الرأي

نريد أن نخرج للشارع، فقط مبتهجين…

محمد سليم قلالة
  • 2834
  • 20

لا أتصور بأننا سنعود إلى الوراء مرة أخرى. لا أعتقد تماما بأننا سنحتكم إلى الشارع مرة أخرى. لا أظن بأن التجربة التي عرفناها منذ أكثر من 20 سنة ستتكرر وسيخرج الناس بالآلاف ليغزوا الشوارع لممارسة السياسة. أظن بأننا اختبرنا الشارع أكثر من أي شعب آخر وعرفنا نتائجه وعرفنا أننا مازلنا لم نصل بعد إلى مستواه كما هو حال الشعوب العربية برمتها.

الخروج إلى الشارع في حقيقة الأمر هو سلوك حضاري له قواعده وآدابه وأخلاقه وحدوده، يصلح أن يكون وسيلة للتعبير في مرحلة من مراحل التطور الحضاري للأمة عندما يكون الوعي السياسي في درجة من النضج تمنع أي انزلاق خارج الأهداف المحددة للخروج.

أما ونحن الآن عاجزون عن “إماطة الأذى عن الطريق” في الزمن العادي، بل نتعمد إيذاء الآخرين حتى ونحن نسير في الطريق، ونرفض التداول على قطع الطريق، بل ونحتكره لأنفسنا لو استطعنا، فكيف بنا نزعم أننا قادرون على الارتقاء إلى مستوى التعبير السياسي من خلال الشارع للمطالبة بالتداول على السلطة وعدم الاحتكار ورفض قطع الطريق أمام الأجيال القادمة؟

الشارع ليس هو أسهل وسيلة نستخدم إنما هو آخر وسيلة يمكن اللجوء إليها عندما نكون في مستواها.. ونحن الآن لسنا في مستواها بكل المقاييس، دون مستوى آبائنا وإخواننا الذين خرجوا ذات يوم في مظاهرات 11 ديسمبر للتعبير عن رفضهم الاستعمار. أولئك كانوا على قلب واحد وكانت غايتهم واحدة أكثر نبلا وأكبر معنى من غايتنا اليوم، وكانوا أكثر صدقا وقدرة على رص الصفوف ومنع الانزلاق. أما اليوم، فنحن بكافة المقاييس دون مستوى ذلك الوعي، وقضيتنا مازالت بكل المقاييس لا ترقى إلى مستوى اللجوء إلى الشارع.

لقد عشنا تجربة الخروج إلى الشارع وعرفنا نتائجها في بداية التسعينيات، وعشنا تجربة خروج الشعوب العربية إلى الشارع وعرفنا نتائجها طيلة السنوات الثلاث الماضية، ولا أظن بأننا سنكرر الخطأ ولا نستفيد من التجربة.

صحيح هناك ما يدفع إلى الخروج، هناك من الممارسات غير العقلانية لدى البعض ما يدفع إلى إلغاء كل تفكير لدينا وإلغاء كل تحفظ يمنعنا من الخروج، إلا أنني أرى أنه ينبغي أن لا نيأس، فغدا لناظره قريب، وبإمكاننا أن نُجري انتخابات إلى حد ما نزيهة، وبإمكاننا أن نخوض تجربة أخرى في الديمقراطية تجعلنا أول الشعوب العربية التي تغير نظام الحكم لديها من نخبة إلى أخرى بسلاسة بأدنى الخسائر، وأول الشعوب العربية التي تقرر بأنها إما أن تخرج إلى الشارع مبتهجة أو تواصل النضال لأجل أن تخرج كذلك. كفانا خروجا للشارع ونحن كلنا حزن وغضب وأسى.. نريد أن نخرج مبتهجين أو لا نخرج حتى يأذن الله بالفرج ويؤتينا خيرا من حيث ننتظر أو لا ننتظر… 

مقالات ذات صلة