-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هذا‮ ‬ما‮ ‬قاله‮ ‬نجيب‮ ‬محفوظ‮ ‬عن‮ “‬الفيس‮”‬

هذا‮ ‬ما‮ ‬قاله‮ ‬نجيب‮ ‬محفوظ‮ ‬عن‮ “‬الفيس‮”‬

في خريف 2002، تشرّفنا بجلسة أدبية وسياسية، جمعتنا بصاحب جائزة نوبل في الآداب، الروائي المصري الراحل نجيب محفوظ، أدركنا والرجل العجوز، الذي قارب حينها سن التسعين، يعتصر ذاكرته، أنه مُطلّع على كل ما حدث ويحدث في الجزائر. كان يسألنا عن الوضع الأمني في المتيجة، وعن تأثير انتعاش المحروقات على الاقتصاد الجزائري، وعن وزن السيد آيت أحمد في الخارطة السياسية الجزائرية. وكنا نجيبه، ويصرّ على معرفة كل التفاصيل، ودون أن نسأله، راح يبدي رأيه في أحداث الجزائر، ويتساءل عن السبب الذي جعل الجزائريين لا يمنحون الفرصة للجبهة الإسلامية‮ ‬للإنقاذ‮ ‬المنحلة،‮ ‬لأجل‮ ‬مزاولة‮ ‬السلطة،‮ ‬حتى‮ ‬تنكشف‮ ‬حقيقتها‮ ‬في‮ ‬العلن،‮ ‬وتقي‮ ‬العالم‮ ‬العربي‮ ‬وصول‮ ‬الإسلاميين،‮ ‬أو‮ ‬مجرد‮ ‬تفكيرهم‮ ‬في‮ ‬بلوغ‮ ‬السلطة،‮ ‬حسب‮ ‬رأيه‮ ‬طبعا‮.‬

ومرّت الآن أكثر من عشر سنوات، عن هذه الشهادة، من روائي علماني، لم يتوافق أبدا مع الإخوان المسلمين، ولكنه كان يطالب بنشاطهم علنا، ومنحهم كل فرص الممارسة السياسة. وإذا كانت الجغرافيا والرجال، قد تغيّروا، فإن التاريخ أعاد نفسه في بعض المشاهد التي كادت أن تكون طبق الأصل، بين التجربتين الجزائرية والمصرية، حيث اعترف النظام بجماعة، ثم دخل معها الصراع على الحكم بميزان الناخبين. وعندما مالت الكفة إلى غيره، أمالها إلى نفسه بالقوة، فدخلت البلاد في دوامة لا أحد يعرف منتهاها وفواتيرها المعنوية والتاريخية. وأفرز انقلاب مصر رجالا قالوا إنهم أخطأوا في الشعب، وآخرون ركبوا القطار بعد أن أطلق صافرة الوصول وسط فوضى، يُخشى أن لا تكون لها نهاية، كما هو حاصل في العراق وسوريا. وكما يقدّم النظام المصري سلفيين وأزهريين وغيرهم من مختلف التيارات الإسلامية، كنماذج دينية، ضد الإخوان، يقدم الطرف الآخر، نماذج من مسيحيين وعلمانيين وملحدين أيضا لم يفهموا، كيف حنّت بلادهم إلى زمن الحاكم بأمر الله، وكيف طبخ الانقلابيون هذه التهم الحمراء لمصريين، بعضهم لم ير في حياته إلا لون النظام الداكن السواد.

لا جدال في أن الولايات المتحدة الأمريكية مع نظام السيسي، وتدعمه عن طريق أموال الخليج، كما لم تدعم نظاما في تاريخها، ولا جدال في أنها ضد الإخوان المسلمين، وتعمل لأجل إبادتهم، بأيدي المصريين، ولكنها مع ذلك عزّ عليها أن تقولها صراحة أمام العالم، بأنها ضد الشرعية وخيار الشعب، كما يفعل الكثير من رجالات مصر من الذين كانوا يحاضرون للتداول على السلطة وحق الشعب في اختيار من يرأسه، وصاروا يحاضرون لدوام السلطة بين أيدي العسكر، وعدم منح الشعب حق اختيار ممثليه.

نعود الآن إلى الجلسة التي جمعتنا بالروائي الراحل نجيب محفوظ، حيث ختمها بحادثة محاولة اغتياله عام 1994، بعد أن تم معاودة طبع رواية “أولاد حارتنا” في مصر. واتضح أن الفاعل مقتنع بأن نجيب محفوظ ملحد ووجب قتله، فخلال جلسة المحاكمة سأل القاضي نجيب محفوظ عن مطالبه؟‮ ‬فسامح‮ ‬الفاعل،‮ ‬وترجّاه‮ ‬أن‮ ‬يقرأ‮ ‬روايته،‮ ‬بعد‮ ‬أن‮ ‬تبين‮ ‬من‮ ‬المحاكمة‮ ‬أنه‮ ‬لم‮ ‬يقرأ‮ ‬الرواية‮ ‬ولا‮ ‬غيرها‮ ‬من‮ ‬كتابات‮ ‬نجيب‮ ‬محفوظ؟‮ ‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • بدون اسم

    حب الوطن هو جزء من الايمان و ليس هو كل الايمان ان الدنيا مدتها قصيرة و حياة الانسان قصيرة جدا ربما يعيش الرجل كل حياته في غربة بعيدا عن وطنه و لاكن لا يستطيع ان يعيش بلا دين و الدين عند الله الاسلام

  • قادة

    الجهل المركب لدى بعض المتاسلمين و ايمانهم بطاعة الامير او المرشد او الشيخ من دون تفكير جعلتهم يفقدون ولائهم للدين و للوطن و للشعوب. فهم يفضلون طاعة من يقودهم من دون ادنى تسال هل ذلك حرام ام حلال؟وهل ذلك الامر يرضي الله اويغضبه؟ وهل ممكن انه يسبب فتنة بين المسلمين والناس اجميعين او لا المهم عندهم هو طاعة المشيخة حتى ولو رمت بها في السجون او في الجحيم.فلما يفق يكون الذنب ارتكب ووقتها لاينفع ندم عند المحاسبة عن العلي القدير العزيز القهار الحليم الغفار الرحمن الرحيم.فيقوا قبل فوات الاوان يا اخوان...

  • كريم التاهرتي

    هؤلاء يكفرون بالديمقراطية اذا افرزت صناديقها اسلامي ويهللون اذا تمخض عنها علماني اذن اللعبة مكشوفة انها الحرب على الاسلام فتبا لك من ديمقراطية.

  • بدون اسم

    شتان بين هذا وذاك ، كيف تساوي بين أشخاص قام ضدهم انقلاب عسكري بكل المقاييس ومع ذلك غلّبوا صوت العقل والحكمة وجابهوا بأسلوب حضاري وديمقراطي وآخرون نالوا جزءا صغيرا فقلبوا الدنيا وما عليها ولن تشفع لهم لا أهدافهم ولا الظلم الذي تعرضوا له أمام ما اقترفوا في حق الجزائريين ، فالغاية لا تبرر الوسيلة أبدا .. وليس هناك أي مبرر مهما كان صاحبه محقا لتدمير الوطن نموت ويحيا الوطن وإلا ما فائدة العيش دون وطن ودون كرامة...

  • سمير

    باركالله فيك في هذه الفقرة
    لا جدال في أن الولايات المتحدة الأمريكية مع نظام السيسي، وتدعمه عن طريق أموال الخليج، كما لم تدعم نظاما في تاريخها، ولا جدال في أنها ضد الإخوان المسلمين، وتعمل لأجل إبادتهم، بأيدي المصريين، ولكنها مع ذلك عزّ عليها أن تقولها صراحة أمام العالم، بأنها ضد الشرعية وخيار الشعب، كما يفعل الكثير من رجالات مصر من الذين كانوا يحاضرون للتداول على السلطة وحق الشعب في اختيار من يرأسه، وصاروا يحاضرون لدوام السلطة بين أيدي العسكر، وعدم منح الشعب حق اختيار ممثليه.