الجزائر
أرقام مفزعة ومطالب اجتماعية بالجملة

هذه خطة تبون لتفكيك “القنابل” الاقتصادية

سميرة بلعمري
  • 16717
  • 28
ح.م

 تمكن المترشح الحر عبد المجيد تبون، من انتزاع لقب تاسع رئيس جمهورية للجزائر المستقلة، في ظروف يجمع المتابعون على أنها ظروف استثنائية على كافة المستويات، فالأزمة ليست سياسية فقط بل متعددة الجوانب، ولعل ما يزيدها تعقيدا الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد، فلن يتأتى لفائدة رئيس دولة أن يكون قويا وسط شعبه سوى بعاملين أولهما الوضع المالي المريح وثانيا اقتصاد قوي، فما هي رهانات الرئيس الجديد للجزائر؟ وكيف له أن يتجاوز مؤشرات اقتصادية لامست الخط الأحمر، واحتياطي صرف تآكل ووصل إلى عتبة 50 مليار دولار فقط.

يواجه الرئيس الجديد للجزائر، هشاشة الاقتصاد الوطني إزاء السوق الدولية للبترول المتقلبة أسعارها والمنخفضة إلى مستوى لا يطاق بالنسبة لوتيرة نفقات الدولة، هذه الهشاشة التي تستدعي البحث عن موارد مالية دائمة خارج المحروقات وهو شأن يجب أن يشكل العمود المركزي لاستراتيجية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، حسب الخبراء.

تبون الذي سيستلم مهمة تسيير شؤون البلاد يواجه ظروفا غير ملائمة تطبع الاقتصاد الدولي الراهن بالنسبة للدول المصدرة للبترول، حسب الهيئات المالية الدولية، وذلك بسبب تراجع النشاط الاقتصادي في الصين والولايات المتحدة، وآثار خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي مستقبلا ما يؤثر على نمو الاقتصاد العالمي وبالتالي تراجع الطلب على البترول حسب تقديرا ت الخبراء، هذا الظرف الدولي جعل الجزائر منذ 2010 تعاني من عجز المالية العمومية الذي جعل خزينة الدولة تسجل عجزا جرها إلى اللجوء إلى التمويل غير التقليدي بإصدار وطبع النقود الذي وصل مستواه إلى أكثر من 7500 مليار دينار ما يعادل 37 بالمائة من الناتج الداخلي الخام.

وإن كانت التصريحات الرسمية تذهب إلى التخلي عن التمويل غير التقليدي بداية من 2022، فهناك العديد من الأسئلة ستواجه الوافد الجديد على قصر الرئاسة، أهمها كيف سيتم تغطية عجز الخزينة العمومية المتوقع أن يتجاوز السنة القادمة 2430 مليار دينار وفي 2021 أكثر 2900 مليار. وفي 2022 نحو 2764 مليار دينار؟ تتعرض الدولة مشاكل في توفير موارد المالية للتكفل بنفقاتها وقت أصبح تقليص هذه النفقات صعب المنال دون أن تحدث اضطرابات اقتصادية واجتماعية.

فتقليص نفقات التجهيز المقدرة بـ2929 مليار دينار في سنة 2020 سيؤثر على وتيرة نمو الاقتصاد الوطني الذي اعتمد خلال السنوات الماضية على نفقات الدولة لتحريكه. ويأتي هذا على ضوء شبه استحالة في تخفيض نفقات التسيير التي تتشكل في غالبيتها من أجور عمال وإطارات الوظيف العمومي علما أنها مقدرة بأكثر من 4890 مليار دينار في سنة 2020 ومرشحة للارتفاع إلى أكثر من 5000 مليار دينار في سنتي 2021 و2022، أضف إلى كل ذلك يتولى الوزير الأول الأسبق تسيير شؤون البلاد والجزائر تتحمل عبء التحويلات الاجتماعية المتمثلة في الدعم الذي تقدمه سنويا والمتوقع أن يصل 1797 مليار دينار في 2020.

فهل للرئيس الجديد أن يصمد أمام ضغط الهيئات المالية الدولية أي البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، وهي التي تحاول إجبار الجزائر على التخلي عن سياسة الدعم لتكون عامل ضغط خارجيا إضافة إلى ضغط عجز الخزينة الدافعين إلى الاعتماد على التخلي التدريجي عن هذه السياسة وهو ما سبق أن تحقق من خلال مسار الزيادة في أسعار الوقود مثلا وتم توقيفه مؤقتا لتهدئة الحراك.

فمن أين سيستمد الرئيس الجديد قوته بمستوى احتياطات صرف انكمشت لتنخفض إلى مستوى 51 مليار دولار، أي ما يكفي تغطية 12 شهرا من فاتورة الاستيراد، ومهددة بالتراجع إلى حدود 39.7 مليار دولار سنة 2022، وذلك بسبب استمرار تسجيل عجز ميزان المدفوعات هذا العجز المقدر بـ8.7 مليار دولار في 2020 و6.6 مليار دولار في 2021 و5.3 مليار دولار في 2022.

كل هذه الأرقام تمثل رهانا صعبا سيواجه حكومة الرئيس الجديد، فكيف ستتصرف حكومة الرئيس الجديد لإحداث التوازنات الكلية للاقتصاد الوطني؟ وكيف لها أن تقلص نفقات التجهيز التي يؤثر تقليصها سلبا على نمو الاقتصاد الوطني ويعطل حركة الاقتصاد الجزائري وكيف بإمكان الرئيس الجديد تقليص نفقات التسيير والتحويلات الاجتماعية وهي التي مازالت لا تملك حيلة لمواجهة أي اضطرابات اجتماعية في ظل غليان الشارع والحراك.

كيف ستواجه حكومة تبون، عجز الميزانية؟ هل ستواصل حكومة الرئيس الجديد إصدار وطبع النقود وما يرافقها من سلبيات التضخم وتراجع سعر صرف الدينار أم ستلجأ إلى المديونية الداخلية والخارجية؟ ما هي السياسة الجبائية المقرر اعتمادها ؟ خاصة أن المعادلة صعبة إما فرض ضرائب جديدة وزيادة الضغط الجبائي لزيادة مداخيل الجباية ما يؤثر سلبا على حركة الاقتصاد الرسمي وتحفيز السوق الموازية وإما الحل الأمر وهو محاولة تجنب هذه السلبيات على حساب المداخيل، فكيف ستكون خارطة طريق تبون لتخطي الأزمة المالية والاقتصادية وهو الذي وعد الجزائريين بحياة أفضل؟.

مقالات ذات صلة