جواهر
الخلاف حوله ينذر بالتّطور إلى الأسوء

نشطاء جزائريون: التراث الجزائري ينتحل في وجدة وميهوبي شاهد عيان

أماني أريس
  • 3181
  • 11
ح.م

يبدو أن الخلاف حول التراث بين شعوب المنطقة المغاربية سيظل قائما، وينذر بتطوّره إلى الأسوء إذا لم تتخذ خطوات جادة لفضّه على المستويات الرسمية، فبعد الضّجة التي أحدثتها مشاركة الوفد المغربي مطلع شهر مارس في مهرجان أبو ظبي بتراث جزائري، جاءت تظاهرة وجدة عاصمة للثقافة العربية لتجدد نفس الجدل بين الأشقاء الجزائريين والمغاربة.

وفي مستهل فعاليات التظاهرة، قدّم حفل الافتتاح فقرات فنية تعبر عن الثقافة المحلية المغربية، والملفت في العروض هو حضور الأزياء والحليّ الجزائرية التي قدّمها الوجديون على أنّها من التراث المغربي الأصيل، وهو ما أثار موجة من الغضب لدى الجزائريين المهتمين بالتراث الوطني وحمايته، واعتبروه خطوة جريئة وغير مسبوقة من السطو العلني لتراث الجزائر.

ميهوبي شاهد وبلال العربي مشرف

صفحات التراث الجزائري عبر جميع وسائل التواصل الاجتماعي شنّت حملة احتجاج كبيرة على هذه الممارسات التي شهد عليها وزير الثقافة السيد عز الدين ميهوبي بتواجده في قلب الحدث ضمن الوفود العربية المشاركة في التظاهرة. وتوجه مديرة صفحة اكتشف الجزائر نداء إلى جموع الفنانين والإعلاميين الحاضرين في التظاهرة إلى كسر الصّمت، واتخاذ موقف احتجاجي صارم على هذا الوضع،  وعرضت صاحبة الصفحة مقطع فيديو لفرقة نساء وجديات بالكاراكو العاصمي. تلتها فرقة راقصة بالبينوار السطايفي، ثم عرض آخر بالقندورة القسنطينية وغيره بالملحفة الشاوية.

كما عبّر عدد من النشطاء عن استيائهم من الإعلامي الجزائري بلال العربي الذي أشرف على دور التنشيط في حفل الافتتاح وروّج للأزياء الجزائرية على أنّها مغربية.

من جهتها عرضت صاحبة صفحة الجزائر الجميلة بعض صور فنانات مغربيات يرتدين الجبة القبائلية ويطلقن عليها اسم البلوزة الوجدية. وأشارت إلى خلطهم في تسمية قطع الأزياء والحلي، واعتبرتها أكبر دليل على أنّها ليست من تراثهم.

متى تنتهي هذه المهازل؟

وتتساءل صاحبة صفحة الجزائر في الزمن الجميل عن علاقة بعض قطع الأزياء والحلي بمدينة وجدة المغربية قائلة: “هناك بعض الأزياء مشتركة بحكم القرب الجغرافي وهذا أمر طبيعي، لكن بعض الأزياء الأخرى لم يكن المغاربة يعرفونها قبل الانفتاح الذي أحدثته شبكات الانترنيت والصور والفيديوهات التي أصبحت دور الأزياء والمصممين يعرضونها عبر المواقع الالكترونية، وهو ما سهل عمليات السرقة و الانتحال، متى تنتهي هذه المهازل وهل من تفسير كيف وصلت القندورة القسنطينية والجبة القبائلية وملحفة الشاوية إلى وجدة وأصبحت مغربية أصيلة !؟ ثم تضيف مستنكرة وإذا كان القرب الجغرافي حجة لخلط التراث بشكل عشوائي، وبلا رقابة فمن حقنا أيضا أن ننسب كل تراث البلدان المجاورة إلينا”

الجدير بالذكر أن الخلافات حول أصل التراث أصبحت ظاهرة متكررة تؤدي إلى تراشقات كلامية حادة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي للبلدان المغاربية سيما بين الجزائريين والمغاربة والتونسيين، وكانت الإعلامية الجزائرية بتلفزيون قطر “نوال قاضي” قد تعرّضت إلى حملة هجوم شرسة من طرف مواقع مغربية اتهمتها بنسب التراث المغربي إلى الجزائر، وجاء ذلك بعد مشاركتها في حصة بيوت عربية التي يبثها تلفزيون قطر الرسمي، واستضافت الإعلامية فريق البرنامج في بيتها بديكور وأزياء وأطباق تقليدية جزائرية.

من اختصاص الباحثين

ويرى الدكتور مراد بلكبير وهو باحث في التراث أن مشكلة “الخلافات الإقليمية حول التراث” سببها محاولة احتكار التراث دون مصادر رسمية تثبت هويته، خاصة في أقاليم متجاورة كانت متّحدة في حقبات زمنية معينة، وتمازجت دماء شعوبها ومن البديهي أن تتأثر ببعضها وتتلاقح ثقافاتها، مؤكدا أن الفصل في أصول تراثها من اختصاص الباحثين والمؤرخين، وليس من اختصاص الإعلام وشباب المواقع الإلكترونية.

يذكر أن الخلافات حول التراث في البلدان المغاربية وصل صداها إلى منظمة اليونيسكو حيث حُملت إليها ملفات تصنيف بعض التراثيات المادية واللامادية على غرار طبق الكسكسي، وموسيقى الراي، والقفطان.

مقالات ذات صلة