الرأي

هاتوا بديلكم عن إيران

حسين لقرع
  • 2683
  • 42

ما إن بدأت العلاقات بين حماس وإيران تتحسّن في الآونة الأخيرة وتتجه نحو عودة المياه إلى مجاريها، حتى تصاعدت أصوات بعض الدول الخليجية الغاضبة من هذا التقارب داعيةً حماس إلى الكف عن التواصل مع إيران مقابل “فتح معبر رفح ورفع الحصار عن غزة” و… فقط.

 في ذروة الحرب الأخيرة على غزة (7 جويلية– 26 أوت 2014) عرضت دولٌ كبرى على المقاومة مبلغ 50 مليار دولار تجمعها رفقة دولٍ عربية ثريّة تحت عنوان إعادة الإعمار، وهذا المبلغ كبيرٌ في الواقع وكفيلٌ بتحقيق رخاء اقتصادي كبير لغزة وتحويلها إلىهونغ كونغجديدة، ولكن الثمن الذي طلبته هو نزع سلاح المقاومة، فجابهتها برفض قاطع وأعلنت أن سلاحَها ليس للبيع بأموال الدنيا كلها وليس فقط بـ50 مليار دولار، وأن حقها في المقاومة غير قابل للمساومة أو التفاوض، ورفضت عرضه أصلاً للمناقشة في مفاوضات مصر لإطلاق النار.

واليوم تطرح بعض الدول الخليجية الفكرة مجدداً تحت غطاءرفع الحصار، وهو يعني، من بين ما يعنيه، استعدادها لتمويل إعادة الإعمار بمبالغ سخيّة تساهم في ازدهار غزة وتنتشل أهلها من براثن الفقر والخصاصة، ولكن مقابل الابتعاد تماماً عن إيران، وهذا يعني ببساطة التخلي عن عملية إعادة التسلّح ومن ثمة عن حق المقاومة..

كنا نودّ أن تطرح الدول العربية نفسها بديلاً عملياً لإيران، وأن تطلب من المقاومة الفلسطينية الابتعاد عنها ورفض سلاحها، مقابل أن تحلّ محلها وتزوِّدها بما تشاء من مال وسلاح وصواريخ وذخائرلا سيّما وأن هذه الفصائل كلها سُنّيةٌ مثلها وليست شيعية كحزب الله في لبنان، وهذا أدعى لدعمها عسكرياً ومالياً وعدم ترك ذلك لإيران، ولكن الذي حصل أن هذه الدول نأتْ بنفسها تماماً عن دعم المقاومة منذ عقود، ورفضت مدّها ببندقية واحدة خوفاً من غضب أمريكا، وجنحت إلى دعم المسار التفاوضي العبثي الذي لم يوصل السلطة الفلسطينية إلى شيء مع الصهاينة منذ 21 سنة كاملة برغم مسلسل تنازلاتها الطويلة والمُذلّة، ثم تآمرت مع الصهاينة ضدها ودعمت حروبهم عليها، حتى إن نتنياهو قال متبجّحاً خلال الحرب الأخيرة على غزة إن هناكتحالفاً استراتيجياًقام بين كيانه و4 دول عربية، وبعد كل هذا تأتي وتنتقد حماس على إعادة بعث العلاقة مع إيران في إطار عملية إعادة تسليح نفسها حتى لا تكون لقمة سائغة للعدوّ في الحرب القادمة، ما يؤكد أن هذه الدول تفكر بمنطق الخذلان والانبطاح والتآمر وليس بمنطق نصرة الأخ في قضيته العادلة ضد العدو.

إذا كنتم لا تريدون دعم المقاومة بالمال والسلاح، فلماذا تنكرون عليها الاتجاه إلى غيركم للحصول على هذا الدعم؟

المقاومة لا تريدالسلام الاقتصاديالذي طرحه توني بلير على الفلسطينيين ويحوّلهم بموجبه إلى شعب يعتاش على المساعدات الغربية مقابل سلامٍ ذليل يمنح كل شيء للصهاينة ولا يمنحهم سوى الفتات، بل تريد تحرير أرضها من النهر إلى البحر ولو تمّ ذلك بعد قرن من الآن، فإما أن تساعدوها على ذلك، وهو واجبكُم الديني والقومي، أو تتركوا غيركم يفعل، وتلزموا صمت الأموات كما تعوّدتم طوال عقود، وهو أفضل لكم

مقالات ذات صلة