الرأي

هزمكم البوحمرون!

جمال لعلامي
  • 1576
  • 7

القيل والقال وكثرة الكلام و”الهبال”، المنجرّ عن عودة البوحمرون، يستدعي تحليلا عميقا، فالبعض يتهم الإعلام وبعض الخبراء بالتهويل والتضخيم، والبعض يتهم وزارة الصحة بالتسيّب والإهمال، والبعض يقول أن “فساد اللقاح” وراء انتشار الداء وتحوّله إلى وباء!

 حالة الرعب والهلع والقلق التي يعيشها الأولياء، هذه الأيام، خوفا من إصابة أبنائهم، هي في الحقيقة ظاهرة طبيعية، لكن غياب عمليات التحسيس والتطمين، ضاعف الرعب، وإن كانت وزارة الصحة تخرج من الحين إلى الآخر بسلسلة من الأرقام والإحصائيات والإجراءات، التي يبدو أنها لم تنجح في تحجيم “الخطر” وتهدئة روع المواطنين!

عندما يصبح عدد الإصابات بالآلاف، فهنا يُمكن القول، بأن الداء تحوّل أو يكاد يتحوّل إلى وباء، حتى وإن كان مختزلا في بعض المناطق والولايات دون غيرها، لكن أن يزحف البوحمرون نحو أكثر من 10 ولايات، خلال بضعة أيام، بعد ما بدأ بولاية الوادي فقط، فهنا يجب كذلك دقّ ناقوس الخطر، لأن هذا إن دلّ فإنما يدلّ على انتشار المرض وانتقاله من بقعة إلى أخرى!

ليس من باب الترويع ونشر القلق، لو خرج المعنيون وقالوا ما يجب قوله، حتى لا تتفاقم المعضلة، ومن غير المفيد أن يقول هؤلاء بأن “مقاطعة” الناس لحملات التلقيح، وأن لا يقول أولئك بأن انتهاء صلاحية اللقاح هي السبب، فالمطلوب هو البحث عن حلول وقف زحف البوحمرون، بدل التشابك بالاتهامات والتوريطات، بما يضرّ ولا ينفع!

أتركوا حساباتكم جانبا، ولا داعي لفوبيا التراشق، والأهم في المهمّ الآن، هو تأمين الأطفال من العدوى، وتأجيل حروبكم ومشاكلكم إلى أن تمرّ العاصفة بسلام، ويتم تحجيم الخسائر وتجنيب الأغلبية من داء من المفروض أنه قـُضي عليه في الأزمنة الغابرة، لكنه ها هو يعود، لأسباب تبقى استثنائية، غير أنها عجيبة وغريبة!

مشكلة الكثير من القطاعات أنها تغرق في “الهدرة” وتنسى الحلول والبحث عن مخارج النجدة، بما يُضاعف الأضرار ويرفع تكاليف الفاتورة، وتفشل الحلول السهلة والمتأخرة في تفادي الأسوأ وحلحلة القضية الاستعجالية بما يجب أن يكون، وليس ما هو كائن، وهذا التشخيص، هو الذي يرفع درجة الهلع، ويقلّل من احتمالات النجاة والعياذ بالله!

لجنة التحقيق التي أوفدتها وزارة الصحة “على جناح السرعة” إلى ولاية الوادي، أعلمت الناس بأن التلقيح ليس فاسدا، وأن عدم التلقيح هو سبب عودة البوحمرون وانتشاره، ولكم أن تتصوّروا مثل هذه النتائج والتحقيقات، التي تبدأ لتنتهي وكأنها لم تبدأ، بل أنها تجعل الشكّ يتسلّل إلى النفوس، فيزيد الشعور بعد الطمأنينة، وتنتصر في الأخير أمراض الطاعون والكوليرا والبوحمرون!

مقالات ذات صلة