-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هكذا تخدم التطوُّرات العالمية الجزائر

هكذا تخدم التطوُّرات العالمية الجزائر

تخدم التطوُّرات الإقليمية والعالمية الحاصلة اليوم وبشكل كبير الوضعَ في الجزائر وتساهم في تَخطِّيها الصعوبات التي كانت متوقعة لها في هذه الفترة من قبل الكثير من الخبراء.
وتأتي الحرب في أوكرانيا في مقدِّمة العوامل التي غيّرت المُعطى الجيوسياسي لصالح الجزائر، تليها في مرتبة ثانية التبدُّلات الحاصلة في الشرق الأوسط وبخاصة عودة الانتفاضة الفلسطينية التي بَيَّنَتْ هشاشة الوضع الداخلي للكيان الصهيوني الذي زعم انتقاله إلى مرحلة الضغط بكل الوسائل لإرغام كل المنطقة على الانصياع لمنطق التطبيع الجديد في نطاق ما سُمِّي بـ”صفقة القرن”.
بالنسبة للعامل الأول، أربكت الحرب في أوكرانيا الحلفَ الغربي بقيادة الولايات المتحدة واليمين الليبرالي في أوروبا، وإن بدا ظاهريا متماسكا ضد روسيا، وبدل أن يستمرّ في سياسته الساعية إلى إعادة رسم خارطة المنطقة في نطاق الثورات المُلَـوَّنة، بات خائفا على نفسه من انعكاسات الحرب في أوكرانيا على استقراره الاقتصادي وأمنه القومي.

ولأوّل مرة يجد الحلفُ الغربي نفسَه غير قادر على القيام بعمليات عسكرية كالتي كان يقوم بها في العراق وأفغانستان وليبيا وسوريا ويُهدِّد بها غيره من البلدان العربية والإسلامية وباقي دول العالم. لقد بات واضحا أن الردع العسكري الروسي أكبر من أن يغامر الغرب بالدخول في مواجهته. ولم يبق أمامه سوى السلاح الاقتصادي الذي أشهره بهستيريا واضحة ضد روسيا من دون جدوى إلى حد الآن.

ومَكَّنَ هذا الواقعُ الدولي الجديد الكثير من البلدان الإفريقية والآسيوية، ومن بينها الجزائر، من استعادة زمام المبادرة إن في سياستها الداخلية أو الخارجية. لقد ارتفعت قيمة ورقة الطاقة لدينا مثلا وبخاصة الغاز الطبيعي بشكل لم يكن متوقعا قبل أشهر قليلة، وبدل أن ينفد احتياطي الصرف كما كان متوقعا له هذه السنة، ها هو يرتفع تدريجيّا وقد تجاوز سعرُ برميل النفط المائة دولار. كما ارتفعت القيمة الجيو إستراتيجية لبلدنا بشكل غير مسبوق من حيث مكانتها في البحر المتوسط وأهمية الموقف الذي تتخذه في حالة توسُّع دائرة الصراع الروسي الغربي إلى أبعد من أوكرانيا خاصة في دول الساحل وشمال إفريقيا.
وفي جانب آخر، تحَوَّلَ ما كان يُعدُّ نقطة ضعف في السياسة الخارجية الجزائرية بالنظر إلى موقفها من التطبيع مع الكيان الصهيوني، إلى عكسه تماما؛ لقد كشفت المقاومة المتجدِّدة في فلسطين ضد الاحتلال حدود سياسات التطبيع وتناقضَها الجوهري مع تطلُّعات الشعب الفلسطيني، والأهم من ذلك بَيَّنت أن هذه السياسات ليست ذات آفاقٍ مستقبلية البتّة، بل تسير عكس منطق تطوُّر الأحداث تماما وبخاصّة عودة جيل ما بعد أوسلو الفلسطيني إلى مطالب التحرير والاستقلال ووحدة الهُويّة الفلسطينية، رافضا الخضوع لمنطق الإذلال الصهيوني والرِّضا بالحدّ الأدنى مما تَمُنُّ عليه به سياسة الخنوع والتطبيع الزائف ..
كل هذه المعطيات بدأت تؤثر اليوم تأثيرا جوهريا في الطريقة التي سيتشكّل بها العالم في العقد الجاري.

وفي انتظار تحرُّكٍ صيني مرتقب لاستعادة تايوان وتنامي عوامل تفكك الاتحاد الأوروبي، في العقد الحالي، فإن مستقبل الدور الجزائري يتعاظم وبإمكان بلدنا بالفعل أن يحقق مكاسبَ سياسية واقتصادية وأمنية كبيرة تحمل إشاراتٍ واعدة بمستقبلٍ أفضل لبلدنا ولوجهة نظرها في السياستين الداخلية والخارجية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!