الرأي

نحن في حاجة إلى هدنة أخلاقية حقا…

محمد سليم قلالة
  • 2155
  • 14

نحن في حاجة اليوم إلى هدنة أخلاقية إن صح هذا التعبير، نتوقف فيها جميعا عن الادعاء باحتكار الحقيقة أو النزاهة أو نظافة اليد، نُرتِّب في ظلها أمورنا، ونَرْسم طريقا صحيحا للأجيال القادمة…

أتصوّر بأننا اليوم في حاجة إلى هدنة أخلاقية حقا، أكثر من حاجتنا إلى وفاق سياسي طال أمده، وقبل أي تغيير اقتصادي واجتماعي صعبٌ تحقيقه

 يبدو لي أننا إذا لم نُعلن هذه الهدنة الأخلاقية، سيطول أمد الخلاف بيننا ولن نُحقق أي تقدم على كافة الجبهات.. إذا لم  نَكفّ عن الانطلاق من مواقف سابقة عن البحث في مساوئ هذا وأخطاء ذاك، إذا لم نتوقف عن كشف عورات بعضنا البعض للصديق والعدو، في هذا الظرف الحساس، فلن نتقدم خطوة إلى الأمام، وستُراوح أمورنا مكانها إلى أن يُفرَض علينا الحل فرضا أو ندخل في متاهات لا نهاية لها لا قدر الله.

الهدنة الأخلاقية، تفترض الكف المباشر عن كيل الشتائم لهذا أو ذاك، تفترض الوقف الفوري للنبش في مساوئ هذا الفريق أو ذاك، التوقف غير المشروط الكذب عن الناس وعن تزوير الحقائق.. الهدنة الأخلاقية تفترض الاعتراف الصريح بالخطايا وقول الحقيقة مهما كانت مُرّة للناس عن حالنا الاقتصادي والاجتماعي، وغض الطرف عن مرض هذا أو صحة ذاك، ثروة هذا وفقر ذاك، ماضي هذا أو تاريخ ذاك

الهدنة الأخلاقية تفترض أن نذكر محاسن بعضنا وننسى ولو إلى حين مساوئنا، ونسير ببلادنا إلى الأمام، ومَن ليس له مساوئ أو محاسن؟

لا يمكن للجو غير الأخلاقي أن يصنع أي تقدم أو يوصل إلى أي اتفاق. لا يمكن لجو ملوث أن يردع هذا أو ذاك عن النبش في تفاصيل الأحياء والأموات.. ومثل هذا الجوّ لن يساهم في صنع إجماع في أيّ مستوى كان.

علينا أن نكون أخلاقيين ولو لفترة انتقالية نَصنع خلالها إجماعاً، أما دون ذلك فالإجماع لن يتحقق أو سيتمّ على أسس هشة ما يلبث أن ينهار.

وهذا لا يحتاج إلى عهد مكتوب أو لجان تنسيق أو بيانات سياسية، إنما إلى صحوة ضمير، إلى اتفاق جماعي غير مرئي بين كل الفرقاء يحمل بندا واحدا ووحيدا يقول: نحن جميعا في هدنة أخلاقية.. لنفتح في ظلها كافة الملفات.. وستُفتح كل الملفات وسنجد المخرج الأسلم لحالنا جميعا

 

وذلك الذي مافتئ ينقصنا منذ عقود من الزمن، وذلك فقط ما بقي لنا من الأمل.    

مقالات ذات صلة