-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نوّابنا الفقراء!

حسين لقرع
  • 3811
  • 0
نوّابنا الفقراء!

إذا صحّت الأنباء، التي تحدّثت عن أن بعض النواب قد أحيوا المطالب التي تقدموا بها في عام 2013، برفع أجورهم والحصول على امتيازات أخرى تتعلق بالتقاعد والعطلة الخاصة وجواز السفر الديبلوماسي… مقابل تمرير التعديل الدستوري القادم، فسيكون ذلك ابتزازاً مفضوحاً وانتهازية سياسية وأنانية تكرّس الأحكامَ الصادرة فيهم لدى الشعب، بأنهم لا يريدون من خلال سنوات النيابة الخمس سوى انتزاع أقصى ما يستطيعون من مكاسب وريوع مقابل الموافقة على كل المشاريع القانونية للسلطة والتخلي عن دورهم الرقابي، وبأن انشغالات المواطنين وقضاياهم التي يقولون إنهم “اُنتخِبوا” للدفاع عنها، هي آخر ما يفكّرون فيه.

في العراق، أقدم رئيس الحكومة منذ نحو عام على تخفيض راتبه ورواتب وزرائه إلى النصف، مراعاة للأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها بلادُه بسبب التراجع الحادّ لأسعار النفط، وكذا النفقات الضخمة للحرب على  داعش، وانسجاماً مع دعوة العراقيين إلى التقشف من خلال البدء بأنفسهم ليكونوا قدوة لهم. أما في الجزائر، فتدعو السلطة الشعب إلى التقشف ولكنها لا تطبّقه على نفسها ولا تخفض رواتب وزرائها ومسؤوليها السامين، ويسير بعضنواب الشعبعكس التيار ويطالبون برفع أجورهم بنسبة معتَبرة، عوض أن يكونوا أوّلَ المطالبين بتطبيق الأنموذج العراقي عليهم وعلى المسؤولين السامين للدولة.

البرلمان الحالي يعكس بصدق صورة الوضع السياسي المهترىء بالبلد؛ إذ تكرّست ديمقراطية الواجهة وتوجيهُ نتائج الانتخابات وخلقُ أغلبية نيابية مصطَنعة من أحزاب الموالاة، وأضحى البرلمان امتداداً للسلطة التنفيذية لا يحسن أغلب نوابه سوى رفع الأيدي وتمرير مشاريع قوانينها كلها، وغابت فيه النقاشات المعمّقة عن القضايا المهمّة للبلد، وأصبحت هموم أغلب النواب تنحصر في كيفية الاستفادة من الريوع والمكاسب، ككل المسؤولين، قبل انقضاء عهدتهم النيابية، فهم يعبّرون بصدق عنالأمراض السياسيةالتي تنخر جسم دولةٍ شعبها الفقير في واد، ومسؤولوها في واد آخر.

الملايين منالعمالفي إطار أجهزة تشغيل الشبابوالشبكة الاجتماعيةوما قبل التشغيلوالأسلاك المشتَركة“… وغيرهم في شتى القطاعات، يعانون فقرا يصل إلى حدّ البؤس بسبب ضحالة أجورهم التي يعرف الجميعُ قيمتها.. وعوض أن يدافعممثلو الشعبعن هذه الفئات ويسعون إلى إيجاد حلول لمعاناتها التي دامت سنواتٍ طويلة، يطالب بعضُهم برفع رواتبهم التي تفوق ما يتقاضاهعمال تشغيل الشباببعشرات المرات.

 

لو كانت البلاد تعيش ديمقراطية حقيقية قوامها الكلمة للشعب وحده في الانتخابات، لكان للشعب نوابٌ حقيقيون يجعلون الاهتمامات المعيشية الملحّة للمواطنين همّهم الأول، ولكن الجميع يعلم الظروف التي جاءت بهؤلاء النوّاب إلى البرلمان، ولذا لا يرون أنفسهم نواباً يمثلون الشعب، بل مجرد موظفين لدى السلطة التنفيذية مهمتهم الرئيسة هي تمرير كل مشاريعها القانونية. ومن هذا المنطلق، يتحدّثون عن الإطارات السامية ويطالبون بالمساواة معها في الأجور والامتيازات، ويتحدثون أيضاً عن أجور لاعبي كرة القدم والفنانين وغيرهم لتبرير مطلبهم برفع رواتبهم، وكأنهم يرون أنفسهم فقراء مقارنة بهذه الفئات، ورُبّ عذر أقبح من ذنب.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • مواطن

    متى وجد منتخبون في بلدنا منذ الاستقلال حتى ننقبض من جميع أفعالهم؟لقد جمد مجلس المحاسبة من طرف أعلى سلطة انتقاما من متابعته هو نفسه في قضية اختلاس.كيف يسمح لأي موظف أن يحدد راتبه الشخصي؟لقد انتفضنا كلنا يوم أضرب المدرسون لرفع أجورهم وبقوة أشد نستهجن الابتزاز الصادر من مجموعة من الانتهازيين لا يقدمون أي مجهود سوى التسكع في ملاهي العاصمة ويتعاطون نشاطات مشبوهة يعاقب عليها القانون لو كنا في بلد تسوده العدالة.كم أقيمت في بلد المغلوب على أمرهم ثروات طائلة بفعل هذه الفئة القائمة على سرقة الأموال العامة

  • جزائرية

    سيدي الفاضل ان هؤلاء يبخلون على المواطنين و لو بالتوجيه فكيف تنتضر منهم الدفاع عن انشغالات المواطنين و قضايهم. والله لا أدري ما الجدوى من هؤلاء اللهم الا اجورهم التي تثقل كاهل الخزينة.

  • علي

    لوكان هذو الشياتين يعطيو حق العمال البسطاء .

  • بدون اسم

    الابتزاز و الانتهازية واستغلال المنصب لكسب مغانم شخصية،هذه الصفاة ليست مقتصرة على النواب بل هي مما عمت به البلوى على جميع المستويات وفي مختلف القطاعات حتى أصبحت وكأنها ثقافة عامة إلا من رحم ربك،وما النواب إلا عينة بسيطة من الشعب الذي لو كان أي فرد من أفراده مكان هؤلاء النواب لفعل مثل ما يفعلون أو ربما أكثر إلا النزر القليل

  • عياش

    صدقني يا أستاذ الكريم أنه عندما أقرأء مقالك ، أحس بنوع من الأمل ، وأنه مازال رجال مخلصين يدافعون عن الوطن والشعب بأقلامهم النيرة ليدحضوا كلمة الباطل ويسكتوا من همهم سلب البلاد والعباد اولئك الجبناء الذين نصبوا أنفسهم على رقاب الشعب المغلوب على أمره لخدمة جيوبهم وبطونهم التي لن يملؤها أموال قارون ... فالمسؤول الحقيقي هو من همه في خدمة الأمة والشعب ، فهل فكر هؤلاء النواب الصطنعين في حالة الشعب ؟ أم أنهم بدون عقول وبدون ضمير وبدون أخلاق وبدون.......؟