الرأي

هزيمة أمريكا في‮ ‬الجزائر

عمار يزلي
  • 4522
  • 9

تعود إلى الواجهة السياسية في‮ ‬العلاقات الخارجية الجزائرية،‮ ‬إلى واجهة منتصف الثمانينات،‮ ‬عندما واجهت السلطة الجديدة وقتئذ،‮ ‬مشكلا بمشكل‮! ‬مشكل ضياع الخيار الاشتراكي‮ ‬وأزمة‮ “‬الثورة الزراعية‮” ‬مع رحيل الراحل هواري‮ ‬بومدين،‮ ‬وقدوم رأس جديد بتدبير جديد لإخراج الجزائر من الركود‮.. ‬فكان الاعتماد على التعاون الأمريكي‮ ‬الجزائري‮ ‬في‮ ‬المجال الفلاحي‮ ‬من أجل استصلاح سهل‮ “‬العبادلة‮” ‬ببشار‮! ‬وكان الحدث‮: ‬الطماطم في‮ ‬أدرار وبشار في‮ ‬أبهى إنتاجها،‮ ‬رغم أن الأمريكيين لم‮ ‬يفعلوا سوى وضع نظام للري‮ ‬وليس استثمارا بمعناه الكبير‮. ‬وكانت النتيجة أن تركت القنوات ومجاري‮ ‬المياه مجمعاتها تحشو بالرمال،‮ ‬ويفشل المشروع بشكل مريع وتذهب الأموال والجهود هدرا كما‮ “‬يصب الماء في‮ ‬الرمل‮”! ‬لتصبح النكتة المعروفة في‮ ‬بشار‮: ‬هزم الأمريكان مرتان‮: ‬الأولى في‮ ‬فيتنام،‮ ‬والثانية في‮ ‬بشار‮! ‬

واليوم،‮ ‬نخشى من التجربة الثانية التي‮ ‬ستقبل عليها الجزائر في‮ ‬تعاونها الاستثماري‮ ‬مع أمريكا في‮ ‬المجال الزراعي‮ ‬واستصلاح الصحراء،‮ ‬خاصة وأن ما جاء في‮ ‬تصريحات المسؤولين عندنا بأنهم‮ ‬يريدون أن‮ ‬يستنسخوا تجربة أمريكا في‮ ‬كاليفورنيا‮!‬

وجدت نفسي‮ ‬أنا هو رئيس مشروع التعاون الأمريكي‮ ‬الجزائري‮ ‬من أجل تحويل الصحراء الجزائرية إلى واحة خضراء لكي‮..! ‬فقد صارت صحراؤنا وصحارى العرب مرتعا،‮ ‬لا للجمال ولا للنوق،‮ ‬بل للحفارات وناقلات النفط وخطوط الإمداد الأفعوانية‮. ‬قلت لهم‮: ‬نريد أن نتبادل التجارب‮. ‬نريد بالمقابل أن تعطونا نجرب في‮ ‬كاليفورنيا تجربتنا الشخصية،‮ ‬مقابل أن نترككم تقومون بتجاربكم الزراعية في‮ ‬صحارينا وهذا لمدة‮ ‬99‮ ‬سنة قابلة للتمديد والتجديد‮. ‬قالوا لي‮: ‬موافقون،‮ ‬لكن،‮ ‬تجاربكم أنتم لا نعرفها،‮ ‬ونتفق فقط على عقد مدته عشر سنوات،‮ ‬لنرى ما تقدمونه لنا،‮ ‬نفس الشيء بالنسبة لكم‮. ‬فإذا ظهرت نتائج حسنة من طرفكم،‮ ‬وظهرت لكم نتائج مفيدة من طرفنا،‮ ‬نستمر في‮ ‬ترقية التعاون وتمديد العقود‮.‬

تفاهمنا على هذا الأساس،‮ ‬وقلت لهم في‮ ‬بند موقع‮: ‬لا نريد أن‮ ‬يتدخل أحد في‮ ‬شؤوننا عندكم‮! ‬نحن دولة مستقلة وشعب مستقل ولا نحب أن‮ ‬يتدخل الأمريكان في‮ ‬سيادتنا‮. ‬نحن نريد أن نعمل‮ “‬كما رشقتنا‮”.. ‬العامل الجزائر له خصوصية خاصة،‮ ‬والجزائريون‮ ‬يعملون بطريقة خاصة‮ (‬لم أرد أن أقول لهم‮: ‬ننام أكثر مما نعمل،‮ ‬وفي‮ ‬رمضان لا نعمل،‮ ‬وفي‮ ‬الأعياد أيضا وفي‮ ‬الويك آند والعطل الكثيرة‮. ‬وإذا عملنا،‮ ‬نعمل على‮ “‬خاطرنا‮” ‬لا أحد‮ ‬يقلقنا أو‮ ‬يزعجنا‮!) ‬وافقوا،‮ ‬وبدأ العمل‮.‬

بعد عشر سنوات كانت صحراء أدرار تتحول إلى كاليفورنيا،‮ ‬وكانت جنة كاليفورنيا تتحول إلى صحراء‮. ‬أرشم‮!‬

وأفيق من‮ ‬غفوة لعب‮ “‬الكارطا‮” ‬في‮ ‬قاعة الأكل‮: ‬أرشم‮.. ‬عندي‮ ‬اللاّز‮.. ‬ناكل القاعة‮! ‬ولم أكن أعلم أن‮  ‬هزة‮ “‬زلزال‮” ‬قد هزت قاعة الأكل قبل قليل‮.. ‬وهرب من هرب‮!‬

مقالات ذات صلة