منوعات

نصير شمة للشروق:الصوفية بدأت مع الحسن والحسين..وحتى مناجاة الله حرمها التكفيريون

الشروق أونلاين
  • 10959
  • 27

اعترف العازف العراقي نصير شمة بأن “الشروق اليومي” منذ أن حاورته في القاهرة في خريف 2002 وهي تتابع مشواره، كما أنه يتصفحها ويعتبرها رفيقا إعلاميا راقيا، واعترف أنه منذ حط قدميه في قسنطينة حتى أصبحت دارا إضافية له في بلد أرسى فيه قواعد بيت عود إضافة إلى البيوت التي شيدها في القاهرة وفي أبوظبي.. اعترافات العازف الأول على العود في العالم كانت على هامش رحلة بوح فكرية تكلم فيها نصير شمة عن كل شيء.

= هل اقترب زمن عودة نصير إلى العراق؟ 

== هناك حرقة في القلب لا يمكنني وصفها، أشعر أن عودتي إلى العراق هي ولادة جديدة بالنسبة لي، ورغم أن فناني بلدي وحتى ساسته ورجالاته وأهلي من دون استثناء طلبوا مني العودة، بل إن بعضهم تنقل خصيصا إلى القاهرة وحاول اصطحابي معه، لكنني لا أرى نفسي في عراق تحت الاحتلال، ومع ذلك أحس أن موعد العودة قريب، هو أمل جميل، مجرد التفكير فيه يجعلني في شدة السعادة.

 

 = أصبحت دائم الحضور في أفراح وتظاهرات قسنطينة؟

 == أشعر أنني ابن المدينة، فكلما أزورها أحس أنني أكتشفها لأول مرة، أنا لا أنسى جولتي في المدينة في رمضان الماضي على الأقدام ليلا، حيث جُبت أنفاق وجسور المدينة، هي بالتأكيد مدينة قدرها أن تكون للحضارة وللفن وللثقافة، ويسعدني أن أحضر مهرجانات نوعية صارت تشتهر بها المدينة والجزائر التي مسحت ما كانت تتناقله الوكالات والفضائيات الأجنبية عن أخبار الموت والدموع.

 

= لاحظنا في الفترة الأخيرة تألقك في الإنشاد في أجواء صوفية؟

 == الإنشاد بدأ مع الرسالة المحمدية، حيث وقعت القطيعة بين ما قبل الإسلام والإسلام، ولكن المبدعين من الشعراء لم يستطيعوا كبت إبداعاتهم، فحولوها إلى مدح للنبي الكريم، فتحولت أشعارهم إلى مناجاة لربهم، هكذا بدأت المقامات شعرا وترنيما من دون موسيقى، للبوح بما في الصدور حبا لله وللرسول صلى الله عليه وسلم، وأول قصيدة أنشدت مدحا لخاتم الأنبياء على مسامعه استحسنها، ولم يمانع، ثم بعد ذلك دخلت الدفوف لضبط إيقاع الصوت.

 

= هناك من يقول إن الإنشاد بدعة نصرانية 

== أين هو المشكل في أخذ محاسن الأشياء من غيرنا، الإنشاد موجود فعلا في كل الديانات التي استخدمت من الصوت والآلة من العهد البابلي، وكان العزف بالناي وبالدف الكبير قبل توحيد الآلات موسيقيا، إنها وسيلة حتى يدخل المنشد إلى ملكوت الله. 

 

= لكن ألا تخشى على العازف نصير شمة من الإنشاد؟

 == منذ عشر سنوات وأنا أقدم ليالي العشق الإلهي، أنا اعتبر هذه الليالي زكاة عن الموهبة، قناعتي، أن الإنسان كلما أعطاه الله هبة سواء مادية أو معنوية عليه أن يزكي عليها والحمد لله، منحني الله الموهبة وأنا أزكي عليها بتقربي من الله، كما يشاركني في ذلك أصدقاء من كل القارات. 

 

= هل هي العودة إلى الصوفية عبر أبواب الفن؟

 == استخدام كلمة صوفية أراه خاطئا حسب رأيي، فليس كل ما قيل إنه صوفي صار يحقق العلاقة بين الإنسان وخالقه، بل إنني أرى أن الصوفي الحقيقي لا يقول عن نفسه إنه صوفي، والصوفية مأخوذة من الصفاء، وربما أيضا من خرقة الصوف الناعمة التي كان يرتديها سيدنا الخِضْرُ.. أما عن عودة الصوفية فأظنها لم تذهب حتى تعود، والإنشاد موجود بصوفيته في كل بلاد الإسلام خاصة في تركيا وإيران، أما عن رجال الصوفية فهم نادرون ويمكنني القول إنه في كل بلد إسلامي قطب واحد، المسلمون بالملايير منذ بداية الرسالة المحمدية، أما الصوفيون فهم على أصابع اليد.

 

 

= كلنا نعلم أن نصير شمة موسيقار، لماذا لا تعيد ليالي الطرب العربي كما كان في عهد السنباطي بالتعاون مع الأصوات المتمكنة؟ 

== أنا بدأت منذ زمن قريب في التعامل مع مطربين كبار، حيث قدمنا أغاني عباسية مع لطفي بوشناق، قدمناها في عدة محافظات في إيطاليا، كما قدمت ألحانا للكبير صباح فخري والمطربة ميادة الحناوي وكذا سعدون جابر، كما غنت ألحاني الكبيرة عفاف راضي التي أدت حوالي16 دعاء، وغنى لي خالد سليم وأسماء لمنور، وحتى لطيفة العرفاوي لي معها عمل عن غزة وآخر عن العراق بعنوان “تكبير وسلام على دار السلام”، ومستقبلا سيكون لي عمل مع النجمة السورية أصالة نصري. 

 

= هناك من يرفضون الصوفية ومناجاة الله بالموسيقى؟

== هؤلاء يرفضون كل شيء، الصوفية ليس حكرا على المسلمين ولكنها في الإسلام معروفة بطرقها العشرة، وتعود إلى عهد الإمامين الحسن والحسين رضي الله عنهما، أروع مشاهد الإيمان ارتبطت بالصوفية. 

 

= هذه حكاية الخير مع الله، فكيف هي مع أبنائنا في فلسطين وفي العراق وغيرهما؟ 

== من المفروض أن تبقى مثل هذه الأشياء سرية مادامت خالصة لوجه الله، لكن مع ذلك أقدم بعضا من الكثير، أنا عراقي وكلنا نعلم ما قدمته العراق من حب لفلسطين، وعندما كان عمري 6 سنوات، كنا كل يوم خميس نجمع مصروف البيت ونقدمه هبة لأبناء فلسطين، إلى درجة أنني بكل براءة أجمع الكثير من المال على أمل أن أقدم أكثر من محافظ المدينة، و90 بالمائة من مداخيل الحفلات حاليا تسافر إلى فلسطين، نحن في انتظار تحول مشروع مستشفى بغداد لمعالجة الأمراض السرطانية إلى حقيقة، تلقينا مساعدات قيّمة وهناك من تطوع بقطعة أرض، هناك أشياء جميلة منحتنا الثقة في كون إرادة الإنسان في الخير من إرادة الله، ولا يمكنني أن أنسى نقلي لطفل كتم أنفاسه ورم خبيث يزن ما لا يقل عن1 كلغ إلى عيادة مصرية خاصة، كان الطفل بدون حواس لا نطق ولا سمع ولا ذوق، وعندما تطوع أطباء في مصر لمعالجته عاد الطفل إلى حياته الطبيعية. 

 

– هل أنت صوفي؟ 

== أنا لا أدعي الصوفية، فالصوفي في حاجة إلى صومعة والخروج عن الحاكم، لكننا نتشبه بالكرام وهذا من حقنا، كنت في سن16 أقرأ لابن العربي فأرى نفسي، كل الذين آمنوا بالله وكتبوا هم أحباب ومريدون وليسوا صوفيين، أنا قرأت لشاعر صابئي قصائد مدح في آل البيت، وقرأت لنصارى يمجدون رسول الإسلام ويعشقون آل البيت، نحن نأخذ بعض الأشعار التي عمرها 1000 سنة، وهذا يعني أن الصوفية خلود، لأن روائع ابن عربي ليست قابلة للحداثة والتطوير، لأن حكاية العبد بخالقه هي نفسها من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا الحالي، وإلى زمن القيامة، ست سنوات اكتشفت فيها كنوزا صوفية لأبي مدين العوثي وابن عربي وبعض الأشعار التي عمرها 1000 سنة.. الذين أحبوا الله منذ ألف سنة ليسوا أقل إيمانا من الذين أحبوا الله في الوقت الحالي.

 

 = هل هو عصر من الفن الجديد؟

 == بل إنه تطور لفن الإنشاد الديني، وليس تعويضا لآخرين، ولكل فن أهدافه وعيوبه، لكن الإنشاد كما شاهدت في قسنطينة حكاية أخرى، وأنا أعترف أن الحفلة التي قدمناها مؤخرا في قسنطينة لا يمكن سوى أن تكون من مدينة حضارة عظمى.. قد تشكروني لحضوري وأنا أشكركم لثقافتكم وحضارتكم.

مقالات ذات صلة