-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نكتة مكافحة الفساد

حسين لقرع
  • 4383
  • 0
نكتة مكافحة الفساد

لا يختلف جزائريان في أن الفساد قد استشرى بالبلد في العقود الثلاثة الأخيرة، وأصبح ينخر الاقتصاد ويبدّد الثروات الوطنية، ويوسّع الهوة أكثر بين الشعب ونظامه، ويسيء إلى سمعة الدولة في الخارج…

الجزائر مصنّفة في المرتبة الـ94 في قائمة منظمةشفافية دوليةعام 2014، ما يعني أنها تحتلمرتبة متقدّمةفي قائمة الدول الأكثر فساداً في العالم. ومع ذلك، لا تزال التدابير المتخذة لمكافحته دون المستوى المأمول، حتى وإن كثُرت قضايا الفساد المُحالة هذه الأيام إلى القضاء، ويكفي للتدليل على ذلك، النظر إلى مدىثقلالمسؤولين المتهمين في مختلف القضايا، فلا نرى بينهم وزيراً ولا مسؤولاً سامياً. شكيب خليل لم يمثل أمام القضاء الجزائري بعدُ لأسبابٍ غامضة، وأحد المتهمين في قضية الطريق السيار يوجّه تهمة إلى غول بتقاضي عمولة قدرها 20 بالمائة من قيمة أحد المشاريع، دون أن يُعلَن عن فتح تحقيق في هذا الاتهام الخطير، والأمر نفسه ينطبق على وزيرة الثقافة التي وجهت لها لويزة حنون تهما ثقيلة بإبرام صفقات مشبوهة دون أن يُفتح تحقيقٌ قضائي إلى الآن.

في عام 1996، قرر الرئيس الأسبق اليامين زروال فتح جبهة ضد الفساد لإعادة المصداقية للنظام الذي وصفه في أحد خطاباته بـالمتعفن، وشنّ حملة سماها  الأيدي البيضاءانتهت باتهام نحو ألفيْ مسؤول في الشركات العمومية بالفساد والزجّ بهم في السجن، ولكن الحملة اقتصرت على هذا المستوى، ولم يُتهم مسؤولٌ سام واحد، ولذلك فشلت الحملة بعد أن تبيّن أنها اكتفت بتقديم هؤلاء المسؤولين الصغار ككباش فداء للتغطية على فساد مسؤولين أكبر منهم ساهموا بفسادهم في إفلاس آلاف الشركات العمومية ودفع مئات الآلاف من العمال إلى الشارع.

واليوم تشنّ السلطة حملة مشابهة لـالأيدي البيضاءفي التسعينات، ويُقدّم مسؤولون صغار إلى المحاكمة في قضايا الخليفة والطريق السيار وغيرهما، ولم يُقدّم مسؤولٌ كبير واحد إلى المحاكمة وكأن الخليفة كان قادراً على تنفيذاحتيال القرنلولا توفر رعاية حقيقية من مسؤولين أعلى مرتبة بكثير من الذين قُدّموا إلى القضاء.

في الغرب، يُقدّم رؤساءُ الدول والحكومات والوزراء إلى المحاكمة دون أيّ مشكلة أو عقبات، لأن القانون هناك فوق الجميع فعلاً وليس مجرد شعار أجوف، ويقام الحدّ على الشريف والوضيع معاً إذا سرقا، أما في الجزائر، فقد مرّ أكثر من 700 وزير على شتى الوزارات منذ الاستقلال، ولم نسمع أبداً بتقديم أي منهم إلى القضاء بتهمة الفساد، وكأنهم جميعاً ملائكة معصومون من الخطأ ولا وجود لفاسد بينهم قطّ، ولا يُحاسَب ويحاكَم سوى مسؤولين صغار يقدَّمون عادة ككباش فداء.

 

وحينما نتأمل قائمة شفافية دولية، نلاحظ بسهولة أن الدول الاستبدادية هي الأكثر فساداً في العالم، ما يعني أن لبّ مشكلة الفساد في الجزائر والعالم العربي والإسلامي كله، يتمثل في غياب الديمقراطية الحقيقية التي تعني عدالة مستقلة وقوية، ومؤسسات رقابية صارمة للمال العام، نابعة من الإرادة الشعبية. وفي ظل غياب هذا العامل الرئيس، تبدو مكافحة الفساد مجرد نكتة، ولكنها نكتة سمجة لا تضحك أحداً

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • مواطن

    جدة، تحقيق- سعد بن عبدالله
    هل تؤيد الغرامة المالية بديلاً عن السجن في قضايا الحق العام؟، وهل هذه العقوبة كافية لمن حُكم عليهم في قضايا إساءة للممتلكات، أو التعدي عليها، أو تجاوزات نظامية أو غيرها؟، ثم لماذا لم يصدر نظام يقنن الأحكام البديلة عن السجون وتركت مجالاً لاجتهادات فردية، مثل: العمل في جمعية خيرية، أو خدمة مسجد، أو العمل متطوعاً في مؤسسة مدنية؟.
    لقد شرعت العديد من الدول في سياسة الإلغاء التدريجي لعقوبة السجن، بعد أن فشلت تلك العقوبة في تحقيق أهداف الردع أو الإصلاح،

  • علي هجرس

    الشعب الطبال هو من يقدم الإجازات والشيتة لكي يؤكل المال العام

    ارايت اذا دخلت لأي ادارة من يفزعك هو الضعيف في الباب زيادة على الأخبار

    شعب يستهل الذل لأنه يبحث عن الذل والله لايوجد شعب مثل هذا ولنا ادلة لاتطرحها الآن ــــ شعب مذلال صح في اللصوص وان كانوا غير رجال

  • ياسين

    عمر ابن عبد العزيز لما ولى الحكم واصبح امير المؤمنين اهدية اليه فراسة من اجود الانواع فقال لهم لمن هده قالوا هي لك ياامير المؤمنين "قال لهم اما هده لبيت المال ردوها وهاتوا لي بغلتي يرحموكم الله" كان يملك الدنيا و ما فيها لكنه قنوع بما قسمه الله له لا ينظر الى مال غيره او ان ياكل بغير ان يدفع من جيبه كان يحمل كنز في قلبه يسمى مخافة العلي القدير فقد تخطى درجة الايمان بالاحسان في زمانه كان الدئب يرعى الغنم انها العدالة الالهيه فوق الارض لايظلم عنده احد ولما هاجم الدئب الغنم عرف بان عمر قد مات.

  • عبد العزيز

    وهل يوجد رجل نزيه فالكل في الهم شرق

  • بن براهيه

    ان كلامك سيدى كوله صحيح ان ما اتعجب اليه هو نوعية المعليقين الذي ارا انهم من يعرفون مشاكل الجزاير الحقيقية عكس بعض المعلقين الفشلين من امثال العباسي وا solo والبقية لركم عرفين

  • s s

    المرتبة 105 قائمة منظمة "شفافية دولية" عام 2014 استاذي المحترم ولنسمي الاسماء بمسمياتها

  • الخالدي

    اخي حسين انت محق في كل ما كتبته. . لوكانت تحاسب ا لرؤوس الكبيرة. ما كنا وصلنا الى ما نحن عليه. والسؤال المطروح .من يحاسب من ؟

  • دهاس

    نحن بعيدون كل البعد عن اي تصنيف، فالمسؤول الجزائري رب في هذه
    الارض لذلك لا يعتبر نفسه بشرا ولا يتعامل معهم بمنطق البشر.
    فكيف بامثاله ان يروا فيه الفساد،فالشعب هو الفاسد حسب هذا المنطق وهي حقيقة يجب الا ننكرها،فالشعب المتغير في اليوم الف مرة
    والذي يزيد على نفسه للحصول على ابسط حقوقه،يتقرب من السؤول
    ولو على حساب شرفه.
    كما تكونوا يولى عليكم. لنعد الى بناء انفسنا ،ومصالحة ذاتنا.ثم نفكر
    في محاسبة مسؤولينا.

  • الرجل الاسمر

    على كل حال يا استاذنا نحن الجزائريون موسميون في التعامل مع المستجدات او الاخطاء او اي شي ففي الدراسة لا يراجعون الا اذا اقتربت الامتحانات . ولا يعالجون الا استفحل المرض و لا يتخذون اي اجراء الابعد فوات الاوان و قس على ذلك فالمسؤول الجزائري ليس له استراتجية متكاملة و محتلرمة تدوم سنين كما تفعل الدول المتطورة ..و ما يحدث من محاربة الفساد هو كموسم قطف الزيتون الذي سينتهي في افرب وقت بلا شك......و اهدافه محدودة وقصيرة النظر او انها ليست حسنة النية....

  • مواطن

    حين يتعرض أحدنا لهذا الموضوع ويكون له قدر ضئيل من الكرامة يتمنى لو أنه ولد في أرض غير أرض أجداده ويستحيي من خالقه المطلع على كل أفعالنا.سابقا كان لا يعرف السارق إلا الله والقضاء حين يصدر ضد المذنب أكبر العقوبات الرادعة أما اليوم ومنذ خروج المستعبد من وطننا لم نسمع إلا التحايل على القوانين بهدف الاستحواذ على المال العام في وضح النهار ومن طرف من نصبوا أنفسهم أمناء على ممتلكات الدولة.واعتمادا على السلطة المخولة لهم لقنوا الشعب الكسل وتلقي الهبات دون مقابل ليشركوه في الفتاة الحرام للقضاء على الفضلاء

  • بدون اسم

    يا أستاذ الكريم ، إن ما نشاهده ونقرأه اليوم في وسائل الإعلام ليندى له الجبين ، كيف وكبار المسؤولين يتورطون في هذه اللعبة القذرة لملإ جيوبهم ولخدمة ذويهم وأقاربهم وتنصيبهم في مناصب عليا ليست من مستواهم ، ففي الوقت الذي يجب أن يكون المسؤول هو الحارس الأمين لخزينة الدولة ويضرب بيد من حديد على من يتجرأ على الإقتراب منها ، أصبح هو من ينهب ويبدد ويبذر ...إلخ رحم الله هواري بومدين المثل الأعلى الذي يحتذى به في حفظ الأمانة ، ورعاية الشعب البسيط ، فيا ليت يعود الرجال من طينتك يا بومدين .