-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هذه حقيقة “المهديّ المنتظر”..

سلطان بركاني
  • 29407
  • 1
هذه حقيقة “المهديّ المنتظر”..

المتابع لاهتمامات رواد كثير من المنتديات الدعوية والحوارية وصفحات التواصل الاجتماعيّ، منذ اندلاع الأزمة السّورية، يلحظ انشغالا منقطع النّظير بقضية المهديّ “المنتظر” وبعلامات وإرهاصات ظهوره، حتى إنّ كثيرا من المهتمّين بهذا الشّأن والمتحمّسين للظّهور الموعود، بلغ بهم الأمر إلى حدّ الجزم بأنّ زماننا هذا هو الزّمان الذي سيظهر فيه المهديّ، وأنّ هذا الجيل هو الجيل الذي سيرى ملامحه ويشهد ملاحمه، مستندين في ذلك إلى أحاديث وردت في كتب الفتن والملاحم، أنزلوها على الأحداث الجارية في العالم الإسلاميّ عامّة وفي أرض الشّام والحجاز خاصّة.

الاعتقاد بظهور رجل يلقّب بـ”المهديّ” هو عقيدة مشتركة بين مختلف طوائف هذه الأمّة، ولكنّ الخلاف وقع في اسمه ولقبه وصفته وبدايته وأعماله. ووقع أيضا في أهمية الاعتقاد بوجوده وظهوره؛ ففي حين ترى جماهير الأمّة أنّ قضية “المهديّ” من هوامش العقيدة التي لا يكفّر مسلم بسببها، تتعلّق برجل صالح أخبر المصطفى– صلّى الله عليه وآله وسلّم- بوجوده في آخر الزّمان، اسمه كاسم النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، واسم أبيه كاسم أبي النبيّ عليه الصّلاة والسّلام.. من نسل الحسن بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهما.. يولد كما يولد كلّ الرّجال، ويعيش كما يعيش كلّ النّاس، ويراه أهله وأقرباؤه وكلّ من حوله، هو لا يعلم أنّه سيكون المهديّ، والنّاس من حوله كذلك، حتى تقع فتنة في المدينة المنوّرة على إثر مقتل أمير من الأمراء، فيخرج المهديّ من المدينة إلى مكّة مع من يخرج، فيأتيه النّاس ويختارونه للبيعة وهو كاره، ويبايعونه بين الرّكن والمقام أميرا لهم، وعندما تتمّ له البيعة يأتيه جيش من الشّام لحربه فيخسف الله بذلك الجيش في الصّحراء بين مكّة والمدينة.. عندها فقط يعلم ويعلم النّاس من حوله أنّه المهديّ، فيتوالى المسلمون على بيعته، ويبدأ فتوحاته لاستعادة مجد الأمّة السّليب.

هذا ما يعتقده جمهور المسلمين في حقّ “المهديّ”، الذي لم تكلّف الأمّة ولم تُتعبّد بانتظاره، إنّما بالعمل الجادّ الدّؤوب لدين الله، حتى يتوّج سعيها بقائد فذّ من نسل نبيّها الخاتم– عليه الصّلاة والسّلام- يعيد الله على يديه للأمّة مجدها وعزّها، لكنّ طائفة واحدة من هذه الأمّة هي الطائفة الشيعية الإمامية الاثنا عشرية، شذّت في اعتقادها بالمهديّ “المنتظر” عن سائر طوائف المسلمين وعن بقية طوائف الشّيعة نفسها. وجعلت الإيمان به أصلا من أصول العقائد التي يقع عليها الولاء والبراء والخصام والفصام؛ حيث زعمت أنّ اسمه “محمّد بن الحسن”، ولد سنة 256 هـ واختفى سنة 260 هـ لمّا بلغ من عمره 4 سنوات. وهو إلى يومنا هذا لا يزال على قيد الحياة، وقد بلغ من العمر 1181 سنة.. 

والغرابة ليست في طول غيابه وإنّما هي في الإصرار على وجوده مع أنّ مصادر التّاريخ وإجماع طوائف المسلمين كافّة– باستثناء الشّيعة الاثني عشريّة- تشهد بأنّ رجلا بهذا الاسم والنّسب وبهذه الأوصاف لم يولد ولم يخرج إلى دنيا النّاس، وما هو إلا أسطورة اخترعها الدجّالون لأكل أموال النّاس بالباطل باسم خمس أهل البيت! والطّامّة الكبرى أنّ هذا الغائب المنتظر الذي يُسلَّى مساكين الشّيعة بفضائل انتظاره، ويبشَّرون في كلّ زمن بقرب ظهوره، لن يظهر لينصر الإسلام ويعيد للأمّة عزّها المفقود وحقّها المسلوب، وإنّما – وبحسب المصادر الشّيعيّة – لينتقم من الأمّة ويُعمل سيفه في رقاب المسلمين الذين أحبّوا الصحابة المرضيين وتولّوا الخلفاء الرّاشدين وأثنوا على أمّهات المؤمنين؛ يعودُ في وقتِ هرج ومرج ليس ليحقن دماء المسلمين ويوحّد صفوفهم، وإنّما ليزيد الأمّة فرقة على فرقتها، حينما “يقوم بكتاب جديد على العرب شديد” (“الغيبة” للنعماني، ص154)، و”يهدم المسجد الحرام حتى يردّه إلى أساسه، ومسجد الرسول- صلى الله عليه وآله وسلم- إلى أساسه، ويردّ البيت إلى موضعه ويقيمه على أساسه” (“الغيبة” للطوسي، ص282)، ويُخرج أبا بكر وعمر من “قبريهما غضّين رطبين فيلعنهما ويتبرّأ منهما ويصلبهما ثم ينزلهما ويحرّقهما ثم يذريهما في الريح” (بحار الأنوار، 52/ 386)، ويُخرج أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فيقيم عليها حدّ القذف بحجّة أنّها – برّأها الله – اتّهمت مارية زوجة النبيّ – صلّى الله عليه وآله وسلم – بالزّنا، وقالت إنّ إبراهيم ولدَ النبيّ عليه السّلام هو ولد زنا! (بحار الأنوار، 22/ 242). ويقوم بعملية إبادة جماعية لأهل السنّة خاصّة وللعرب عامّة. 

وفي هذا الصّدد، ينسبون إلى الإمام الباقر– برّأه الله- أنّه قال: “لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لأحبّ أكثرهم ألاّ يروه ممّا يقتل من النّاس، أمَا إنّه لا يبدأ إلا بقريش فلا يأخذ منها إلا السّيف، ولا يعطيها إلا السّيف حتّى يقول كثير من الناس: ليس هذا من آل محمد، ولو كان من آل محمّد لرَحِم” (“الغيبة” للنعماني، ص154).

هذه العقائد وغيرها، لم تبق حبيسة الكتب والمصادر الشّيعيّة القديمة، بل تحوّلت إلى دافع قويّ يدفع شيعة العالم للتحرّك على أرض الواقع لتوطيد الأمر للغائب المنتظر و”صاحب الزّمان”! وما تفعله عشرات المليشيات التي تتحرّك في أرض الشّام خاصّة، هو جزء من هذه العقيدة التي لم تعد تجارة رابحة في الأوساط الدينية وفي الحسينيات فحسب، وإنّما أيضا في الأوساط السياسية والرسمية، ما جعل مساكين الشّيعة يعتقدون بأنّهم يعيشون “زمن الظّهور” وأنّهم قاب قوسين أو أدنى من رؤية “صاحب الزّمان”، ومن إقامة دولة “الطّائفة” على أنقاض دولة “الأمّة”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • ابوعاقله حسين جأدين

    أكتب تعليقك هنا .. علامه المهدي