من الجزائر لولاالله اكبر وجهادالشعب المسلم لانها كانت ترى الجزائرفرنسية

  • meriem

    هذه الظروف التي تتحدث عنها هي التي يسرها الله عز و جل للجزائريين حتى ينتصروا وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه انكم لا تغلبون عدوكم بعدد و لا عدة و لكن تغلبونهم بهذا الدين فاذا استويتم انتم و عدوكم في الذنوب كانت الغلبة للاقوى

  • العمري بوطابع

    التوكل على الله اساس النجاح في كل شيئ هذه قناعة كل مسلم ولا يشك في ذلك الا كل مختال فخور صانعوا الثورة انفسهم يقولون ان استبسالهم في الوغى يكون اكثر عندما يسممعون لفظة الله اكبر . استاذي الفاضل نظرا لمقروئية عمودك المرتبط بنبلك واخلاصك تمنيت لو اهتممت اكثر بالمواضيع ذات العلاقة بالواقع السياسي المعيش الذي اصبح مع الاسف الشديد لا يطاق في مختلف المجالات خاصة بعد تربع فخامته من جديد على كرسي الرئاسة . اقول ذلك لان كلمة حق في وجه طاغية اصبحت في هذا الظرف من اوجب الواجبات خاصة لما تصدر من شخص مؤمن

  • العمري بوطابع

    التوكل على الله اساس النجاح في كل شيئ هذه قناعة كل مسلم ولا يشك في ذلك الا كل مختال فخور صانعوا الثورة انفسهم يقولون ان استبسالهم في الوغى يكون اكثر عندما يسممعون لفظة الله اكبر . استاذي الفاضل نظرا لمقروئية عمودك المرتبط بنبلك واخلاصك تمنيت لو اهتممت اكثر بالمواضيع ذات العلاقة بالواقع السياسي المعيش الذي اصبح مع الاسف الشديد لا يطاق في مختلف المجالات خاصة بعد تربع فخامته من جديد على كرسي الرئاسة . اقول ذلك لان كلمة حق في وجه طاغية اصبحت في هذا الظرف من اوجب الواجبات خاصة لما تصدر من شخص مؤمن

  • الثابتي

    كثيرٌ هم من لا يقومون لله وزنا في مجريات الامور رغم انه يقول : {وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ } و يقول : {قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } و يقول : {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }. فمتى يعقل هؤلاء المنهزمون نفسيا ، اذيال الملحدين الذين اكل عليهم الدهر.؟

  • هشام

    سيدي العبارة الأخيرة التي جاءت في مقالك هذا تدل على أنك ترمي إلى أبعد مما كتبت، و أعترف أنني لم أفهم المغزى فهلا أوضحت رحمك الله

  • بدون اسم

    في الصميم

  • مرزقان عبد الوهاب

    جزاك الله خيرا أستاذنا الكريم. تصحيح لخطإ أظن أنه وقع سهوا : { كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ } كثيرة بدلا عن كبيرة.

  • SLIM

    بارك الله فيك يا أستاذنا الفاضل

  • رياض

    لا احد ينكر عزيمة الاستقلال التي كان يتحلى بها المجاهدين و شهداء ثورة التحرير الجزائرية انذاك / لكن الحق يقال بعد الحرب العالمية الثانية اروبا دخلت تحدي جديد لتعلن عن حرب عالمية جديدة الا و هي حرب الصناعة و الاقتصاد حرب التطور و الازدهار / انتهت مهمة فرنسا من الجزائر .. كما انتهت مهمة اطاليا في ليبيا .. كما انتهت مهمة بريطانيا في في فلسطين .. كما انتهت اروبا من مخططها المعروف " بكعكة الكيك " LA PATICRI " من افريقيا و الشرق الاوسط / لهذا فرنسا لم يعد لديها القوة لتجمع بين حربين و العالم يتطور !!

  • بدون اسم

    كثيرا من هم يا استاذي الفاضل لقد نسوا بجهل ان النصر بيد الله و سبب انكسار الامة و تخذلها بعدها عن الاسلام