-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نِحْلَةُ الإبراهيمية.. آخر ورقة لتفكيك العالم الإسلامي

نِحْلَةُ الإبراهيمية.. آخر ورقة لتفكيك العالم الإسلامي

منذ أكثر من ثلاثة قرون، وبعد انهزام العثمانيين كحماة للعالم الإسلامي مطالع القرن الثامن عشر أمام قوى التحالف الصليبي على أسوار فيينا، والغرب الصليبي اليهودي يسعى جاهدا إلى تفكيك بُنى وكيانات ووحدة دول العالم الإسلامي، والملاحظ عليه أنه من وقتها لم ولا يدّخر في سبيل ضرب وتحطيم وحدة العالم الإسلامي حيلة ولا خطة ولا مشروعا ناجحا، إلاّ وجرَّبه وبادر إلى تنفيذه بكل ما أوتي من أساليب القهر والقمع والوحشية والدهاء والمكر.. فمن بثِّ الفتن والتطاحن وإشعال فتيل الحروب الأهلية وصنع المنشقين وتأييد الثائرين وتمويل أصحاب الأهواء والأطماع، إلى الإغراء والإيقاع والانقلاب على المخالفين والتعاون مع خصوم الأمس.. كأنها لعبة يتسلى بها لتوطيد مواطن نفوذه وإحكام سيطرته على العالم.

وضمن معالم هذه الرؤية الاستعمارية الكبرى، شهد العالم الإسلامي منذ ثلاثة قرون خلتْ كل هذه السيناريوهات المدمِّرة، وظلّ كتَّابُهم وفلاسفتهم ومفكروهم ومؤرخوهم ورجال الكهنوت والدين وساستهم وقادتهم العسكريون في مؤسساتهم الاستعمارية يبدعون الخطط ويضعون المشاريع لتفتيت وتفكيك وحدة العالم الإسلامي، حتى وصل إلى هذه الصورة الممزقة، الأمر الذي أدى إلى احتلال بلاد العرب والمسلمين وزرع الكيان الصهيوني في قلب العالم الإسلامي، وفصل السودان عن مصر وتمزيق وحدة حزب نجم شمال إفريقية وتمزيق الوحدة المغاربية.. إلى تمكين رقاب المسلمين من حكم نخب علمانية مستتبعة للاستعمار ووفية لخدمته وبقائه.. فمن مشروع إلى مشروع، ومن خطة هدامة إلى خطة أكثر تهديما منها.. ومن مناورات على المستوى العسكري التقليدي إلى أطروحات على المستوى الفكري والفلسفي والقانوني والدعائي والإعلامي والتربوي والثقافي.. إلى أطروحات ثقافية وفكرية وفنية ناعمة عبر الفنون والآداب وتلاقح الثقافات والأفكار.. وخطابات فلسفية تحارب الدين والهوية.. وإحياء الهويات الوثنية قبل مجيء الإسلام.. إلى خطابات ومحاولات تجديد الخطاب الديني ليواكب طروحات العولمة الكونية المبدِّدة للخصوصيات الثقافية للعالم الإسلامي، إلى فرض قيم الحداثة (التفكيك، التشكيك، التحلل، التحرر) وإلى فلسفات وأطروحات ما بعد الحداثة، ومؤامرة الربيع العربي الذي جلب الفساد والدمار ومكن للسلط والطغم الانقلابية القمعية في بلاد العرب والمسلمين.. إلى مؤامرة الحرب الجرثومية وتعطيل الحركة العالمية بسبب وباء كورونا المصطنع.. وهيمنة شركات تصنيع الدواء الاحتكارية العالمية.. فضلا عن الأزمات الاقتصادية والمالية العالمية التي تصنعها المؤسسات الدولية المنبثقة عن الهيمنة الاستعمارية للقوى الكبرى المنتصرة بعد الحرب العالمية الثانية، إلى سرقة ثروات الشعوب واستذلالها..

وبعد هذه الإطلالات التاريخية عن رؤية وفلسفة ومخططات القوى الصليبية اليهودية تجاه العالم الإسلامي الناجحة والفاشلة، والتي أثخنت لا محالة في الجسد الإسلامي الممزَّق.. تجيء آلة الحرب الناعمة لابسة ثوب العبادة والتقوى وعباءة التعايش الإنساني المشترك عبر تعزيز آلية قيم المشاركة الدينية العائدة إلى أصول الإنسانية الواحدة والديانة الإبراهيمية الأولى.

والحقيقة أن هذه النحلة الإبراهيمية هي منحى منحرفٌ وضال عن روح وباطن وظاهر الدين الإسلامي كدين جامع وخاتم وملخِّص لما سبقه من النبوات والدعوات.. وتأتي بعد فشل الكيان الصهيوني الدخيل على الجسد الإسلامي في إيجاد حالة من الاستئناس والقبول به بعد استعمار استيطاني دام أكثر من خمس وسبعين سنة 1948-2023م، وبعد أن رفضت الثقافة العربية الإسلامية الكيانَ الدخيل ولواحقه ومشاريعه وصمدت في وجه أعتى خططه ومشاريعه..

ولأجل تجييرها وإنجاحها، فقد وجدوا لها أحفاد ونظائر وأشباه (أبورغال) و(مؤيد الدين بن العلقمي) و(نصير الدين الطوسي) ليروِّجوا لها وليرفعوا راياتها عبر تبنيها لشعارات “الأخوّة الإنسانية” و”المشترك الديني” البشري و”التعاون الإنساني والحضاري العالمي السلمي”.. ونحوها من الشعارات التي سبق لهم أن رفعوها في فضاءات الفلسفة والأدب وسائر الفنون.. والتي ليس لها من هدف وحيد تسعى إليه سوى زرع الكيان الصهيوني في الجسد الإسلامي الممزَّق والقادر على المقاومة والرافض لهذا الكيان العنصري، وهذه دعوة سياسية وجيواستراتيجية لا علاقة لها بالتسامح الديني والأخوي والإنساني والتعبدي والقيمي والأخلاقي.. سوى تحقيق هدف الهيمنة الاستعماري اليهودي الصليبي الوحيد لاستعمار العالم الإسلامي مجدَّدا أو تمزيقه.. في وقت بات أفول المارد الغربي اليهودي الصليبي وشيكا بعد انحسار وتراجع وانكشاف كل خططه الاستعمارية، وبعد تغير موازين القوى العالمية الصاعدة..

حذار من اللعب بالنار.. وحذار من مكر وخطط اليهود والصليبيين.. وحذار من نِحْلَةُ الإبراهيمية كآخر ورقة معادية لتفكيك العالم الإسلامي.. وحذار يا أحفاد أبي رغال من غضب الله ويقظة العرب والمسلمين.. فقبرُه بالقرب من مكة يُعرف إلى اليوم بأنه قبر الخائن الذي دلَّ أبرهة على أقرب طريق إلى مكة.. وما الله بغافل عما يعمل  الظالمون.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!