الرأي

نريدكم أن تفوزوا.. لأجل هؤلاء

محمد سليم قلالة
  • 4379
  • 12

ليس لأجل الذين سيستغلونكم سياسيا، وليس لأجل الذين سيعتبرون فوزكم دليل نجاح الرياضة وكرة القدم في بلدكم، وليس لأجل تغطية فشل الذين لم يتمكنوا حتى من بيع تذاكر الدخول إلى الملعب الذي سيحتضنكم، وليس لأجل الذين سيستغلون فرحة الشباب لتمرير سياسات أو مشاريع، أو لأجل الذين سيجعلهم فوزكم يتنفسون الصعداء لتأجيل الحكم عليهم شعبيا، أو حتى إعفائهم من تهم كثيرة كانت ثابتة في حقهم…

لا نريدكم أن تفوزوا لأجل أن يكون فوزكم لهؤلاء جميعا ممن يتصرفون مع فريق وطني لكرة القدم كلجنة مساندة وتأييد، أو كسجل تجاري يبيعون من خلاله ويشترون… إنما من أجل آخرين أبرياء لا يتحملون أية مسؤولية في تدهور أوضاع السياسة أو الاقتصاد أو التربية أو الرياضة أو غيرها من المجالات، بل لا يتحملون مسؤولية في أن أصبح سلوكهم فوضويا أمام  شبابيك بيع تذاكر الدخول، أو أصبحوا ينتظرون مثل هذه المناسبات لتحقيق مداخيل إضافية لهم أو لأسرهم الفقيرة، أو لم يعرفوا من الرياضة سوى كرة القدم..

من أجل هؤلاء الشباب الذين لا يُمكن بأي حال أن نلومهم إن تعلقوا كل هذا التعلق بكم وهم الذين لم يكن في مقدورهم أن يعرفوا رياضة أخرى غير رياضتكم ولا رياضيين آخرين غيركم؟ فما بالك أن يعرفوا مسرحا أو سينما أو نادي مطالعة ومكتبة عمومية جوارية أو نوادي للتربية الفنية والموسيقية؟..

من أجل هؤلاء ينبغي أن تفوزوا، لكي يعيشوا ولو لأيام على فرحة الفوز، فهم أحوج  إلى ذلك، لأنفسهم قبل الآخرين، هم أحوج إلى أن يحسوا أن هناك أملا في المستقبل، أنهم يستطيعون أن يصلوا إلى العالمية ذات يوم كما وصل فريقهم.. برغم الصعوبات، وبرغم محاولات الاستغلال المتكررة حتى لفرحتهم هذه، وبرغم التهم التي لا تتوقف عن وصفهم بجيل الفشل، وجيل الكسل وحتى جيل الغباء أحيانا..

ينبغي أن تفوزوا لأجل هؤلاء لأنهم ليسوا كذلك أبدا، فهم يدركون الثمن السياسي الذي سيدفعونه عن فرحتهم، ويعلمون كل صغيرة وكبيرة تحيط بهذا اللقاء، ولكنهم يريدون أن يفرحوا، ويفسحوا المجال للأمل يدب في قلوبهم لكي يتمكنوا بجدهم وعملهم وذكائهم  أن يبنوا الملاعب التي بها يحلمون، وينظموا الدخول بالطريقة التي يريدون، ويطوون إلى غير رجعة صفحة هؤلاء الذين عجزوا عن تسيير شبابيك الدخول إلى ملعب كرة قدم، بنفس الطريقة التي عجزوا فيها عن تسيير شبابيك دخول البرلمان والحكومة وبناء مؤسسات الدولة…

 

نريدكم أن تفوزوا لأجل هذا، وإذا لم يتحقق لنا ولكم ذلك، لا نريدكم أن تجعلوا من الهزيمة مأتما، فقد سئمنا مآتم، إنما نريدكم أن تعلموا أن أبناءنا الذين صمدوا إلى حد الآن من أجل صناعة الفرح، سيصنعونه ذات يوم  بإذن الله، ويومئذ سيعلم الجميع من يكون هذا الجيل الذي وصفوه بكل شيء إلا بأن يكون جيل الأمل.

مقالات ذات صلة